شبكة قدس الإخبارية

فيديو| "زقاق الموت" .. حين حرّر 3 فدائيين الخليل لساعات

هيئة التحرير

الخليل- قدس الإخبارية: يصادف اليوم الأربعاء 11/15 ذكرى عملية وادي النصارى، "زقاق الموت" التي نفذها أبطال سرايا القدس، الذراع المسلح للجهاد الاسلامي في مدينة الخليل بالضفة الغربية عام 2002، والتي قتل فيها القائد العسكري الصهيوني في منطقة الخليل وهو برتبة عميد و13 آخرين من الجنود والضباط الصهاينة.

وتأتي ذكرى هذه العملية في وقت تتوالى فيه ضربات المقاومة في الأراضي الفلسطينية كلها، و الخليل على وجه الخصوص رداً على ما تقوم به قوات الاحتلال من جرائم يومية بحق الأبرياء من أطفال و نساء و شيوخ، و اعدامات ميدانية و تدمير للبيوت الآمنة، حيث سجلت الخليل حضوراً هو الأكثر من بين المدن و المحافظات الفلسطينية في العمليات النوعية التي استهدفت المستوطنين و قوات الاحتلال في المدينة و القرى المجاورة لها.

تفاصيل العملية

فقد استطاع الأبطال الثلاثة، ابناء سرايا القدس، "ولاء سرور وأكرم الهنيني، و ذياب المحتسب أن يصنعوا "جحيما"، حسب الوصف الصهيوني عندما نفذوا واحدة من أشد العمليات الفلسطينية دقة وحسن تخطيط. وتمكنوا من زعزعة أمن الاحتلال والاستيطان في منطقة هي الأشد حراسة في الأراضي الفلسطينية، أي في "الحي اليهودي" القريب من منطقة أبو سنينة الخاضعة للسيطرة الصهيونية، و استطاعوا شن هجوم فاجأ الصهاينة على نطاق واسع ودفعهم خلال ساعات للحديث عن "حرب حقيقية" تخيلوا فيها النيران "من كل الاتجاهات".

وقد أجمعت مصادر الاحتلال على أن الكمين كان مدبرا بشكل بالغ الدقة، وقد اختار الفدائيون البدء أولا بإطلاق النار على مسيرة اعتيادية استفزازية لمجموعة من مستوطني "كريات أربع" باتجاه الحرم الإبراهيمي ليلة السبت، وفي العادة ترافق هذه المجموعة قوة كبيرة من الجيش وحرس الحدود، ولأن هذه المسيرة تجري تحت حراسة مشددة جرى الاعتبار ان البدء بها يتيح للمهاجمين تضليل القوات الصهيونية واستهدافها في موضع آخر.

واختير لذلك معسكر الجيش الواقع على الطريق المؤدية من الخليل الى مستوطنة "كريات أربع"، حيث تدفع قوات العدو حال وصول بلاغ عن عملية بتعزيزات لتطويق المنطقة المستهدفة، وهكذا كان الهدف الرئيسي من العملية قوة الإسناد، التي انطلقت من معسكر الجيش قبل ان تكون متأهبة، وفي الموضع الذي لم تكن تتوقعه، واستهدف الهجوم وحدة القيادة من اللحظة الأولى.

وبعد ان فتحت النار باتجاه مجموعة المستوطنين وحراسهم ابتدأ الاشتباك الأولي الذي سرعان ما تمدد نحو الاشتباك الجوهري مع قوة الإسناد، واستهدف المنفذون قوة الإسناد بالقنابل اليدوية والرشاشات إضافة الى رصاص القناصة.

ووصفت المصادر العسكرية الصهيونية الكمين الذي نصب لقوة الإسناد بأنه "جحيم" حقيقي. وفي هذا "الجحيم" وقعت أغلب إصابات الجنود وفي مقدمتهم مقتل قائد لواء الخليل، العميد درور فاينبرغ.

وأظهر الفدائيون في العملية إضافة الى الدقة في التخطيط جرأة كبيرة في التنفيذ. إذ أفادت المعلومات بأن كل الاشتباكات جرت من مواقع قريبة اعتمد فيها المنفذون ليس فقط على إطلاق النار والقنابل وحسب، وإنما على الهجوم كذلك.

وفي لحظة من لحظات المعركة اعترف ناطق عسكري صهيوني باحتلال المجاهدين موقعا عسكريا صهيونيا قبل ان تبدأ الطائرات والدبابات الصهيونية باستخدام قذائفها لحسم المعركة التي استمرت بشكل متحرك في البداية ما لا يقل عن ساعتين من الزمن قبل أن تنحسر نحو التحول الى معركة قلاع إثر تخندق المجاهدين في عدد من البيوت.

ووصف أحد الجرحى لإذاعة جيش الاحتلال ما جرى بقوله: "فجأة رأينا النيران من كل الاتجاهات، نيرانا من اليمين ومن اليسار، ومن كل حدب وصوب، لم أعرف إلى أين أتجه، استلقيت أرضا، ثمة مصابون هنا بجروح بليغة، إنهم ينفذون مجزرة، وهم يعرفون بالضبط كل ما نفعله".

ووصف المراسل العسكري للقناة الإسرائيلية الكمين بأنه "مخطط بدقة لتنفيذه على المحور الرئيسي بين كريات أربع والمسجد الإبراهيمي". واضطر من يسمى قائد المنطقة الوسطى الجنرال موشيه كابلينسكي الى الوصول الى المنطقة وتولى سوية مع قائد الفرقة قيادة القوات الصهيونية العاملة في مدينة الخليل.

واعتبر معلقون إسرائيليون أن حركة الجهاد انتهجت هنا خطًا تكتيكيًا مباغتا. فمقابل الضغط الذي تعرضت له في منطقة جنين ومخيمها، وهي المنطقة التي تعتبر معقلها الأساسي، قامت بالإعداد لعملية بالغة الدقة "غير متوقعة ومفاجئة جدا" في مدينة كالخليل. وفي معرض تبرير ما وقع أشار هؤلاء المعلقون إلى أن الشاباك يوجه في هذه المنطقة أنظاره نحو قوى أخرى.

السرايا أعلنت مسؤوليتها

وأعلن الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين الدكتور رمضان عبد الله شلح في ذلك اليوم في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية مسؤولية سرايا القدس التابعة للحركة عن العملية.

كما أكد الدكتور رمضان في حديث عبر الهاتف مع محطة المنار الفضائية في حينه، تعليقا على العملية «الرسالة واضحة والعملية تستهدف الجيش والمستوطنين بالتحديد وهي تقول انه طالما هناك احتلال واستيطان وعدوان متواصل على الشعب الفلسطيني فالمقاومة مستمرة بكل الوسائل والاشكال وفي كل مكان وهذه المقاومة مشروعة ولا يستطيع أحد في العالم ان يناقش مشروعيتها».

وأضاف «لقد أثبتت حركة الجهاد الاسلامي ومجاهدوها الابطال قدرة المقاومة على تطوير نفسها وعلى مفاجأة العدو في المكان والزمان والاسلوب .. وان العدو عندما يغتال قائدا او كادرا هنا او هناك فهو لا يستطيع ان ينهي مشروع المقاومة لأنه مشروع شعب بأكمله ومشروع امه بأكملها».

وأكد أن العدو عندما يجتاح مدينة نابلس او جنين ويعتقد ان هذه المناطق تختصر الشعب الفلسطيني، وبحصاره لها يمكن ان ينهي المقاومة، فهو واهم وعليه ان يراجع حساباته».

وقال «اليوم الشعب الفلسطيني والمجاهدون في الخليل قالوا للعالم كله ان هناك لغة غير لغة الاستجداء وغير لغة التوسل للالتفات لنا وللنظر الى حقوقنا ومطالبنا وما يتعرض له أطفالنا وأهلنا».

و لفت إلى ان المنفذون قالوا بلغة واضحة وقوية ان هناك لغة اخرى وهي لغة المقاومة ولغة الدم والرصاص وهذا هو الطريق الصحيح الذي سلكته كل الشعوب الحرة ويصر الشعب الفلسطيني على سلوكه بمجاهديه واستشهادييه وبإرادته.

عائلات المنفذين

الحاجة أم زياد قدمت اثنين من أبنائها شهداء، أحدهم أحد أقمار عملية واد النصارى الاستشهادية ولاء, ولحق به شقيقه أحمد (21 عاماً) بعد 19 يوماً خلال اشتباك مسلح مع جنود في جبال بلدة تفوح إلى الشرق من مدينة الخليل، بعد مطاردة استمرت 7 شهور, واستشهد معه ابن خالته سامي شاور.

تقول “افتقد أبنائي طوال الوقت، لكنني فخورة بما فعلوه، لأنه لا يجدي مع الاحتلال سوى المقاومة، تابعت عملية واد النصارى مثل أي فلسطيني، والحمد لله أن ولاء أحد أبطالها، وكان ملتزم بالدين والدعوة والصلاة بالمسجد، وكان دوما يجمع الأشبال ويربيهم على موائد القرآن الكريم”.

وأوصت لجان التحقيق الاحتلالية التي شكلت عقب العملية التي أسفرت عن مقتل 14 جندياً وإصابة 18 آخرين، بتسريح 3 من الضباط لمسؤوليتهم عن إحداث فراغ قيادي، واعترفت قيادة جيش الاحتلال أن العملية مفاجأة ساحقه للجيش وأجهزته الأمنية، خاصة وأنها وقعت في منطقة تعتبر من أشد المناطق حراسة واحتياطات أمنية.

شهادات الناس

والدة الشهيد ذياب قالت: “في آخر لحظاتي معه قبل استشهاده ترك البيت يوم الثلاثاء بعد الإفطار مباشرة, وقال لي إنه ذاهب ليعتكف فليس عنده دوام جامعي, لقد كان مجتهداً خلوقاً لطيفاً مؤمناً بربه, كانت علاماته عالية بتقدير ممتاز، ونال الشهادة الربانية والحمد لله”.

من جانبه قال أبو أكرم : “لقد تفاجأت باستشهاد ابني في العملية المعجزة في الخليل، حيث لم تكن تظهر عليه أية ملامح تشير إلى أنه يعمل مع المقاومة، إلا أنني والحمد لله فخور بما قدمه ابني، وأرجو من الله أن يمكن المجاهدين من دحر الاحتلال عن كامل أرضنا الفلسطينية”.

ويروي الشاب صالح جابر (32 عاماً) من الخليل: “والدي يتكلم اللغة العبرية بطلاقة، كان يترجم لنا لغة الجنود ويقول لنا أسماء القتلى وعددهم، أصاب الجنود الجنون لأنهم لم يتمكنوا من تحديد مواقع المجاهدين ومعرفة عددهم، كانت عملية عظيمة ومحكمة لا زلت أتخيل أصوات الرصاص وصراخ الجنود لليوم”.

كما ويعلق الشاب رياض سامي (38 عاماً) من بلدة سعير على العملية بالقول: “كنت اسمع أصوات رصاص العملية من بلدتي، فتحت المذياع وتابعت بشوق ولهفة أنباء العملية البطولية التي هزت كنيست شارون وجنوده واستيطانه المحصن بكل فرح وسرور، وآثار الحزن والانكسار تهيمن على الكيان الذي سيزول بسواعد المقاومة”.

ويضيف “سيبقى اسم واد النصارى ملحمة فلسطينية كبرى، بعد انتهاء العملية نثرنا الحلوى في الشارع، وصفقنا فرحاً وفخراً بإرادة الفلسطيني التي لا تقهر وهو يكسر خوذة جنود الاحتلال رغم بساطة وشح الإمكانيات، وأطلقنا الألعاب النارية في سماء البلدة احتفالاً بالنصر المؤزر على تحصينات الاحتلال”.

من الجدير ذكره أن ثلاثة من استشهاديي سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وهم المهندسين المجاهدين الشهداء، أكرم عبد المحسن الهنيني (20 عاماً) وولاء هاشم داود سرور (21 عاماً) وذياب عبد المعطي المحتسب (22 عاماً) قد نفذوا كميناً محكماً في عملية نوعية أطلقت عليها قوات الاحتلال اسم عملية “زقاق الموت”.

سيظل صدى عملية واد النصارى يتردد من جيل لآخر، وسيبقى الخامس عشر من نوفمبر موعد مجابهة مع أكثر العسكريين تدريباً وتسليحاً في جيشٍ وصفه المتخاذلون بـِ “الجيش الذي لا يقهر”، ومقاومو الشعب الجبار يمضون بسكاكينهم البيضاء وسياراتهم المضادة للخوف والموت نحو تحرير فلسطين من بحرها لنهرها.

[gallery type="slideshow" ids="131933,131932,131931,131930,131929,131928,131927" orderby="rand"]