شبكة قدس الإخبارية

فارس أبو حسن... اعتقال محامي الأسرى في يوم الأسير

99
رولا حسنين

نابلس- خاص قدس الإخبارية: "لقد كانت لحظات صعبة جداً علينا ونحن نوّدع زوجي المحامي فارس أبو حسن، ونحن ندرك أنه ذاهب للأسر وإمضاء عام ونصف فيه، والتهمة الدفاع عن الأسرى، فمحامي الأسرى أصبح أسيراً في يوم الأسير"، بهذه الكلمات عبرت السيدة غدير المصري عن لحظات تسليم زوجها  نفسه للاحتلال لإمضاء محكومية تراها العائلة بأنها ظالمة وقاهرة.

تعود غدير في ذاكرتها إلى عام 2014، حيث داهم الاحتلال منزلهم واعتقل زوجها المحامي فارس (51 عامًا)، واتهمه بالتعامل مع منظمة محظورة من شأنها الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بمنحى قانوني، عبر مكتب لمؤسسة التضامن الدولي لحقوق الانسان منذ عام 1993.

وجرى الإفراج آنذاك عن أبو حسن بكفالة مالية باهظة، مع فرض الإقامة الجبرية عليه لمدة عامين، فلم يكن مسموح له الخروج من منزله إلا ساعة واحدة، الأمر الذي كان يشكل عبئاً نفسياً عليه، تقول زوجته.

وتابعت في حديثها لـ"قدس الإخبارية"، "لاحقًا فرضت الإقامة الجبرية عليه ليلاً، أي كان يسمح له بالخروج من المنزل بشرط العودة له والمكوث فيه طوال الليل، مع تأجيل مستمر للمحاكم الصورية التي كان الاحتلال يماطل فيها في سبيل تحطيم معنويات أبو حسن وعائلته.

وأوضحت المصري: ليس سهلاً على زوجي فارس الذي أمضى 21 عاماً من عمره وهو يدافع عن الأسرى، أن يصبح اليوم هو الأسير، ولا أعلم إن كان اعتقاله في يوم الأسير مصادفة أو مرتب لها من الاحتلال ليوصل رسالة أن المدافعين عن الأسرى سيصبحون أسرى في يومهم السنوي، في محاولة بائسة لتحطيم معنويات الفلسطينيين خاصة في مناسباتهم الوطنية.

وفي التفاصيل، أشارت زوجته إلى أن آلية اعتقاله تمثلت بقيام الاحتلال بحظر مؤسسة التضامن التي كان يعمل معها المحامي فارس قبل أسبوع فقط من مداهمة مكتبه واعتقال طاقم المكتب، وذلك ليبرر اعتقاله بتهمة التعامل مع مؤسسة محظورة لدى دولة الاحتلال.

محاولة لإخماد صوت القانون

من جهته، رأى المختص في قضايا الأسرى رأفت حمدونة، أن هذه القضية هدفها ضرب الروح النضالية لدى الفلسطينيين، خاصة الذين يقومون بالدفاع عن قضية الأسرى وهي قضية وطنية وانسانية وأخلاقية بامتياز، مضيفًا "الاحتلال دائماً يعمل على إخماد كل صوت يحاور العالم بلغة القانون، ويظهر مدى مغالاة الاحتلال في اختراق القانون الدولي بشأن أسرى الحرب، فجاء اعتقال أبو حسن لإسكات صوته، ومحاولة انتقام من النخب الفلسطينية التي تتعامل بروح القانون والكلمة العالمية".

وأضاف في حديثه لـ"قدس الإخبارية"، تكمن خصوصية حالة المحامي فارس، في كونه محاميًا كان يدافع عن الأسرى، وبات اليوم يعيش حالة الأسير بكل معانيها، ويمارس عليه التعذيب النفسي، بسبب انتمائه لقضية إنسانية وأخلاقية ووطنية، فهو الآن بحاجة لمَن يدافع عنه.

ومن جانبه، قال الصحفي أحمد البيتاوي والذي كان يعمل في مكتب مؤسسة التضامن الدولية، إن استهداف الاحتلال للمحاميين والصحفيين الذين يناصرون قضية الأسرى، هو استهداف واضح للحركة الأسيرة، لأنه يعلم أن قضية الأسرى لها بٌعد اعلامي ينعكس على الشارع الفلسطيني ومن شأنه أن يحركه، وجانب حقوقي من خلال الترافع عن الأسرى في محاكم الاحتلال وإيصال صوتهم عبر القانون للمؤسسات الحقوقية الدولية، خاصة وأن مؤسسة التضامن كانت تقدم سنوياً تقريراً يوضح انتهاكات الاحتلال في مجلس حقوق الانسان.

وأضاف أن الاحتلال باستهدافه لمؤسسة التضامن، أفقد نحو 13 فلسطينياً عملهم القانوني والصحفي، ما يعني أنهم باتوا بلا عمل، عدا عن اعتقالهم وفرض إقامة جبرية عليهم وغرامات مالية باهظة، كل هذا كان له أثرٌ سلبي وبصورة كبيرة على العاملين في مؤسسة التضامن سابقاً.

وشدد البيتاوي على أنهم ما زالوا يلاقون صعوبات كبيرة في حياتهم العملية، خاصة في ظل مواصلة الاحتلال إغلاق المؤسسات الحقوقية أو الإعلامية.

وكان الاحتلال حكم على المحامي أبو حسن بالاعتقال لمدة 18 شهراً، بدأ تنفيذها في السابع عشر من نيسان الجاري، حيث سلّم نفسه للاحتلال لإمضاء الحكم الصادر ضده، بعد مرور 5 سنوات من التسويفات والتأجيلات والمماطلات في المحاكم، بدعوى التعامل مع مؤسسة محظورة لدى الاحتلال، وكان قد حكم على المحامي محمد العابد من أراضي الـ48 بالسجن 7 أعوام بذات التهمة ومصادرة آلاف الأموال.