حين يتفاخر رئيس فلسطيني بأنه لم يرفض المفاوضات "ولا مرة..."، ويؤكد بأنه متمسك بها حتى آخر رمق!
ماذا عسانا نقول؟؟؟
حين يتوجه لمحافل دولية المفروض أنها تؤمن بأحقية الإنسان بالحياة بكرامة، ولكنها تحصر نفسها بقراراتها بقوى عظمى لا تعرف إلا مصالحها السياسية والاقتصادية، فكيف للكرامة أن تقوم؟ أو كيف للحياة أن تكون؟
أنا كغالبية الفلسطينيين في الوطن والشتات، وإن لم يُعَبّر بعضهم أو غالبيتهم عما سأقول، نحن اليوم قد فقدنا إيماننا بكل ما هو سياسي فلسطيني!! نحن أو أنا إن لم نكن نحن، بتنا ندرك أنّ لا حلاً سياسيا سينصفنا!!
نحن نفعل التالي:
منذ 1948 وحتى اللحظة ونحن في نكبة مستمرة! قتل وتهجير قسري ولا مراعاة لحقوق الإنسانية، لا حياة كالحياة! ولكننا نحيا! نحن نحيا بالأمل! لو فقدناه لاختفت فلسطين من ذاكرة العالم أجمع!
نحن لا نحيا لأنّ رئيسًا يخطب في أروقة دولية! ولو كنا نحيا لهذا لسمعنا خطابه على الأقل!!
ونحن لا نحيا لأنّنا كباقي البشر نبدأ يومنا بالحياة! فغالبية أيامنا تبدأ إما بشهيد أو أسير، وإن كان الوضع أفضل قليلاً فإنها تبدأ بأزمة خانقة على حاجز توقف كافة مناحي حياتنا وتغرقنا بؤسًا فوق البؤس!
ورغم كل هذا وذاك، نحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا!
لا يهمني خطاب رئيس أو سياسي أو دبلوماسي في أروقة العالم أجمع، خطاب برأيي مجرد كلام عابر سيمر مثل ما مرّ غيره!
ترتقي الشعوب وتتحرر حين تؤمن بنفسها، وحين يرى كل مسؤول بأنه مُطالَبٌ ومجبور بحكم مسؤوليته على تحقيق مطالب شعبه!
ما فائدة خطابات لا تسمن ولا تغني من جوع! خطابات تُكتَب فقط لتسدّ فراغات في جدول مواعيد المحافل الدولية!
ما فائدة التمسك والحرص على مواكبة مسلسل المفاوضات المحكوم على فشله منذ أول مرة؟ لماذا تحرص السياسة الفلسطينية على شيء وتعتبره كأساس حياة، في حين يؤخره الاحتلال على جدول اهتماماته!
لماذا إظهار النية الحسنة في وقت لم تعد لها أهمية! نعم كل العالم قد عرف قلبنا الأبيض ونيتنا الحسنة، ولكن ماذا بعد!!! ماذا استفدنا؟؟
استفدنا، أقصد خسرنا مزيدًا من الشهداء والأسرى والجرحى والبيوت المسلوبة والمهدمة، وتهجير قسري مستمر، ومنع وتقييد وخنق لحرية الحركة وحق التنقل! ومزيدًا من الاعتداءات على الفلسطينيين والأماكن المقدسة والمحمية بموجب قوانين المحافل الدولية التي تزورها يا سيادة الرئيس!!
أعود وأكمل خطاب الرئيس الأخير في مجلس الأمن، وكشابة فلسطينية يمكن لي أن أقول له أنّ في مثل هذه المحافل الدولية لا فائدة ولا مصلحة ترجوها من إظهار حس الفكاهة ومحاولة إبهارهم بجمال روحنا الفلسطينية! فمثلاً بحسب كلامه عن أنّ مجلس الأمن هو أعلى هيئة أممية معنية بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين "وفش فوق حدا..انتو الي فوق!!"، و " ليس بعدكم إلا سدرة المنتهى!!" لم يضحك على هذا أحد سوى الوفد الفلسطيني نفسه!! وكأنّ غالبية البقية قد فهموا مثلاً ماذا قال ممازحًا!!
الأكثر من ذلك هو أن ترجوهم ليساعدونا ويساعدوا أنفسهم!! أنت غادرت مجلسهم وأنت تدرك أنّ مثل هكذا خطاب لن يؤثر سوى بشحذ همم من رافقوك!
وإن هددتهم، أيعني ذلك أنهم سيتأثرون؟ أم أنهم سيحققون مطالبك العادلة!!
لقد أخرجوك وأخرجوا شعبك من أراضيهم وبيوتهم، أسيصعب عليهم اليوم إخراجك من أروقتهم بالقوانين الدولية التي تغنيت بأرقامها!!
لماذا المزيد من الخطابات في مكان لن نحصل فيه حتى على قرار واحد ينصفنا!
فبمجرد الوجود الأمريكي هناك، أنت واثق بأنه لو صوتت معنا كل بقاع الأرض ولفظتنا أمريكا قولاً وقرارًا فلا قرار يُصادَق عليه! ولا عدل يتحقق!
بدلاً من تضييع وقتك هناك، الشعب هنا أحق بمصاريف سفرك واهتمامك!
فلو حققت ملايين القرارات وحللت مشاكل الفلسطينيين جميعها، ولم تجدنا بعدها!! فما فائدة هذه الحلول والقرارات!!
لتعي أنّ مزيدًا من البعد عن الفلسطينيين الذين ليسوا بسياسيين ولا دبلوماسيين ولا مقربين، يعني أنّك اليوم لا تحكم سوى نفسك وهؤلاء!!
الأرض وحق العودة والتمسك بالثوابت الوطنية صانها الفلسطينيون الصامدون في كل مكان في عالم غير عادل لقضيتهم، ولم يصنها فقط خطابات تذهب كلماتها أدراج الرياح بعد أن تُنطَق!!
فتمسك بنا قبل أن تتمسك بأرقام القرارات الدولية وبالمفاوضات مع الاحتلال!