فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: أصدرت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر عسكرية جديدة تتعلق بنظام "هنيبعل" المعمول به منذ أكثر من ثلاثة عقود بهدف منع وقوع جنود الاحتلال بالأسر، لا سيما أثناء الحروب.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية أن رئيس أركان الجيش غادي آيزنكوت قرر مطلع العام الجاري استخدام نظام جديد لمنع عمليات "الاختطاف" بحيث تستخدم القوة المفرطة لإحباطها، على أساس أن مقتل الجندي أفضل من تعرضه للأسر.
ووفق المحلل العسكري الإسرائيلي إيال عاليمه، فإن الخطة الجديدة أكثر صرامة حيث تطالب الجيش باستخدام كل قدراته حتى القوة العنيفة لمنع وقوع عملية الأسر "حتى وإن استدعى الأمر إطلاق النار وبكثافة باتجاه الأراضي الإسرائيلية إن وقع الأسر بها وليس فقط بمناطق العدو الفلسطيني".
القوة دون القتل
وقال عاليمه للجزيرة نت إن تفاصيل كثيرة خاصة بالأمر العسكري لم تعرف حتى للجنود، وإن الأمر "يكتنفه الغموض والضبابية" حيث إن الجيش يتعامل حتى اللحظة بالأمر الذي يبدو أنه أعد له من فترة طويلة بسرية كاملة.
لكن المحلل الإسرائيلي يضيف أنه بكل الأحوال يجب ألا يُفهم -ووفق ما أوضح قائد الأركان آيزنكوت- أن الأمر الجديد يعني السماح بقتل الجنود، مشيرا إلى أن قادة عسكريين ربما فسروا الأمر القديم بأنه يسمح بقتل الجندي المخطوف بعد أسره ونقله لمناطق أخرى (للمقاومة) ولكن قائد الأركان عاد وأكد أن ذلك غير مقبول، وأقره على ذلك مراقب الدولة ومستشارها القضائي.
ولم يخف عاليمه اعتقاده بوجود "تناقض" في الأمر العسكري الجديد، وتساءل: كيف تعطي الأوامر لإطلاق النار على "الخاطف والمخطوف" وكيف يمكن تجنب قتل المخطوف.
ومن قريب، أثارت ردة فعل عائلة جنود أسرتهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال عدوان 2014 جدلا واسعا لدى مختلف الأوساط في إسرائيل، لا سيما عائلتي الجنديين جولدن هدار وأران شاؤول حيث تشككان بإفادة الجيش حول ابنيهما وتطالبان بالحصول على "البروتوكولات التي استندت إليها المحكمة العسكرية الدينية الإسرائيلية التي قضت بأنهم "قتلى غير معروف مكان دفنهم".
لذا يستبعد عاليمه أن يكون الجيش قد غلَّظ نظام هنيبعل للرد على ما يجري مع الجنود الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية أو صفقات تبادل جديدة، ويرجع الأمر ربما لضغط عائلات الجنود الأسرى والمساءلة القانونية والحقوقية الإسرائيلية، لمنع محاسبة جنود استخدموا النظام ضد زملائهم قضائيا أو رفع دعاوى "لكن قتل أي جندي لمجرد أنه أُسر ليس أخلاقيا أو قانونيا".
إخفاق سياسي
ويتفق مع ذلك محمد أبو علان الخبير الفلسطيني بالشأن الإسرائيلي، ويضيف أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أراد أن يظهر وكأنه انتصر بغزة عبر إعلانه أن جنوده قتلى، أما ظهورهم كأسرى فسيتحول الأمر لإخفاق سياسي وأمني تلاحقه كوابيسه كصفقة "وفاء الأحرار".
ورأى في حديثه للجزيرة نت أن الهدف من أمر هنيبعل الجديد ليس قتل الجنود الأسرى "ولكن قد يحصل القتل نتيجة كثافة النيران" دون تحميل أحد المسؤولية.
ويستدرك الخبير الفلسطيني أن الجيش صار يدرب جنوده بكثافة على عدم الوقوع بالأسر، بحيث يظهرون بمجموعات معروفة، وتراقب أخرى تحركات الجنود وتشكل حماية لهم، وأن يكونوا أكثر يقظة بالأيام الأخيرة للمعركة، وربما هذا جزء من إجراءات هنيبعل الجديدة.
ويستبعد أن يمثل ذلك رادعا للمقاومة الفلسطينية التي تبحث عن تحرير الأسرى من عناصرها لكسب ثقة الشارع وكسر شوكة "الجيش الذي لا يقهر".
وهذا ما رمى إليه أيضا المختص بشؤون الأسرى فؤاد الخفش بقوله إن المقاومة ماضية وبكل الطرق لتحرير أسراها، وإنها تمتاز بالسرعة والمهارة والبراعة والقدرة العالية على إخفاء الجندي الأسير.
وختم الخفش بأن الاحتلال شدد أوامره العسكرية لأنه لا يزال يعيش صدمة صفقة تبادل الأسرى (وفاء الأحرار-شاليط) وتحرير مقاومين قتلوا إسرائيليين، بينما تواصل المقاومة تحديها وصراعها مع الاحتلال.
المصدر: الجزيرة نت