شبكة قدس الإخبارية

لماذا تُستهدف الجهاد الإسلامي؟

أحمد الشقاقي
قدمت حركة الجهاد الإسلامي خلال سنوات الصراع مع الاحتلال أنموذجاً للعمل المقاوم البعيد عن كل حسابات مكاسب السلطة وكراسي الوزارات والمجالس المنبثقة عن الهيئات التي شكلت على إثر أوسلو وأخواتها. السياسة الملتزمة التي واصلتها القيادة السياسية لهذا التنظيم جعلت هذا الأداء السياسي مقبولاً من قبل القواعد الشعبية التي تحترم هذا الخيار وتصفهم بأنهم أصحاب بندقية وطنية تعرف طريقها، وبوصلتهم خارطة فلسطين من بحرها إلى نهرها. تشكل حركة الجهاد حالة وطنية ملتزمة بمبادئها الثورية يجمعها مع أي طرف فلسطين ، تبتعد عنه بقدر ابتعاده عن فلسطين، وتقترب منه بدرجة اقترابه من فلسطين. هذه المعادلة التي قدمتها الجهاد الإسلامي جعلت من موقفها متناسباً مع الهم الوطني الذي يشغل كل فلسطيني في الوطن والشتات. أبدعت في العمل المقاوم وطورت ترسانتها العسكرية وخاضت مع المحتل ولا تزال مواجهات مباشرة بعيداً عن التزامات السياسية، وحافظت دوماً عن علاقتها بنسيجها المجتمعي والجماهيري. لكن شكل الاستهداف من قبل السلطة الفلسطينية يدفعنا للبحث في أسباب هذه الهجوم ودوافعه في ظل اللحظة الحرجة التي تقف على أعتابها فلسطين، وسط حالة الفوضى التي تعيشها سلطة أوسلو وعلاقاتها الوطنية وحتى علاقات الإقليم والعالم. تُستهدف الجهاد الإسلامي بسبب تمسكها بسلاحها ومقاومتها بعيداً عن كل التزامات السياسة. تُستهدف الجهاد كونها حجر عثرة أمام تمرير مخططات صفقة القرن. تُستهدف الجهاد لموقعها المتميز في النسيج الوطني الملتزم بخيار المقاومة والمنفتح على أصحاب الخيارات الأخرى. تُستهدف الجهاد لأنها صاحبة قرار مستقل دافعه المصلحة الوطنية. تُستهدف الجهاد لأنها تفتخر بشهدائها وأبطالها. تُستهدف الجهاد لعلاقاتها مع داعمي فلسطين وثورتها وليس محتليها وداعميهم. تُستهدف الجهاد لرفضها التنسيق الأمني. تُستهدف الجهاد لأنها البندقية والرصاص. تُستهدف الجهاد لأنها تقف مع من يدعم صمود الناس. تُستهدف الجهاد كونها صاحبة رسالة وحدة. أما من فكر بهذا الخيار ورأي في نفسه موقفا من الجهاد فقد ذهب بليل وداخل غرف مغلقة ليهاجم أطهر الناس، أعد جدول أعماله ليهاجم الجهاد والمقاومة ويبحث كيف يطور التنسيق الأمني ويستجدى تصريحاً لمروره على حواجز الاحتلال. ليس من باب العتب على هذا الفريق ولكن هل يعلم أصحاب هذا الموقف أي جريمة يرتكبوها وهم يوغلون في أبناء شعبنا بجرائمهم وهم يقطعون أرزاق الناس ويمنعون الدواء ويحرمونهم السفر ويدعون أنهم قيادة شعب فلسطين. القائد الفلسطيني ليس من خطف الكرسي ووقف المنتفعون أمامه ليوهموه ببطولته، القائد الفلسطيني ليس من وزع جوازات السفر على الفنانين والفنانات وحرمه لمرضى شعبه، القائد الفلسطيني ليس الذي يمنع الدواء عن شعبه ويرسله إلى متضرري العالم. الزعيم الوطني من آمن بقضيته وعدالتها، من يحلم كل يوم بالعودة إلى القدس ويافا وحيفا، من يدرك حجم الآهات التي يكتمها أصحاب الوجع في حواري الوطن من أمهات ثكلى وآباء يصارعون الحياة في ظل قسوتها ومشقتها. إن واقع الانقسام الذي أفرزه مشروع أوسلو يجعلنا نرفضه ويدفعنا للتمسك بوحدتنا الوطنية على قاعدة المقاومة والتمسك بالثوابت الوطنية، وهنا أجد السؤال يفرض نفسه:" لماذا يتهرب أبو مازن من عقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير؟ لماذا لم يلتزم بنتائج اللجنة التحضيرية في بيروت؟ لماذا يذهب نحو عقد المجلس الوطني دون مشاركة حماس والجهاد؟ لماذا يصر على عقده بظلال السيطرة الإسرائيلية؟ لماذا يرفض المقاومة ويقبل الاستسلام؟ لماذا يحتكر القرار ويرفض الآخر؟ إجابات الأسئلة تلخص المشهد وتعطي فريق التسوية حقه، فهم أصحاب الأجندة والتعويل على الأمريكي والإسرائيلي، ولا يعيب برنامج المقاومة أن تتكامل أجنحته مع بعضها لتحقق غايتها في التحرير والانتصار.