إن ما جرى ويجري اليوم بحق الأسرى الفلسطينيين، هذه الشموع التي تحترق لتضيء طريق الحرية، ومواصلة احتجازهم واعتقالهم، في أجواءٍ صعبة ومأساوية، بحيث لا يستطيع الإنسان العيش أو الاستمرار في الحياة ضمن هذه الأجواء، والظروف التي ترسم وتوضع خططها التدميرية من قبل طواقم متخصصة في ظل ظروف مأساوية، اضطر خلالها عشرات الآلاف من الأسرى الفلسطينيين والعرب تحمل أسابيع متواصلة بل أشهر عديدة يرزحون تحت التعذيب وسياط جلادي الاحتلال في أقبية التحقيق، ويتجرعون القهر سنواتٍ عديدة على أيدي السجانين في غرف السجون، فهؤلاء الأسرى المجاهدون الذين حملوا معانات شعبهم وأمتهم وهمومها أخذوا على عاتقهم الدفاع عن حقوق شعبهم التي أقرها القانون الدولي، وحماية كرامته وصيانة حريته، رغم الظروف التي يعجز اللسان عن وصفها وتدمي القلب وتدمع العين، في محاولة النيل من إرادة وكرامة الإنسان، وإمعانٍ من المحتل في ممارسة أحقاده ونازيته، ما زالت الحركة الفلسطينية الأسيرة تسطر أمثلة إنسانية فيها معاني البطولة والصبر والثبات في وجه المحتل.
ففي الوقت الذي تمضي فيه دول العالم الحديث عن طريق إنفاذ ميثاق حقوق الإنسان، وترتقي شعوبها نحو المزيد من التحضر والانفتاح على الديمقراطية والعدالة والمساواة، يعيش شعبنا الفلسطيني أسوأ ظروف إنسانية يشهدها الإنسان المعاصر، وتمارس ضده أقصى وأبشع الجرائم والانتهاكات، التي ستبقى وصمة عار في وجه المجتمع الدولي ومنظماته الساكتة على ظلم الاحتلال وجرائمه ضد شعب مدني أعزل.
وقائمة الانتهاكات طويلة جداً لا إحصاء لها، ولا نبالغ إذ قلنا بأن المبادئ التي تحتكم لها إدارة سجون الاحتلال في تعاملها مع المعتقلين الفلسطينيين تنص على أن لا حقوق لهم، والقاعدة انتهاكات بلا حدود، فيما لا وجود لأوجه مقارنة أو تشابه ما بين الواقع المرير، والنصوص الجميلة التي تتضمنها المواثيق الدولية.
فقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ليست قضية رقمية فهم أناس لهم مشاعر وأصحاب قلوب ولهم أهل وأحبة، ومأساتهم المتواصلة حيث تصاعدت الهجمة في الآونة الأخيرة بقسوة بشكل غير مسبوق، وربما تكون الأشد والأقصى منذ عقود طويلة، من خلال منظومة من الإجراءات والقوانين التعسفية التي تعتبر بمجملها انتهاكات فضه للقانون الدولي الإنساني ولمجمل الاتفاقيات الدولية (لا سيما اتفاقية جنيف)، بل وفي بعض الأحيان تصعد إلى جرائم حرب.
برغم كل ذلك فإننا نؤمن بأن القضية الفلسطينية غالية وغالية جدًا وأهم ما فيها قضية المسرى (المسجد الأقصى) والأسرى، فالقدس والمسرى والأسرى هي قضايا مباركة وغالية وثوابت لا يمكن التخلي عنها.
فيجب على الجميع أن يعمل بكافة الوسائل من أجل نصرتهم والعمل للإفراج عنهم وبلورة إستراتيجية وطنية فلسطينية للتحرك على أساسها لنصرة قضيتهم على المستويات المختلفة السياسية والإنسانية والإعلامية.
وكذلك العمل على فضح وتعرية الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى وأهلهم أمام الرأي العام الدولي، وبوسائل الإعلام المختلفة وملاحقة الاحتلال قانونيًا في المحاكم والمحافل الدولية لانتهاكاتهم بحق الأسرى وخاصة محكمة الجنايات الدولية.
التأكيد على رفض ومحاربة فكرة خصخصة قضية الأسرى (أسرى الضفة، القدس، غزة، الجولان، أسرى العرب … أو الانتماء السياسي… الخ) لأن قضية الأسرى قضية جامعة غير مشتتة ويجب التعامل معها على هذا الأساس والعمل على توفير الدعم المادي لهم ولذويهم من خلال كفالات لعوائل الأسرى وكفايتهم وإعادة الرواتب المقطوعة فورًا لكل الأسرى.
بقلم النائب المبعد عن القدس، والأسير المحرر أحمد عطون