تعتبر الأخلاقيات الإعلامية أهم المرتكزات الرئيسية التي تقوم عليها مهنة الصحافة، فنزاهة الإعلامي أمر مهم لتحديد هدف المهنة التي يعمل بها، فهي تقوم على خدمة شريحة كبيرة من أفراد المجتمع من خلال تزويدهم بالمعلومات والحقائق التي تشكل رأي عام لديهم حول قضية تمس حياتهم.
فالأخلاق الإعلامية تقوم على مرتكزين أساسيين؛ الأول: ضمان نشر أخبار صحيحة بحيث لا يحصل بها أي تلاعب أو تزوير، أما الثاني: ضمان وجود صحفيين مهنيين أصحاب نزاهة وشفافية وحمايتهم من تعرضهم حياتهم للتهديد لكي لا يحدث أي تحريف للأخبار والتأثير السلبي على قرارهم في القضايا الصحفية وموادهم الإعلامية التي قد تحرج الحكومات في مجتمعاتهم.
وهنا نذكر أهم المبادئ والقيم الأخلاقية للعمل الإعلامي التي يجب على الصحفي أو المؤسسة الإعلامية التحلي بها ووضعها نصب أعينهم لتكون الرسالة المراد توصيلها للجمهور ذات هدف واضح ويستطيع من خلالها تكوين رأي عام حول قضيا ما وهي:
1. الصدق: يجب على الإعلامي أو الصحفي أن يتمتع بهذه الصفة في كسب ثقة الجمهور المتابع والمشاهد أو القارئ للوسيلة الإعلامية التي يعمل بها لذلك يجب عليه أن يكون صادقاً في نقل الأخبار والأحداث سواء كانت أخبار أو تحقيقات أو مقابلات فالصدق هو المحور المهم والأساسي في الوصول إلى الحقيقة.
2. الحيادية والموضوعية: فهذا يتطلب من الصحفي تحري النزاهة والدقة أثناء عمله وألا يكون متحيزاً لأي طرف من الأطراف وعليه أن يقوم بنقل الأحداث والصور كما هي دون تحريف أو تزيف.
3. الشعور بالمسئولية: يجب على الإعلامي أن يتحمل مسئولية صحة أخباره ومعلوماته المستخدمة في هذ الأخبار، مراعياً المسئولية الاجتماعية وأخلاقيات المهنة فيما يقدم.
4. احترام كرامة الإنسان: بحيث لا يتعدى أو يتجاوز الصحفي حريات الأخرين وكشف أسرار بيوتهم ما لم تكون قضية تعني المجتمع كالجرائم أو استخدام أساليب الخداع والغش الابتزاز أو التلاعب مثل (التسجيل، أو التصوير غير القانوني).
5. توخي الدقة والإجادة: من خلال تجنب الوقوع في الأخطاء اللغوية في المواد الإعلامية المنشورة.
6. عدم الانحياز: يكون هذا من خلال كتابة الموضوعات بموضوعية والفصل بين رأي الكاتب وعاطفته من جهة وما يكتبه من جهة أخرى، فالصحفي ناقل للخبر وليس مصلحاً اجتماعاً أو طبيباً نفسياً.
وفوق كل ما ذكر سابقاً فيجب على الصحفي احترام الحقيقة فمن حق الجمهور الحصول عليها وهي من أولى واجبات الصحفي، ومما يتطلب منه التركيز على إعطاء المعلومات التي هي من حق الجمهور أكثر من التركيز على مصالحه سواء المادية أو المعنوية التي قد يحصل عليها من مؤسسته، كما يجب على الصحفي مراعاة تحري الصدق في جمع ونشر الأخبار إضافية إلى الحق في التعليق والنقد العادل عليها.
كما يجب عليه أيضاً عند نقله للخبر أن يكون مبنياً على الحقيقة التي تؤكد علمه بأصل الخبر ومما يدفعه لعدم إخفاء الحقائق والوثائق الأصلية المتعلقة بالخبر، وعليه أن يستخدم طرق عادلة وشفافة في الحصول على الأخبار والصور والوثائق المصاحبة له، وفي حال وجود أخبار نشرت بطريقة غير دقيقة أو بها خطأ يجب عليه أن يبذل قصاره جهده لتصحيح المعلومات التي نشرت.
ومع تزايد انتشار وسائل الإعلام سواء كانت المرئية أو المسموعة أو المكتوبة نحتاج إلى مواثيق أو قوانين تحكم هذا العمل لتحافظ على الثقة المتبادلة ما بين الوسيلة الإعلامية وجمهورها.
ولأن الأخلاقيات جزء مهم في العمل الصحفي للحصول على سبق تريد الوسيلة الإعلامية الظهور به يجب أن يعتمد هذا السبق على مصدر موثوق يضيف إلى الخبر مصداقية يجذب انتباه المشاهد أو السماع أو القارئ لهذا الخبر أو السبق الصحفي.
للأسف هناك في عالمنا العربي من الإعلاميين من يستخف بعقل المشاهد فيناقش مواضيع لا ترقى لمستوى الاهتمام من أي من شرائح المجتمع، وفي بعض الأحيان وأنت تقلب في الرموت كنترول الخاص بالتلفاز تجد برامج معُدة مسبقاً وكأن الموضوع الذي سيتم مناقشته في هذه البرامج يتم بناءً على تعليمات من الدولة وكأنه هذه البرامج عبارة عن خطبة جمعة يتم تحديد مواضيعها.
والهدف من هذا الاستخفاف بالمشاهد هو حرف أنظاره عن القضايا التي تهمه أو فشل الحكومات في تلبية مطالبه واحتياجاته التي تمس حياته اليومية والاجتماعية والعملية والاقتصادية.
فالجمهور دائماً يبحث عن الصورة والأخبار والبرامج ذات المصداقية العالية سواء كانت سياسية أو رياضية أو اقتصادية فالجمهور نوعان:
• نوع يحب الشيء الموجز ولا يهتم بالتفاصيل فيريد الحصول على الخبر دون إنقاص الحقائق الخاصة بالخبر مثل الأخبار (السياسية والرياضية).
• نوع ثاني يحب التفاصيل مثل الأخبار (الاقتصادية، والبورصة) لأن هذه الأخبار لها جمهورها الذي يريد أن يطلع على هذه الاحصائيات والأرقام لبني عليها خططه واستثماراته.
وأيضاً من الأخلاقيات الإعلامية أيضاً افساح المجال لجميع التيارات السياسية والأحزاب إلى التعبير عن رؤيتهم وأفكارهم وعدم الاكتفاء بوجهة نظر معين وتتبناها الوسيلة دون مراعاة باقي وجهات نظر باقي الأحزاب والاستماع إليهم لتعبير عن أراءهم، كما أن التحيز لوجهة نظر دون الأخرى يعطي نظرة سلبية عن المؤسسة الإعلامية التي تقوم بمثل هذا الأسلوب.
فالتحيز لطرف دون الأخر يضر بسمعة المؤسسة وينشأ بينها وبين جمهورها قطيعة مما يفقدها الصورة الذهنية المُشكلة عنها لدى الجمهور والثقة التي كسبتها على مرة السنين في فعل غير مدروس فهذا حال كثير من الوسائل الإعلامية في عصرنا الحالي.
فالاحتفاظ بسمعة الوسيلة المتميزة بين الوسائل الأخرى واحترام جمهورها تعتبر هي رأس مال الوسيلة فثقة الجمهور ليس سهل كسبها لكن في نفسه الوقت من السهل فقدها وخسارتها.