شبكة قدس الإخبارية

السعودية: تفاصيل ليلة القبض على الملياردير صبيح المصري

هيئة التحرير

الرياض - قدس الإخبارية: كشفت صحيفة "القدس العربي" الصادر في لندن أن تفاصيل الليلة الأخيرة للملياردير الفلسطيني صبيح المصري ابن مدينة نابلس مغادرته للعاصمة السعودية الرياض، كان في ظاهرها زيارة عمل خاصة، ولكنها بعد عدة ساعات تتطابقت العديد من المصادر في الأردن والسعودية على أن المصري بات رهن الاعتقال على شبهات بالفساد داخل السعودية ضمن الحملة التي تشنها ما تسمى "حملة مكافحة الفساد" والتي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وبينت الصحيفة أنه وفي تلك الليل انشغل المصري بإبلاغ نخبة من أقرب المقربين له برسالتين، في الأولى؛ قال المصري: "صحيح، هذه الزيارة الأولى لي بعد ما سمي بـ”حملة مكافحة الفساد” وشبهة احتجاز الحريري لكن السعودية بلدي وزيارتي قصيرة، ولا يوجد إطلاقا أي استدعاء لي، ولدي عمل ولا أشعر بأية مشكلة أو تردد أو أي شيء يجعلني أتردد أصلا".

أما في الرسالة الثانية؛ فحاول المصري “طمأنة” العاملين معه وكبار قادة “البنك العربي” الذي يترأس مجلس إدارته، وأصدقائه الشخصيين على أساس أنه سيلتقيهم جميعا مساء الأربعاء الماضي في عمّان حيث كان المصري وجه أصلا رقاع الدعوة لنخبة عريضة من الشخصيات المهمة لـ “عشاء خاص” في العاصمة عمّان.

غادر المصري إلى الرياض مبتسما وواعدا المقربين بتناول العشاء معهم بعد أيام، أي يوم الأربعاء تاريخ 12- 12- 2017 متجاهلا نصائح خبيرة بالتريث وعدم السفر.

وبحسب الصحيفة فقد انغمس الرجل في هذه الأثناء في الشرح: "لديّ مصنع وشركة ومصالح محدودة في القطاع الخاص بالسعودية ولا تربطني أي علاقة مباشرة ماليا بالقطاع العام، ولم يسبق لشركاتي أن حصلت على عطاءات… القصد من هذا الخطاب الإيحاء بعدم وجود ما يبرر توقيف الرجل أو حتى خضوعه لأي استجواب ثم طمأنة الناصحين.

بعد عصر الأربعاء الماضي تلقت الإدارة العليا في “البنك العربي” اتصالا هاتفيا من رئيسها المصري يقول: "لن أستطيع الحضور…عليكم إلغاء العشاء".

لاحقا فهمت التفاصيل الإجرائية: غادر المصري إلى الرياض بمحض إرادته وعلى أساس عدم وجود أي صلة بين مؤسساته واستثماراته في السعودية والقطاع العام.

ترأس الرجل اجتماعا لمجلس إدارة شركة يملكها في السعودية وأجرى بعض مقابلات العمل وتوجه إلى المطار في طريقه إلى بيروت من أجل زيارة عمل قصيرة جدا في طريق عودته إلى عمان، وقبل وصول سيارة المصري إلى لمطار بدقائق فقط، تلقى اتصالا هاتفيا من شخص مجهول أبلغه أنه يمثل “جهة أمنية”… طلب من المصري ركن سيارته على الشارع العام ومرافقة سيارة دورية أمنية ستصله فورا.

في الأثناء قيل للمصري: تستطيع إجراء اتصالين هاتفيين فقط، فهم المصري أنه أصبح “معتقلا” وأجرى اتصالين هاتفيين فقط أبلغ في الأول الإدارة العليا للبنك العربي ثم شخصا قريبا جدا منه.

بعد ذلك فقد الاتصال تماما مع المصري ولا تعرف عائلته أو مكتبه أين يوجد الآن وسط معلومات غير مؤكدة بأنه انضم لعشرات رجال الأعمال المعتقلين في فندق "الريتز" الشهير.

انتشر النبأ وسط معالم الصدمة في أوساط كبار المسؤولين الأردنيين… صرح أحدهم فورا بالقول: "الجنسية السعودية أصبحت لعنة على من يحملها من رجال الأعمال".

وذكرت الصحيفة انه "بعد وصول النبأ للمؤسسات المرجعية صدرت توجيهات عليا بإجراء اتصالات وفهم ما يجري، وبسرعة صنفت مؤسسات سيادية وعميقة اعتقال السعودية لرجل الأعمال الأبرز في الأردن حاليا باعتباره “ضربة تحت الحزام” ليس للمصري فقط ولكن للأردن نفسه، خصوصا بعد سياقات أزمة القدس والخلاف الأردني السعودي ومؤتمر إسطنبول.

وفي ظل هذه التفاصيل، طرحت الصحيفة السؤال: لِماذا ينمو شعور الأردن بمثل هذا الاستهداف؟ على أحد أكبر السياسيين الأردنيين فأجاب: "اسم المصري لم يرد في أية وثيقة لها علاقة بالتحقيقات في السعودية، والرجل لا يعمل مع "عطاءات" حكومية سعودية وغادر مختارا، والأهم أنه يدير اليوم أهم مؤسسة مصرفية عالمية مقرها في الأردن وتدعم بقوة، الاقتصاد الأردني.

وقالت الصحيفة إنه وبناء على هذه المعطيات لا يمكن اعتبار خطوة من هذا النوع خارج سياق السعي لمعاقبة الأردن وفلسطين سياسيا واقتصاديا، فالمصري ليس مجرد رجل أعمال يحمل الجنسية السعودية وينشغل بالعمل السياسي بل هو أكبر رجل أعمال سعودي الجنسية، ويحمل الجنسية الأردنية، ومن أصل فلسطيني، ويدير البنك العربي صاحب التاريخ الكبير في فلسطين والأردن معا.

وأشارت الصحيفة إلى أن المصري كشف أمام أصدقاء أردنيين مؤخرا خطته بنقل استثماراته كلها أو معظمها للأردن، ويتحدث عن رغبته في أن “يتقاعد وينهي حياته ويدفن” في الأردن إلى جوار فلسطين، وقالت: "يبدو أن تسرب ذلك سبب كاف للانقضاض على الرجل من حكام السعودية اليوم".

وقالت الصحيفة: "إن المسألة لها أبعاد وتداعيات أعمق مما تبدو؛ فالمصري "صديق مقرب" من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ومن رموز الدولة الأردنية جميعهم، وبدأ يخطط فعلا لنقل فعاليات البنك العربي من الولايات المتحدة، وهو المصرفي ورجل الأعمال الذي تمكن بذكاء حاد قبل ثلاث سنوات من تطبيق برنامج "أردنة" البنك العربي، وبقائه لحماية القطاع المصرفي في الأردن بعد مشروع سعودي لبناني أحبطه المصري لنقل البنك ومقره الرئيسي.

وأضافت الصحيفة أن المؤسسة الأردنية تكظم غضبها الشديد بعد اعتقال المصري من الشارع العام، لكن الشارع في حالة صدمة وذهول، والمخاوف مبررة على سعي سعودي محتمل لإيذاء الاقتصاد الأردني، بعد استهداف ممثل الذراع المالية الأهم للقطاع المصرفي الأردني.