الخليل - خاص قدس الإخبارية: جاء رمضان، وخمسة آباء مغيبون في سجون الأجهزة الأمنية الفلسطينية لم يحضروا كعادتهم السلة الغذائية لأسرهم كما فعل باقي الآباء، ولن يجلسوا مع أطفالهم على ذات المائدة.
في 15 و16 أيار اعتقلت الأجهزة الأمنية الأسرى المحررين من سجون الاحتلال: فراس أبو شرخ، عصام برقان، مروان الرجبي، جميل الجمل، باسم اعبيدو، لتصدر محكمة الخليل قرارين بتمديد اعتقالهم، قبل أن تصدر قرارا أخيرًا بالإفراج عنهم مقابل دفع كفالة مالية بقيمة (300) دينار عن كل واحد.
ورغم قرار المحكمة في مدينة الخليل، إلا أن الخمسة لم يعودوا لمنازلهم، بل نقلوا إلى سجن بيتونيا حيث أصدرت المحكمة قرارا بتمديد اعتقالهم (15) يوما، في مخالفة جسيمة للقانون الأساسي الفلسطيني.
زوجة المعتقل فراس أبو شرخ تروي لـ
قدس الإخبارية أن زوجها استدعي للتحقيق ولم يعد إلى المنزل إذ أبلغت العائلة باعتقاله، وبعد ثمانية أيام من اعتقالهم أصدرت محكمة الخليل قرارا بالإفراج عنه، "دفعنا الكفالة بعد أن ثبت برأتهم، وجلسنا ننتظر عودتهم إلا أنه تم تحويلهم بشكل مفاجأ إلى مركز الوقائي في رام الله رغم قرار محكمة الخليل".
ليست المرة الأولى التي تعتقل الأجهزة الأمنية فراس - الأب لسبعة أبناء - إنما هذه المرة الخامسة التي يعتقل بها الذي قضى في سجون الاحتلال أربع سنوات كما تبين زوجته، "الأجهزة الأمنية في رام الله تحقق مع زوجي والمعتقلين الآخرين على ذات الملف الذي برأتهم منه محكمة الخليل".
فيما تروي زوجة المعتقل عصام برقان، أن عناصر من الأمن الوقائي اقتحموا منزلهم وأخضعوه للتفتيش قبل اعتقال عصام الذي قضى (10) أعوام متتالية في سجون الاحتلال، "بعد أن صدر قرار الإفراج عن زوجي وباقي المعتقلين ودفعنا الكفالة، أبلغنا أنه سيتك الإفراج عنهم بعد ساعتين، إلا أنه وصلنا أخبار نقلهم إلى سجن بيتونيا في رام الله".
وفي رام الله، أصدرت المحكمة قرارا بتمديد اعتقال الخمسة مدة (15) يوما، "ليست المرة الأولى التي يعتقل بها عصام، إلا أن هذا الاعتقال يحمل الكثير من الألم والمعاناة، وأنا أقف عاجزة غير قادرة على إجابة أسئلة أطفالي الخمسة الذين يبحثون طيلة الوقت عن والدهم".
اعتقال الخمسة الشركاء في شركة الأصيل العملاقة، جاء على على خلفية افتتاحهم الفرع الثالث لسلسة المحال التجارية التي تتبع للشركة في مدينة الخليل، إذ وجهت لهم المحكمة تهمة "غسيل أموال"، التي نفتها الوثائق والأوراق القانونية التي قدمها محاموهم.
وسيم الرجبي محامي المعتقلين بين لـ
قدس الإخبارية، شركة الأصيل هي شركة مساهمة محدودة مسجلة لدى مراقب الشركات باسم تسعة أشخاص، إلا أنها فعليا مملوكة لـ (500) شخص، "تم تزويد النيابة العامة بكافة الوثائق والمستندات لتأكيد على أن كافة إجراءات الشركة قانونية ومكشوفة وبميزانية معتمدة حسب القانون"، لافتا إلى أن النيابة العامة ادعت أنها تقوم بدراسة الموضوع ولم تنفي ما أثبتته الوثائق المقدمة للمحكمة.
وبين الرجبي أن نقل المعتقلين إلى سجن رام الله رغم وجود قرار من محكمة الخليل بالإفراج عنهم، هو سابقة خطيرة ومقلقة تخالف القانون الأساسي الفلسطيني، "نيابة رام الله أصدرت قرار تمديد اعتقالهم 24 ساعة، ثم أصدرت المحكمة تمديدهم على ذات التهمة مدة 15 ساعة، وطلبت إحضار ملف من محكمة الخليل".
وأضاف أنه تم تحضير نسخ مسبقة عن ملفات المعتقلين لتقديمها للمحكمة، "نأمل عدم الالتفاف على القانون مرة والإفراج عنهم دون تحويلهم للجنة أمنية".
من جهته، أوضح خليل عساف عضو لجنة حريات لـ
قدس الإخبارية، إن هذا الإجراء غير قانوني وخاصة بوجود قرار من المحكمة ينص على الإفراج عنهم، مبينا أن ذلك فيه مخالفات عديدة للقانون الأساسي، أولها عدم تنفيذ قرار المحاكم هو جريمة يخالف عليها القانون كل من يتهرب من تطبيقها وخاصة مدير السجن.
وأكد على أن تحويل المعتقلين من منطقة إلى أخرى مخالف لقانون الإجراءات الجزائية، إذ يوجد اختصاص مكاني للمحاكم، "المحكمة المختصة صاحبة الولاية بإصدار قرار الاعتقال بهذه الحالة، هي محكمة الخليل، وتحويلهم إلى مدينة رام الله هو اعتقال غير قانوني".
وأضاف، "الإجراء كله باطل وهو مخالف الخاصية للمحاكم، وعدم احترام القانون شيء مستمر وواضح (..) وخاصة بالاستمرار بالتوقيف والاعتقال على ذمة المحافظ دون تقديم المعتقلين للمحاكم".
وبين أن الإستمرار في توقيف واحتجاز المعتقلين هو مخالفة للقوانين الدولية تعرض مرتكبيها لمحاكمات دولية، كما يجوز محاكمتهم محليا، إذ هذه القضايا لا تسقط بالتقادم يجوز اخضاع المخالفين للمحاكمة ومحاسبتهم على الظلم الذي أوقعوه، "هذه جريمة منسوص عليها بالقانون، ولها تعويض جزائي ملزمة السلطة على دفعها".
وعن مواصلة ارتكاب هذه المخالفات للقانون رغم وجود عدد من المؤسسات الحقوقية التي تكتفي بتوثيقها وترفض التصريح للإعلام حول تفاصيلها، يقول عساف، "المؤسسات الحقوقية لا تقوم بدورها، وهناك حالة رضى من المانحين الأمريكين والأوروبين (..) اتهم من يمول الجهات القضائية والتنفيذية، راضي وسعيد بحالة الظلم التي تمارس على البعض بحجة الانقسام".
وأكد على أن المؤسسات الحقوقية لا يجوز أن تسكت عما يدور، ورفضها التصريح للجهات الإعلامية غير مقبول، فيجب أن تقول رأيها القانوني عما يدور، "لمصلحة من يعتقلوا هؤلاء الأشخاص في ظل عدم وجود أي حالة أمنية تستدعي ذلك (..) هذا كله لا يولد إلا مزيد من الكره والحقد يجعلها قنابل مخبئة مرشحة للإنفجار بأي وقت ولن يدفع ثمنها إلا الفلسطينيين، والمستفيد الوحيد سيكون الاحتلال".