الخليل- خاص قُدس الإخبارية: منذ سنواتٍ طويلة، تعيش عائلة الأسير موسى محمد حلايقة من بلدة الشيوخ شرق مدينة الخليل وجع انتهاكات الاحتلال بحقهم من صغر أحفادهم وصولًا إلى ربّ الأسرة الذي جعل الحكاية مختلفة.
ففي السابع عشر من تموز 2005، اعتقلت قوات الاحتلال "أبا القسام" بتهمة الانتماء لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وتشكيل خلايا عسكرية وإطلاق نار، خضع على اثرها إلى 72 محكمة وأصدر الحكم بحقه بالسجن 22 عاماً حينها تلقى الخبر مكبراً مردداً "اللهم ان لم يكن بك علينا سخطاً فلا نبالي" وسجد لله شاكرًا.
داخل السجون أنجز الأسير "أبا القسام" الثانوية العامة داخل السجون، وأكمل الشريعة الإسلامية داخل السجون من الجامعة الإسلامية بغزة،
لم تعد كلمتي "اعتقالات ومداهمات" عابرة بالمرّة عند زوجته أم القسام، فمنذ عام 2005 لحظة اعتقاله، والمسلسل يكرر نفسه، حيث استمر الاحتلال بالمداهمات الليلية وتفتيش المنزل ، ليتكرر الأمر مع نجليها "مجد وقسّام"، ففي عام 2012 كان الاعتقال الأول لمجد وهو طالب في جامعة القدس، وفي 2013 كان اعتقال قسام حيث مكث عامين داخل سجون الاحتلال على بند الاعتقال الإداري.
جبهة حرب
وأوضحت أم القسام في حديثها لـ"قُدس الإخبارية"، أنه في ليلة القدر التي كانت توافق 13 تموز 2015، داهم الاحتلال المنزل لاعتقال نجلها مجد في المرة الثانية، وبعد أشهر قليلة من الإفراج عنه، حيث جرى تدمير محتويات المنزل وتخريبها.
وأضافت، "بعد يومين فقط، وفي ليلة العيد، حاصرت قوات الاحتلال المنطقة والطيران حلّق أعلى بيتنا، فلم يسلم قسام من الاعتقال للمرة الثانية كذلك، شعرت حينها بأن جبهة حرب اندلعت في المنطقة، ومرّ العيد وقد حرمني الاحتلال من زوجي ونجليّ الاثنين".
ومن المواقف التي لا تنسى، بحسب أم القسام، هو وصول محمد الابن الاصغر إلى البيت بشكلٍ مفاجئ، فأطلق الجنود الرصاص الحي عليه وأصابوه على الفور، مضيفة "كان من أصعب المواقف عليّ، كيف سأقف على قدميّ وأيام القسام وأبنائي مجد وقسام في السجون، وابني محمد مصاب في المستشفى، هكذا مرّ العيد".
بعد الاعتقال بأسبوع بدأت قوات الاحتلال بشكل أسبوعي بمداهمات ليلية وتفتيش المنزل بما يقارب الشهر حيث كانوا يحتجزوني وبناتي بغرفة داخل المنزل ويقوموا بتفتيش دقيق داخل المنزل.
الغائب الحاضر
"كان أبو القسام غائب عنا جسديًا ولكنه حاضر في حلنا وترحالنا وفي كل أمور حياتنا، فكل خطوة نمشيها لهُ رأيٌ فيها من إدارة البيت ومستقبل الأبناء والبنات، لم يحالف الحظ أبا القسام في صفقة شاليط كما هو حال مئات الاسرى ولكن نأمل في كل لحظة بفضل الله أن يتم الإفراج عن جميع الأسرى في صفقة مشرفة تعمل على تبيض السجون"، تقول أم القسام.
أمّا قسام فيروي في حديثٍ معه عن اعتقال والده، "قررت أن أسد مكانه حيث لم أكن اتجاوز 14 ربيعاً حينها، تركت مقاعد الدراسة والتحقت بالعمل لأملئ لو بشيء بسيط الفراغ الذي أحدثه الوالد، مضيفًا "لكنني لم أسلم من الملاحقة بعد بلوغي فاعتقلت لدى الأجهزة الأمنية عام 2013 مكثت في مقراتها 20 يوماً وبعد الخروج بـ11 يومًا اعتقلت لدى الاحتلال في سلسلة من التهديد للعائلة والتي كان قبلها بعام اعتقال أخي مجد الذي يصغرني سناً".
ويضيف لـ"قُدس الإخبارية"، عندما وُجهت لي لائحة التهم تفاجئتُ بأنها تطابق التهم الموجهة لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتضمنت تحت ملف سري"
وعن لحظة اعتقاله لدى الاحتلال، يقول قسّام، "حاصرت قوات الاحتلال المنزل وتم اقتيادي للمستوطنة القريبة من البلدة مشي على الأقدام وأثناء الانسحاب أطلق الجنود النار على أخي الصغير وأصابوه، واعتدوا عليّ بوحشية أثناء اعتقالي ورمييّ على الأشواك، عندما وصلنا وضعوني الجنود خلف الجيب مقيد ومعصب العينين حيث كانوا يشغّلون الجيب ليخرج كلّ الدخان بوجهي مما أصابني بحروق في وجهي.
"لن أنسى هذا التاريخ ما حييت 17 تموز، ليس للاعتقال نفسه ولكن لأنّه يصادف ذكرى اعتقال الوالد" يقول قسامن مضيفًا "الواحد صار يحب يروح على السجن مش حب بالسجن صار يحب يروح حتى يلتقي بالوالد، لأنه محرومين الزيارات بدواعي أمنية".
وعن المشهد الذي لا ينسى، يقول قسام "كان موعد اللقاء، هذه المرة داخل السجون حيث سمح لجميع العائلة بالزيارة في نفس اللحظة حيث حظرت أم القسام وبناتها الستة والحفيد الأصغر محمد، وكنت أنا ووالدي أبا القسام وأخي مجد داخل الزنازين والعائلة في الخارج في لقاء جمعنا لأول مرة منذ 2005، شعور لا يمكن وصفه"
في السادس عشر من أيلول الماضي، حضرت قوات من الأمن الوقائي إلى المنزل وسلمتني بلاغ لمراجعة مخابراتها في الخليل في الأول من تشرين أول حيث أخبروني بكلمات "بتيجي الساعة 2:18 دقيقة، الساعة 2:19 دقيقة بزبطش معنا".
وأضاف لـ"قُدس الإخبارية"، في اليوم التالي اقتحمت قوات الاحتلال المنزل الساعة الثالثة فجراً وسلمتني وأخي مجد بلاغًا لمراجعة مخابراتها في "عتصيون"، دهشة بتاريخ التبليغ الذي صادف تاريخ استدعاء الأمن الوقائي فاخبرت الضابط "عندي مقابلة بنفس التاريخ لدى الوقائي"؟ فأجاب "حبيبي هم الساعة 2 واحنا الساعة 10 بتيجي عندنا وبعدين بتروح عندهم، واذا ما اجيت بنعتقلك"!
وعن تفاصيل ذلك اليوم، أوضح القسام، "توجهنا إلى مقر مخابرات الاحتلال في عتصيون صباحاً حيث تم احتجازنا لساعات بعد العصر، انتهت بالتهديد والتعهد بعدم إقامة أي احتفال إسلامي في عرسنا المقبل، حيث كان التبليغ قبل الفرح بـ 4 أيام.
"وفي اليوم التالي قمنا بالتجهيز لإقامة عرسنا أنا ومجد وتمت الأمور على خير، بعد الزفاف بأسبوعين تفاجئنا بحضور قوات الأمن الوقائي للمنزل الساعة 10 مساءً، تم احتجاز هاتفي واعتقالي وبعد 6 أيام أُفرج عني"، يقول القسام.
أم القسام أوضحت بقولها "كان لنجليّ قسام ومجد النصيب في الارتباط بشريكة حياتهم وهم خلف قضبان السجون، حيث كانوا على تواصل معنا ومع الوالد، أما قسّام فيعقّب بالقول "فرحتنا ما بتكتمل إلا بوجود أبو القسام بس مش مهم بنتجاوز كل اشي وبنفرح غصبًا عنهم"