شبكة قدس الإخبارية

صواريخ غزة.. تمهيد لحالة فراغ أمني أم رسائل سياسية محدودة؟!

هيئة التحرير

غزة – خاص قدس الإخبارية:  خلال الأسبوعين الماضيين شهد قطاع غزة إطلاق عدد غير بسيط من الصواريخ تجاه المدن والبلدات المحتلة عام 1948، مقارنة مع الواقع القائم منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع صيف 2014.

وتكررت عمليات إطلاق الصواريخ بشكل ملحوظ دون أن يجري عمليات ضبط لها كما كان يجري في السابق، حيث يجري بشكل شبه يومي إطلاق صاروخ أو صاروخين، على الرغم من تهديد الاحتلال المتواصل والقصف الذي أسفر في بعض الأحيان عن استشهاد عناصر من المقاومة كما جرى في أحد المواقع التابعة لكتائب القسام والذي أدى لارتقاء عنصرين من عناصرها.

ويرى مراقبون أن السبب الرئيسي هو ما يجري في القدس المحتلة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الاعتراف بالمدينة عاصمة لدولة الاحتلال، عدا عن حالة الفراغ الذي يشهده القطاع بعد تسلم حكومة الوفاق مهامها بغزة وعدم تنفيذ اتفاق القاهرة الموقع في أكتوبر المنصرم.

ولا يستبعد البعض لجوء حركة حماس إلى جانب من جوانب الفراغ عبر إطلاق هذه الصواريخ لتحقيق أهداف سياسية وإيصال رسائل لبعض الأطراف مع المحافظة على عنصر التهدئة قائما لتجنيب القطاع حربا جديدة لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني.

موقف حماس

بدوره، قال القيادي في حركة حماس وعضو المجلس التشريعي عن كتلتها البرلمانية يحيى موسى، إن حركته لا تستطيع منع أي فلسطيني من العمل المقاوم وكذلك لا تستطيع أن تعمل شرطي لخدمة المصالح الإسرائيلية الخاصة في الوقت الذي علينا تحمل مسؤولياتنا وتقديم الخدمات.

وشدد موسى في حديثه لـ "قدس الإخبارية" حالة الفراغ الأمني والإداري غير واردة على أجندة حركة حماس، لكن هذه الحالة من الممكن أن تنشأ في ظل ما يعيشه القطاع حاليا وعدم التزام حكومة الوفاق بمسؤولياتها تجاه غزة لا سيما الرواتب والمصاريف التشغيلية وغيرها، وهذا من شأنه خلق حالة التفكك في الجسم الإداري والوصول لحالة من الفوضى.

وتابع القيادي في حركة حماس قائلاً: "عدم تولي الحكومة مسؤولياتها ومهامها سيؤدي لحالة من التفكك وحالة من الفراغ، وبالتالي كله سيتوجه ضد الاحتلال"، محملاً في الوقت ذاته المسؤولية الكاملة للاحتلال كونه السبب الرئيسي في معاناة الشعب الفلسطيني.

وأكد موسى لـ "قدس الإخبارية" على أن حركته تعتبر الاحتلال هو من يتحمل المسؤولية وهو سبب التضيق وهو سبب كل ما يجري لا سيما في حالة الانقسام، لأنه أحد العوامل التي تدفع الرئيس محمود عباس نحو عدم الوفاء بالاتفاقيات وخصوصًا الرواتب، لأن الاحتلال يخضعه لضغوطات تخيره بين العلاقة معه وبين العلاقة مع حماس، حسب قوله.

ضبط لقرار السلم والحرب

من جانبه، شدد القيادي في حركة فتح يحيى رباح على أن المطلوب خلال الفترة الحالية هو ضبط قرار السلم والحرب والاتفاق على كل شيء في هذا الجانب بين الفصائل الفلسطينية، داعيًا إلى ضرورة التركيز على التصدي لقرار ترامب بشأن القدس.

وقال رباح لـ "قدس الإخبارية" إن قرار السلم والحرب يجب أن يكون مشتركًا، وتعزيز مبدأ القانون والواحد والمؤسسة الواحدة والسلاح الواحد، مشيرًا إلى أنه منذ قيام الثورة الفلسطينية المعاصرة في 1965 كان يجري التنسيق المشترك بين مختلف الفصائل الفلسطينية حول هذا الأمر.

وعن رأي حركته فيما لو أقدمت حركة حماس على تنفيذ حالة من الفراغ الأمني، أكد القيادي في فتح أنه ورغم الخلافات إلى أن الشعب الفلسطيني اعتاد أن يكون عقلانيا ووطنيا، مشيرًا إلى أهمية توحيد المؤسسات بشكل مشترك بما يضمن مشاركة الجميع وتمثيل حقيقي لمختلف الأطراف.

مستوى عقلاني

في السياق، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة ناجي شراب أن المستوى الذي شهدته غزة خلال الأيام الماضية من إطلاق الصواريخ يؤكد عدم حضور خيار الحرب على أجندة حماس وهو خيار عقلاني لا سيما في ظل حالة الانتفاضة القائمة حاليا.

واستبعد شراب في حديثه لـ "قدس الإخبارية" لجوء حركة حماس لحالة الفراغ الأمني لاسيما وأن المؤسسة الأمنية القائمة حالياً لا بديل عنها خصوصاً وأن هناك منظومة متكاملة وليس بسهولة قيام ذلك وإحداث حالة الفراغ في منظومة الأمنية بغزة.

ورأى أستاذ العلوم السياسية أن حالة الفراغ الأمني يضر بشكل أساسي حركة حماس وحركات المقاومة ككل، بالإضافة إلى الشارع في غزة، ومن شأن هذه الحالة أن تحدث إرباكا في السلم الاجتماعي، معتبرًا أنه من غير المقبول اللجوء لمثل هذه الطريقة لما لها من أضرار.

وعن عمليات إطلاق الصواريخ الأخيرة التي شهدها القطاع، أكد شراب أنه يأتي في سياق ترسيخ خيار المقاومة وهو ما يصعب وقوف الحركة التي تسيطر على الجوانب الأمنية ضدها لا سيما في ظل حالة الغضب الواسعة في أعقاب قرار ترامب بشأن القدس.

وتابع: "إسرائيل تعلم جيدًا أن قطاع غزة في هذا الجانب تحت مسؤولية حماس كونها الحركة الأكثر قوى وفعالية ومن يقدر على الحرب حماس ومن يستطيع ضبط الحدود هي الحركة ذاتها"، منوهًا إلى أن إطلاق الصواريخ يتم بعيدًا عن المصالحة الفلسطينية

ووصف شراب الصواريخ التي جرى إطلاقها في القطاع مؤخرًا بأنها تعبر عن حالة الرفض بشكل عام للواقع القائم، وهي محدودة ولا تشكل تهديدًا وما يقلق إسرائيل الصواريخ ذات النوعية والكفاءة والقدرة، مؤكدًا على أن حماس لن تلجأ لخيار الحرب حاليًا.

خيار الفراغ قائمًا

من جانبه، لم يستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة حسام الدجني أن يشهد القطاع حالة من الفراغ لا سيما في الشق الأمني وعلى الحدود في حال لم تقم حكومة الحمد الله بمسؤولياتها تجاه الغزيين أو لم تعمل على تنفيذ بنود اتفاق المصالحة.

وقال الدجني لـ "قدس الإخبارية" إن هناك علاقة قائمة بين الصواريخ وملف المصالحة والواقع القائم في القدس بشكل عام، خصوصًا وأنه في حال استمر فرض الإجراءات ولم تقم الحكومة بواجباتها سيدخل القطاع في حالة فراغ ولن تجد الأجهزة الأمنية بغزة قدرة على ضبط الحدود كونها لا تجد رواتب أو مصاريف تشغيلية.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن هذا السيناريو بمثابة سيناريو سيء وغير مقبول من أي طرف وبالتالي المطلوب من القيادة الفلسطينية والمحيط العربي والمجتمع الدولي الضغط على السلطة لتحمل مسؤولياتها لضمان عدم انفلات الأمور في غزة والدخول في حالة من الفوضى.