سحقاً لك يا مفجر ثورة الكرامة، كيف تجرأت على اقتحام عالمنا لتذكرنا بأبجديات دفناها منذ زمن ؟؟؟ من أنت يا خضر عدنان لتعيد الاعتبار لفلسفة الصمود والإباء والكرامة؟؟؟ من أنت لتستحضر ثقافة البطولة والتضحية وكأنك بذلك تصفعنا بحذائك الذي اعتبرناه في لحظة ما إكليل غار على رؤوسنا؟؟؟ كانت لحظة ضعف وتيه حالها كحال الميت عندما تخرج منه الروح.
يا خضر عدنان سحقا لك، كيف لك أن تعبث بنا؟؟؟ ومن خولك أن تراهن علينا نحن الذي هتفنا لك بالأمس وخوناك اليوم، رسالتنا واضحة لا لبس فيها، أخرج من عالمنا واتركنا نتمرغ في ذلنا وقهرنا وتيهنا، اتركنا ولا تراهن علينا كما الذين سبقوك فنحن من أثقلتهم قيود العبودية وعن طيب خاطر، ونحن من بعنا أروحنا والعقول، نحن يا سيدي اخترنا ثقافة العشوائيات واتقنا فن سطوة القبيلة.
يا خضر عدنان قلبت مواجعنا وأقلقت مضاجعنا وعريت أيدلوجيتنا، نحن يا سيدي لا نؤمن بالأساطير التي تتحدث عن الأبطال، وإن كنا كذلك فنؤمن إلى حين لأننا تعودنا على الجمل الجاهزة التي حالها كما الوجبات السريعة، وبتوضيح أدق نحن نعشق فكر"الدليفري".
يا خضر عدنان، من خولك للسطو على خزاننا؟؟؟ أتتوقع أننا سنقرع جدران الخزان الذي اخترنا وعن طيب خاطر فبراً لنا؟؟؟ وهل جننت لتبث فينا الروح من جديد؟؟؟ لست نبياً يا خضر عدنان لتحيي الموتى وتعيد الدماء لتتدفق في الشرايين اليابسة؟؟؟ لست قديساً لتدفعنا للغناء في مملكة الصمت فاخرج من عالمنا.
يا خضر عدنان سحقا لك .... ألم تفهم ما نحن عليه؟؟؟؟ نحن الذين نعيش في أطهر بقعة في العالم لكن أرواحنا مصادرة، نحن أسرى الانقلاب تلو الانقلاب، انقلابات أثخنتنا وحولتنا لجثث تنتظر أن تحتضننا الأرض التي عسى أن تكون دافئة على ما تبقى منا.
يا خضر عدنان لست "بوبي ساندز" لأننا لسنا الشعب الإيرلندي، فلماذا لم تفهم المعادلة وتتعبنا وتتعب نفسك؟؟؟ خذها وعلى بساط احمدي نحن لسنا جديرين بك وبأمثالك من الذين عاشوا الوجع الصغير في زنازين الاحتلال ليخرجوا إلينا لنذيقهم الوجع الكبير الذي لن يلتئم مع مرور الزمن.
يا خضر عدنان .... لماذا انتصرت وعدت إلينا مكللا بالغار؟؟؟ تخيل لو ترجلت، كنا هتفنا لك بملء حناجرنا وشيعناك وطوينا صفحتك كما الذين سبقوك من حجارة وادينا الكبيرة، هذه أبجدياتنا اقبل بها، أو ارفضها، فنحن ننبذ الرموز لأنهم يذكرونا بهزيمتنا وبضعفنا، إنهم يسقطون عن عوراتنا ورقة التوت الساقطة أصلاً والتي نتشبث بها كذباَ.
لن أطيل عليك أيها الرجل الطيب، ولكن تأكد، لو كنت في جنوب أفريقيا لغنوا لك أغنية الحياة التي جسدتها في إضرابك البطولي، ولو كنت في كوبا لكانت لك شعلة أبد الدهر، لكن نصيبك أن تكون عربياً، ونحن العرب نحلم بالأبطال وعندما يتجسدون لنا نلفظهم، تلك هي أبجديتنا حتى الراديكاليين منا والذين حطموا بوصلتهم بأيدهم فعاشوا التيه واللعنة.
أنا على يقين يا خضر عدنان، وبالرغم من محاولات اغتيالك معنويا أنك أيقونة لرفاقك الذين يخوضون إضراب الكرامة في باستيلات العدو، ويقيني أكبر أنك تتوجع لوجعهم لأنك وبكل بساطة عشت هذا الوجع بامتياز.
أيام تفصلنا عن ذكرى النكبة، ونضالات الأسرى ستكسبها طعماً مختلفاً، وبالرغم من الفراغ الذي نعيشه فلا زلنا نتشبث بتراث الأسلاف، ففي مخيمنا كنزنا لا ينتهي، هذا الكنز هو التاريخ والراية التي ورثناهما عن الرعيل الأول الذي دفع الثمن في خمسينيات القرن الماضي، لا نتذكرهم ولكنهم حاضرون بقوة يصفعوننا كلما أضعنا الطريق، وتلك هي الحكمة التي تعلمناها وننقلها لك.