شبكة قدس الإخبارية

تدويل قضية الأسرى.. مطلب ترفضه السلطة

هيئة التحرير

فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: أجمع خبراء في القانون الدولي على أن السلطة الفلسطينية مطالبة في هذه الفترة بالتحرك على المستوى الدولي لشرح قضية الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ 36 يوما على التوالي، لتشكيل ضغط دولي على سلطات الاحتلال لمنح الأسرى حقوقهم التي يطالبون بها، والتي كفلتها القوانين والأعراف الدولية.

وأكد هؤلاء الخبراء على أن تقاعس السلطة عن القيام بهذا الدور الذي بإمكانها القيام بها بحكم عضويتها في العديد من المؤسسات الحقوقية الدولية يخضع لاعتبارات سياسية، ويعود لغياب الإرادة السياسية لدى السلطة.

الضغط والتواصل

من جهته، أكد الدكتور رامي عبده رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، على أنه "في الجانب السياسي بإمكان السلطة التواصل مع الجهات الدولية، من منطلق عضوية السلطة في اتفاقيات جنيف، والأسرى بشكل أساسي في القلب من هذه الاتفاقيات، وعليه فإن على السلطة الاستفادة من هذا الموقع".

وقال عبده في حديث لـ"قدس الإخبارية": "السلطة حتى اللحظة لم تقم بأفعال ذات أهمية فيما يتعلق بما بعد انضمامها لاتفاقيات جنيف، ما يجب على السلطة القيام به هو التواصل مع الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، ودعوتهم بناءً على المادة (1) من اتفاقيات جنيف، أن يكفلوا احترام إسرائيل للاتفاقية، خصوصًا فيما يتعلق بالأسرى".

وأضاف، "كما أن السلطة الفلسطينية مطالبة بتدويل قضية الأسرى، والانتهاكات التي ترتكب بحقهم، خاصة وأنه حاليًا ترتكب انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف بحقهم، وهذا ما يدخل ضمن الاختصاص العالمي، وبالتالي كل الدول الأعضاء مطلوب منها أن تقوم بإجراءات حيال ذلك".

أما ما يتعلق بمحكمة العدل الدولية فمطلوب من السلطة على المدى الطويل، بحسب عبده، أن تسعى من خلال الدول العربية الموجودة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتقديم طلب للجمعية العامة حتى تقدم طلب لمحكمة العدل الدولية، بخصوص الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين.

كما بين عبده أن السلطة أيضًا بمقدورها التواصل مع المفوضية الأوروبية خصوصًا في ظل توصيات المفوضية على مدار الأربع سنوات الماضية باستمرار حيال موضوع الاعتقال الإداري (اعتقال مرفوض- الاتحاد الأوروبي يجب أن يعمل على موضوع الاعتقال الإداري ومطالبة إسرائيل بوقفه)، والآن مطلب رئيسي من مطالب الأسرى المضربين عن الطعام هو ما يتعلق بالاعتقال الإداري، وبالتالي على السلطة ضرورة التواصل مع الاتحاد الأوروبي وتفعيل عدد من المسائل مثل الضغط على إسرائيل والمقاطعة

التضامن والتصعيد

في حين يرى المحلل والخبير القانوني الدكتور أسعد عبد الرحمن أن الفلسطينيين مطالبين بالسعي لدى المؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني التي تنادي باحترام حقوق الإنسان لكي تضغط على سلطات الاحتلال من أجل الاستجابة لمطالب الأسرى.

كما بين أن هذا التحرك يجب أن يرافقه التضامن الشعبي مع الأسرى المضربين، بالمسيرات والفعاليات التضامنية، ليصل الصوت إليهم “بأننا معكم” في معركة الحرية والكرامة، وتحريك الشارع الفلسطيني شعبيا وفصائليا من خلال المواجهة وتصعيد الأوضاع للفت الانتباه لقضية الأسرى المضربين.

وأشار عبد الرحمن في مقالة له أن السلطة الفلسطينية يقع على عاتقها أيضا تعزيز التحرك في الساحات الدولية والإقليمية لتدويل قضية الأسرى واعتبارها قضية إنسانية عالمية، والتوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي للحصول على فتوى قانونية حول الوضع القانوني للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، وتحديد المحكمة لالتزامات دولة الاحتلال القانونية تجاه هؤلاء المعتقلين وضرورة إلزامها بتطبيق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة على الأسرى واعترافها بهذه الاتفاقيات للحفاظ على مكانتهم الشرعية كمحاربين قانونيين.

وحذر عبد الرحمن من أن :يلقي الانقسام الفلسطيني بظلاله السوداء على معركة “الأمعاء الخاوية”، علما بأن الانقسام البغيض بات يهدد المشروع الوطني الفلسطيني برمته"، حسب وصفه.

كما شدد عبد الرحمن على ضرورة إشراك المجتمع الدولي ومؤسساته الفاعلة بمراقبة تطبيق سلطات الاحتلال للقوانين الدولية بشأن الأسرى وملاحقة المسؤولين الإسرائيليين على أعمالهم المخالفة لهذه القوانين، وقال: "نحن نعلم أن بإمكان المنظمات الدولية والحقوقية الضغط على إسرائيل حتى تتحمل مسؤوليتها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية بقوة القانون الدولي الذي يجب أن تخضع له دولة الاحتلال".

تقاعس السلطة

محمود الإفرنجي الخبير في القانون الدولي يرى أن "السلطة الفلسطينية بحكم عضويتها في المجتمع الدولي تمتلك إمكانيات واسعة لتفعيل وتحريك قضية الأسرى في المحافل الحقوقية الدولية والأمم المتحدة، من خلال دفع تلك المؤسسات على الضغط على "إسرائيل" لمنع انتهاك حقوق الأسرى في سجونها".

وقال الإفرنجي في حديث لـ"قدس الإخبارية": "بإمكان السلطة الفلسطينية دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة للاجتماع لمناقشة قضية الأسرى المضربين في السجون الإسرائيلية، ودعوة مجلسي حقوق الإنسان والأمن للانعقاد من أجل اتخاذ موقف تجاه ما يجري مع الأسرى في سجون الاحتلال وخصوصا المضربين منهم".

وأضاف، "للأسف لم تسعَ السلطة الفلسطينية حتى اللحظة للاشتباك مع الاحتلال في المؤسسات الحقوقية الدولية، للضغط من أجل إيفاء الأسرى في سجونه حقوقهم التي يمتنعون عن الطعام من أجلها، وعدم اتخاذ السلطة هذه الخطوة يخضع لاعتبارات سياسية".

وتابع: "هناك نقطة غاية في الأهمية، وهي أن القانون الدولي الإنساني يعتبر نقل الأسرى من الدولة الخاضعة للاحتلال للدولة التي تنفذ الاحتلال جريمة حرب، غير أن السلطة الفلسطينية لم يسمع لها أي صوت تجاه هذه الجزئية بالتحديد، والتي يمكن أن تلزم "إسرائيل" بإخضاع الأسرى لاتفاقيات جنيف التي تحفظ لأسرى الحرب حقوقهم وتمنع احتجازهم في معتقلات الاحتلال".

وعن نجاعة الدور الذي يمكن أن تقوم به المؤسسات الدولية قال: "تحقيق العدالة لا يأتي بالضربة القاتلة، وإنما يأتي بتراكم النقاط، وهناك تقارير عديدة صادرة عن اللجنة الدولية لمتابعة الظروف الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عرفت الاحتلال على أنه دولة عنصرية، وعلى السلطة الفلسطينية أن تستغل هذه التقارير، لأن مؤسسات الأمم المتحدة تعمل وفق نظام تراكم الملفات التي تتعلق بقضية إنسانية معينة".

وختم الإفرنجي بالقول: "إن عدم تحريك هذا الملف من قبل السلطة الفلسطينية يخضع للحاجات والظروف السياسية، وبالتالي فإن هذا الملف برمته يخضع للإرادة السياسية للسلطة الفلسطينية التي يتعارض تحريكه في الوقت الراهن مع حاجاتها السياسية".