من طوباسَ البطولة في ضفةِ العياش إلى تل الإسلام في غزةَ الياسين، وما بينهما مازن في صور البطولة...
فالأبطالُ يولدون على مهاد الرفض والتحدي، ويتربون صغارًا على حصير المساجد ويدرجون أشبالًا على عتبات محاريبها، ويمشون على درب الانتماء في ظل فكرة، ويمتشقون السيف والبندقية عند بوابات الوطن، ويمتطون صهوة المطاردة على هباب القضية، ويأسرون السجان بقهر السلسلة والقيد ويبغتونه بصيحة الحرية، ثم يقتلونه بحد السكين على عتبة القدس....
فعندما يرحلون فإنهم يترجلون مع نَفَس رصاصة خرساء، ويُسَجَّون في ثوب الشهادة تلفُّهم راية، ثم يزفونَ بزغاريدِ التكبير في موكبٍ ملائكيِّ صعودًا إلى السماء، فيعبرونَها من تحت قبة الاصطفاء المزركش بأكاليل الرحمة والرضا الإلهي.
وعندما نرثي الشهداء فإننا نزف إليهم دموعَنا عرائسَ مفروشة لقطرات دمائهم كي تمتزج بها، فتَنبُتُ في صدورنا بذرةُ البطولة، ومن ثم تثمرُ ألوانَ الشهادة والاستشهاد على مدار فصول القضية.
وعندما أودع مازن أرقب السماء من شقوقِ زنزانتي وأهمس بفخر الشوق، قائلًا: "دماؤك مزن مثقلة، سابحة في سماء الوطن حتى تضع حملها على بلاط القدس فتنبت أشجار النصر، وتنهمر مطر العذاب على التلمود فتقتلع أشجار الغرقد فتنكشف سوءة الغدر".
وعندما أغلق جفني على دمعة الفراق ينطق قلبي قائلًا:
ابكِ جبال الضفة وأيتها الهضاب
ابكِ أيتها السهوب وأيتها الوهاد
ابكِ أيتها الزنزانة، وأيها السجن والحديد
ابكِ فلسطين، فبكاءُ الشهداء
زغاريدُ الأمهات وأفراحُ الأبرياء
ابكِ شهيدًا حلق بجناحي الوطن
في الآفاق والفضاء
حتى روى بدمه الأحجارَ والأشجارَ والترابَ
والرملَ في غزةَ ووجهَ البحرِ والسماء
فبدمه جاد بحرًا ونهرًا والمدادْ
لم ينفدْ باغتيال بل ينهمرْ بازدياد
إنه مازن