نسمع باسمه كثيراً في الأخبار، خاصة عند الحديث عن استيلاء المستوطنين على عقارات فلسطينية في القدس المحتلة. "آريه كينج". يعني اسمه الأول "آريه" بالعبرية "الأسد"، و"كينج" بالانجليزية تعني الملك، وفي السياق الذي نتحدث فيه، يبدو أنه له من اسمه نصيب، فهو "أسد الاستيطان" في القدس المحتلة، أو كما يُسميه المقدسيون "عرّاب الاستيطان".
ولد "آريه كينج" عام 1979 لعائلة هاجرت من انجلترا، انخرط في جيش الاحتلال الإسرائيلي وعمل في سلاح البحرية الإسرائيلية، وأنهى خدمته كمستعرب. درس العلوم السياسية ودراسات الشرق الأوسط في الجامعة العبرية في القدس.
يسكن آريه (39 عاماً) في مستوطنة "معاليه هزيتيم" المقامة على أراضي حي راس العامود في القدس، مع زوجته وأولاده الست. عُرف بنشاطه الذي لا يهدأ في الاستيلاء على العقارات الفلسطينية شرقي القدس المحتلة والذي بدأ تقريباً في نهاية تسعينات القرن الماضي.
نشط في جمعية "إلعاد" الاستيطانية، وعام 2006 طرح فكرة ترميم المقبرة اليهودية في جبل الزيتون في القدس المحتلة، وتسجيل وتوثيق أسماء المدفونين فيها، ونجح لأجل ذلك في تجنيد المئات من طلاب المدراس اليهودية الدينية.
وفي عام 2008، أقام "آريه" "صندوق أراضي إسرائيل / هكيرن لأداموت يسرائيل"، وأعلنها جمعية تسعى لشراء أراضي "إسرائيل" الواقعة بأيدي العرب أو بأيدي اليهود الذين يمكن أن يبيعوها لعرب.
يقول الموقع الإلكتروني الخاص بالصندوق إن "الخطر يكمن في كون دولة "إسرائيل" دولة ديموقراطية، وهذا يعني أنه يمكن لأي شخص في العالم أن يتملك فيها كما يشاء، ولكن ذلك يعني أن المزيد من العرب وغير اليهود يتملكون فيها".
ويعرض الموقع الحل لهذا "الخطر" بتشجيع اليهود من الإسرائيليين وغير الإسرائيليين على تملك العقارات و"استعادة أرض إسرائيل إلى يد اليهود. يخاطب اليهود قائلاً: "بيتاً بيتاً، قطعة قطعة، صندوق أراضي إسرائيل يضمن أن تبقى أرض إسرائيل في أيادي الشعب اليهودي للأبد. انت كذلك، يمكنك أن تأخذ جزءاً في هذا الدرب العظيم".
وفي وصفه لآريه كينج، يقول الموقع أنه تفطن إلى أن "يهود الشتات" هم أكثر من يرغبون في أخذ دور فعال في "استعادة أراضي إسرائيل". يؤكد هذا "التفطن" أن الموقع الإلكتروني الخاص بالصندوق متوافر باللغة الإنجليزية فقط، وأن الموظفين في الصندوق يجب أن يتقنوا اللغة الإنجليزية، باعتبارها متطلباً أساسياً للعمل فيه، بما أن زبائن الصندوق الرئيسين هم من الناطقين باللغة الإنجليزية، كما يخبرنا الموقع نفسه.
ينشط هذا الصندوق في مدن مختلفة في فلسطين المحتلة من شمالها إلى جنوبها، ولكن نشاطه يشتد أكثر شرقي القدس، وفي أحياء بيت حنينا، رأس العامود، بيت صفافا، والشيخ جراح، وغيرها. ويعتبر "كينج" الذراع التنفيذي للمليونير الصهيوني الأمريكي موسكوفيتش الذي يموّل الكثير من عمليات الاستيطان في القدس. ومؤخراً، يحاول "كينج" السيطرة على أراضٍ فلسطينية تقع في منطقة E-1 معتبراً أياها "مساحة الأرض الوحيدة المتوافرة في القدس للبناء اليهودي".
منذ عام 2004 و"كينج" يُقدم التماسات للمحاكم الإسرائيلية في محاولة للسيطرة على أراضٍ شرقي القدس. وقد قدّم في الماضي التماساً للمحكمة العليا الإسرائيلية ضدّ السلطات الإسرائيلية الرسمية بادعاء أنها "مهملة في إنفاذ السيادة الإسرائيلية على أحياء شرقي القدس". كما رفع دعاوي حسمت لصالحه ضدّ جريدة "هآرتس" وحركة "السلام الآن" بادعاء التشهير به والتكذيب على لسانه.
وقد أعلن "كينج" صباح الأحد الماضي (16.06.2013) عن نيته الترشح لرئاسة بلدية الاحتلال في القدس التي ستجري نهاية العام الجاري، وكان قبلها بحوالي شهر قد حث الإسرائيليين في القدس على التصويت لرئيس بلدية "يميني". وكان "كينج" قد ترشح لانتخابات البلدية ممثلاً عن "الاتحاد الوطني" بالاشتراك مع قائمة حزب "البيت اليهودي" قبل أربع سنوات، وترشح في المركز الرابع في قائمة حزب "عوتصماه ليسرائيل" ضمن انتخابات الكنيست الأخيرة.
وقد نشر "كينج" عبر صفحته على الفيسبوك في الثالث من حزيران الجاري إنه سيشهد في جلسة محكمة إسرائيلية لإخلاء 15 عائلة فلسطينية من منازلها المقامة على مساحة 4400 متر مربع، دون أن يحدد موقعها أو أسماء العائلات المهددة بالإخلاء. وانتقد "كينج" في منشوره على الفيسبوك سياسة حكومة الاحتلال الإسرائيلي تجاه ما أسماه بناء العرب غير المرخص في القدس، و"استرجاع الأملاك اليهودية"،موضحاً أن اليهود قرروا اتخاذ زمام الأمور بأيديهم".
"آريه كينج" لا يكتفي بالذهاب للمحاكم الإسرائيلية لمطالبتها بإخلاء علائلات فلسطينية، ولا يكتفي بتزوير الأوراق والبحث عن عائلات يهودية كان لأجدادها عقارات في القدس، ولكنه يتواجد في الميدان بشكل شبه يومي، يوزع أوراق المحكمة بيده إلى العائلات الفلسطينية ويصورهم وهم يستلمونها "كيلا يدعوا أنهم لا يعرفون- كما يقول"، ينشر اعلانات يطلب فيها متطوعين "أقوياء" للمساعدة في إخلاء البيوت، يبحث بنفسه عن مستوطنين مستعدين للاستيلاء على البيوت المخلاة ويوفر لهم المرافقة القانونية والأمنية.
إنّه "بِحَق عرّاب الاستيطان".