شبكة قدس الإخبارية

عذراً أسرانا

عمرو العصا

المقاومة بالأساس فعل لا عقلاني، العقل جبان، ماذا يخبرك عقلك حين تتورّط في مشكلة، أو عندما تكون في مكانٍ خطر؟ لا شيء إلا جملة واحدة تتكرّر بعنف: أهرب، انجُ بنفسك. لكن دائماً هنالك المجانين من يقفزون إلى الوجدان ليأخذوا على عاتقهم مواجهة التاريخ بدلاً من الهرب، يمسكون التاريخ الهائج من قرونه ليعيدوه إلى مساره الصحيح .

هؤلاء المجانين يتحوّلون في لحظاتٍ فاصلة إلى شهداء أو إلى جرحى أو أسرى، هم من سطورا في كتب التاريخ أعظم التضحيات والبطولات، وهم الذين خرجوا عن الطبيعة ولم يرضوا الذل أو الاستسلام، هؤلاء أينما كانوا وأينما وجدوا رسموا لوحة العز، فما يخوضه الأسرى من إضراب عن الطعام في سجون الاحتلال ما هي إلا لوحة من العز وأعظم لوحة من التضحية، لم يرضوا الخنوع لسجان، كما لم يرضوا الاستسلام خارج السجن، يبحثون عن الكرامة في كل مكان، تذوب أجسادهم تتعب عقولهم، تتهالك أرواحهم، من أجل الكرامة.

هم يملكون الكرامة والبطولة، لكن نحن الذين ننظر إليهم، أي كرامة نمتلكها؟!، أين نحن من هذا العز والانتصار المحقق رغم أنف الاحتلال؟!، أين نحن من التضامن الحقيقي الفعلي على الشارع الفلسطيني؟!، هل اكتفينا بخيام التضامن وتحدي الماء والملح، أم الجلوس على كرسي الحلاقة؟!، أي تضامن هذا مع أجساد تذوب يوماً بعد يوم؟!، أم أن التنسيق الأمني المقدس طبع على قلوبنا؟!، ومنذ متى المظاهرات والمواجهات تأخذ برنامجاً محددا؟!، كما قالها ضابط فلسطيني، لمتظاهرين يتجهون إلى نقطة التماس مع جيش الاحتلال، أين هم طلاب الجامعات، وشباب الحجارة والطعن؟!، هل ننتظر استشهاد أحدهم ليتحرك هذا الضمير الذي في داخلنا؟!.

إن كل الإضرابات  التي خاضها الأسرى من قبل كانت لها تأييدا شعبياً على الشارع الفلسطيني  من مظاهرات على نقط التماس والحجارة ومساندة الملثم بكلمات تهديد ووعيد رافعاً السبابة وحاملاً البندقية بعيدا عن حراك السلطة، المتجه بانحدار وانهيار والتي تقود التضامن مع الأسرى في هذا الإضراب.

أقول إن هذا التضامن لن يأتي بأي نتيجة تذكر كما هو حال المفاوضات التي خاضتها السلطة على مر سنوات طويلة، وتعليق آخر على الإضراب العام  يوم الخميس الماضي الذي شمل الضفة الغربية جميعها هو تعبير قوي على التضامن، لكن ما جرى في هذا الإضراب لم يكن مجدياً فأي إضراب هذا الذي يمنع فيه المتظاهرون من الوصول إلى نقاط التماس، ليعبروا عن الغضب الذي حملوه من أعين أمهات الأسرى، إن الأسرى سيخطون هذا الانتصار لوحدهم في هذا الإضراب واحتفالنا بنصرهم لن يكون من سواعدنا.