حاول البعض المقرب من أنظمة الحكم العربي، التهرب من سماع تسجيلات الضابط المصري في توجيهه للاعلامين في قضية الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان، محاولة إغفال الأمر والابتعاد عن سماع التسجيلات، تأتي في سياق التهرب من الاقرار بالجريمة المقترفة ضد مصر والأمة حين خرج بعضٌ انتسب للوطنية والقومية مهللًا للانقلاب الذي جاء بالسيسي رئيسًا لمصر بالدعم والتمهيد، والتخطيط، والترتيب المشترك مع الاحتلال الصهيوني.
نزعة الكراهية "للاسلامين" من البعض في الأمة، قوضت فرصة نهوض في حالة العرب، لن يكررها الزمن كثيرًا وهنا أشير للافرازات التي كانت قد تنتج عن الربيع العربي. هذه المقدمة كان لا بد منها لتصحيح مسار في عقول انحرفت وقد تبحث عن تصويب، برغم إدراكي أن نزعة الكراهية غالبة حتى لو كان التحالف مع الشيطان نفسه.
لنعود لتسريبات الضابط الممثل لتوجه النظام السيسي حول القدس والأنظمة و حماس، ليتبين منها جملة من المتغيرات أهمها:
أولًا: التحول البنيوي للدولة المصرية من دولة التابع إلى دولة الأداة الرخيصة في الحرب على القضية الفلسطينية.
ثانيًا: حجم التفصيل الذي عليه الأنظمة العربية في الدور المتآمر على قضايا الأمة ومنها القدس.
ثالثًا: الارتباط الوثيق بين الأنظمة والكيان في الحرب على الأمة والمقاومة العربية وعلى رأسها حماس.
رابعًا: الجهوزية التي عليها الأنطمة العربية في حرب ذاتها وقتل قواها بالتحالف مع الاستعمار في الارض العربية.
خامسًا: العلاقة الوثيقة بين بنية الدول العربية والاحتلال خاصة نظام السيسي مما يؤهله ليكون أحد أذرع الاحتلال الطويلة في الأرض العربية.
سادسًا: استعداد مصر السيسي تسوية في الملف الفلسطيني تتجاوز القدس والضفة الغربية، لقبول دولة أقل من غزة والضفة.
سابعًا: تماهي العرب مع مخططات خطيرة تجاه بنية العالم الإسلامي الأمر المشاهد في سوريا وقطر، العراق ليبيا اليمن وفلسطين.
ثامنًا: الحرب على حماس باتت من صميم عمل الأنطمة الرسمية العربية وخاصة المصري منها.
تاسعًا: حماس باتت مطلوبة الرأس من قبل المنظومة العربية، وتداخلات داعش، وبعض التصرفات هنا وهناك تفصيل في صورة المخطط الإجمالي.
عاشرًا: موقف مصر من المصالحة يعبر عن رؤية متكاملة في سياق خنق غزة وضرب ببنية حماس فيها.
هذه النقاط تعد بعضا مما يمكن استنتاجه من مكالة الاستخدام للاعلام المصري في المعركة على الأمة في ملف القدس، لذلك قد يأتي البعض ليقلل من التسريب وليضعه في سياق اجتهادات عسكري.
للرد على هذا الاستنتاج، فقط يمكن متابعة الاعلام المصري والسعودي، والاماراتي ليجد المتابع البسيط، ان النسق العام في الخطاب والتحرير يعبر عن وحدة في المضمون، بل تجد وحدة في مفردات الاستخدام بين المسؤول والاعلام ومخرجات القمم لوزراء الخارجية العرب، التي تناولت القدس، في العام 2018 باتت الحرب على الأمة واضحة الأركان: الكيان، الولايات المتحدة، بعض من أوروبا ثم دولة العرب وكيل التنفيذ من خلال أنظمتها.
هذا الواقع يجعل الخيارات أمام الأمة ضيقة، لكن في ذات الوقت يجعلها امام مهمة التغيير الواجب، كون الاستمرار يعني الهلاك.
أما على الصعيد الفلسطيني: الرسالة موجهة للطيف الفلسطيني بكليته، ماذا أنتم فاعلون؟ ما هي وجهتكم؟ ما هي رؤيتكم؟ بقاء الرأس في الرمل يعني الهلاك في ظل خيانة مرتبطة بمشروع زاحف لفنائكم.
أختم مقالي بتعليق الاعلام الصهيوني على التسريبات، إذ أحصيت بعضا منها لكن كان الأهم ما تحدثت به القناة الثانية قائلة" سلوك النظام العربي كان معروفا، كون مصر والسعودية والامارات والأردن، كانوا يعرفون ما سيكون وبعضهم مطلع على أكبر مما هو كائن، ترتيبات المنطقة لن تسمح لهذه الأنظمة الوقوف على تفصيل صغير في القدس كما قال وزير خارجية البحرين".