اشتعل سفح الجبل، النار تضيء المكان بأكمله، طائرات الأباتشي الحربية الإسرائيلية تعربد في السماء، كل هذا سبقه صوت كثيف لإطلاق النار.
على الجبل المقابل وقبل ساعات قليلة ، كانت سهرةٌ لعريس من بلدة العبيدية، عقلة شنايطة يقود صف الدحية في تلك السهرة ويشاركه خالد شنايطة، انتهت الحفله، الكل عاد إلى منزله. الهدوء يعم ارجاء القرية.
صوت أذان الفجر تزامن مع رنين الهاتف في منزلنا، النار تشتعل في أرضكم اذهبوا لإطفائها. كان هذا الاتصال من عائلة تقيم بجوار الأرض المنبسطه على أطراف البلدة .
أسرعنا برفقة عشرات الشبان من أبناء البلدة، النار أجهزت على جزء كبير من الأرض، رائحة البارود تملأ المكان، لا أحد يعلم تحديدا ماذا حدث، أو مَن أشعل النار .
بما استطعنا من قوة باشرنا إطفاء النار، بعضنا استطاع جلبَ الماء، وآخرون حاولوا عبر رميها بالتراب.
معدات إسعاف أولي إسرائيلي "نجمة داوود الحمراء" وفوارغ لرصاصات من نوع ام 16 تملئ المكان ...بدأت الامور تتضح.
أحد الذين تمكنوا من الوصول إلى وسط البقعه المشتعله صرخ بصوت عالٍ: الله أكبر، الله أكبر، أسرعنا نحو المكان، مضرج بدمائه كان وسط النار ودون أن تلسع جسده المهيب الطاهر، إنه الشهيد عقلة شنايطة، ازداد عدد الحاضرين. لم يبق أحد في بيته، جمهر الجميع حول العرس الشهيد.
الشمس تشرق علينا، لتخبرنا عن بطل آخر من أبطال معركة 18 من آب لعام 200 .. الشهيد خالد شنايطة الذي أرهق الاحتلال في حياته و استشهاده.. هو أيضا لم تتجرأ نار الحقد على المساس به.
في عرس جديد يصدح بالزغاريد والتكبيرات، نقلت جثامين الشهداء إلى منازل أهالي القرية واستقبلت مقبرة الشهداء في بلدة العبيديه طُهر الأجساد .
إنها معركة صمود دامت أكثر من ساعتين، كان دم الحق شاهداً على قدسيتها، و دم المصابين من جنود الصهاينه يُنذر بانتصارات مقبلة.
حدث في مثل هذا اليوم، قبل أحد عشر عاما أن استشهد عقله وخالد أبناء سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، الذيّن طاردا الاحتلال بعد اتهامهما بتنفيذ عمليات عدة ضده، منها إطلاق نار وقتل مستوطن.
عقلة وخالد شنايطة، مرعبا الاحتلال الذي اعتقلهما أكثر من مرة، تمكن خلالها خالد شنايطة من الهرب موجها صفعة قوية على وجه الاحتلال ومنظومته الأمنية.
في سفح الجبل الذي أشتعل تلك الليلة بحب الأرض والوطن، خبأت فلسطينية معمرة مولودة قبل وعد صهيون المشؤوم، خبأت أبنائها عقلة وخالد، غطتهم من برد الشتاء، وفرشت فوقهم ظلها في حر الصيف، معمرة لا زالت شاهدة على النكبة حتى يومنا هذا.
شجرة الزيتون الفلسطينية الإبنة البكر لثورتنا من مطلعها حتى نصرها.. اذهبوا إلى هناك ستجدونها كل يوم صامدة واقفه شامخه تتحدى أعداء الحياة..