لم يكن تصريح ترمب من قلب الرياض وسط عشرات "الزعماء العرب" الذي تحدث فيه عن كون حماس حركة إرهابية، سوى بداية مرحلة جديدة من الحرب أو العدوان ضد قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية ذلك أن حماس تمثل القوة الأبرز بين حركات المقاومة في القطاع.
وليست هذه المرة الأولى التي تتهم فيها الإدارة الأمريكية حماس أو بعض قادتها بالإرهاب، لكن المستجد أن يحدث هذا الكلام ويشهد عليه رؤساء عرب في أرض عربية وإسلامية، الأمر الذي وقفت عنده الصحافة العبرية واعتبرته تطورًا غير مسبوق.
وأصبح الخطاب "الإسرائيلي" يتحدث عن وجود شركاء وحلفاء عرب حقيقيين يشاركونهم ذات الأفكار والتوجهات وهو ما عبر عنه وزير الحرب الصهيوني "ليبرمان" بكل وضوح قبل أيام حين قال: أن ما يجري في المنطقة هو لصالحهم ويخدمهم وأن العرب باتوا يعتقدون مثلًا أن التطرف وحماس هما الخطر وليس نحن.
وخرج بعدها مدير مركز دراسات من جدة على قناة "الإسرائيلية" الثانية محرضًا على حركتي حماس والجهاد الإسلامي ومتوعدًا باجتثاثهم لصالح شرق أوسط جديد، وكنت لربما قد أصدق ولو كذبًا أن هذا اجتهد وتحمس من تلقاء نفسه حتى خرج تصريح وزير الخارجية السعودي الجبير وطالب قطر بضرورة قطع علاقتها بحماس!
نعم إنها نكسة جديدة للعرب في ذكرى النكسة الأولى ولعلها أقسى فطوال عقود لم تستطع الحكومات الاحتشاد لمقاطعة "إسرائيل" اليوم يحشدون أنفسهم لمقاطعة المقاومة الفلسطينية، لأنها ربما تعيق مشروع تحرير فلسطين!
وبعد هذه التصريحات كلها خرج تقرير على موقع "هآرتس" الصهيوني يقول بأن ما يجري في المنطقة يضع حماس في الزاوية ويلمح بحرب قريبة على غزة، وما هذه الشيطنة والتهجم على المقاومة إلا بدايتها.
لم تنتهي الأمور عند هذا الحد حتى خرجت مليشيا حفتر من ليبيا التي تبعد عن قطاع غزة المحاصرة والمغلقة آلاف الكيلومترات لتفتري وتقول بأن كتائب القسام تقوم بالقتال في بلاده وتعرض دليلًا على ذلك ليس جنود ومعدات ألقت القبض عليها ولكن ملف "وورد" ومقطع فيديو استعراضي للكتائب من غزة ومنشور على الانترنت منذ سنوات، وبذلك تبدو مسرحيتهم هزيلة حتى في إخراجها.
ويبدو أن كل ما يجري منظمًا في محاولة لشيطنة المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام، في معركة متكاملة سيهزمها بإذن الله وعي الشعوب وصحوتها، وما يقوم به هؤلاء لن يؤدي سوى إلى فضحهم أمام شعوبهم وسقوط أقنعتهم إلى الأبد.
وكل هذا من أجل تمرير ما تسمى "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية وإعادة ترتيب المنطقة حسب الرغبة الأمريكية الصهيونية، إلا أن قوى الهيمنة تجد في حماس والمقاومة العائق الوحيد أمام هذا التنفيذ وترى أنه بإزالة هذا العائق ستنتهي كل العوائق ولا يدرون أنهم في أفضل النتائج بالنسبة لهم لن يجدوا أمامهم سوى تكرارًا لمشهد أصحاب الأخدود فالذي يصمد ويستشهد على المبدأ يكون استشهاده ميلادًا آخر لغيره من المؤمنين.
لكم أن تخيلوا أن غزة هذه البقعة الصغيرة التي لا تُرى على الخارطة تشكل هاجسًا وقلقًا لكل هؤلاء حول العالم، ويجدونها تهدد وجودهم واستقرارهم مع أنها محاصرة برًا وبحرًا وجوًا لتعلموا كم هو ضعيف وهش هذا الباطل بكل جيوشه وأدواته.
الذين جعلوا محمدًا قائدهم وقدوتهم الله غايتهم وأسمى أمانيهم الموت في سبيل الله، وجعلوا شعارهم النصر أو الشهادة حتى تقطع جنودهم وقادتهم بمتفجرات الصهاينة، ولم يتراجعوا لن يركعوا لغير الله وسيكونون بإذنه الحياة والميلاد لهذه الأمة من جديد وسيكونون بإذن الله أملًا وطليعة الصحوة وشمسًا في سماء هذه الأمة لن تغيب.
المصدر: مدونات الجزيرة