قلقيلية - خاص قدس الإخبارية: ليس شرطاً أن تكون عالماً لتبتكر شيئاً جديداً، يكفي أن تمتلك الإرادة والطموح والذكاء، محمد أبو خميس (43 عاما) من قلقيلية، والذي لم يخض تجربة التعليم الجامعي، وتوقف عند شهادة الثانوية العامة، يبتكر نوعًا جديدًا من طوب البناء، قام بصناعته من مخلفات الورق.
"الفكرة بدأت من نظرتي للمخلفات الورقية أنه يمكن الاستفادة منها وإعادة تدويرها، خطرت لي فكرة استخدامها في مجال البناء وبحثت عن الفكرة فلم أجد مثيلاً لها فقررت البدء بتطبيقها ونجحت بصناعة طوب ورقي يستخدم في التقطيع الداخلي للأبنية"، يقول أب خميس لمراسل "
قدس الإخبارية".
طوّر أبو خميس مهاراته بانضمامه إلى دورة في الريادة الخضراء الصديقة للبيئة، كما أنه لجأ لأسلوب التجريب في صناعة الطوب فأضاف للمادة الخام مواد مضادة للحرائق والرطوبة وغيرها، حتى توصل للنموذج النهائي رغم الصعوبات التي واجهها لعدم وجود قالب لانتاج الطوبة بشكلها المعروف.
تغلب أبو خميس على المصاعب التي واجهته ونجح بصناعة الطوب وأجرى عليه اختبارات الرطوبة والحرارة والضغط، "إنه خفيف الوزن فالطوبة الواحدة تزن 5 كغم بفارق 15 كغم عن الطوبة الإسمنتية، عازلة للحرارة والرطوبة والصوت وسهلة الاستخدام في مجال التمديدات الكهربائية والمائية اللازمة، ملساء لا تحتاج للقصارة كما تمتلك ميزات هندسية أخرى والأهم أنها ستكون أقل سعراً من الطوبة الإسمنتية"، يضيف أبو خميس لمراسل "
قدس الإخبارية".
ويرى أبو خميس أن أكثر ما يميز الطوبة أنها تخدم البيئة وتساعد على التخفيف من مشكلة مكبات النفايات فهي تتكون من مخلفات الورق، "فحصت الطوبة لدى مهندس متخصص بفحص الطوب والإسمنت وقال لي إنها أفضل من الطوبة الإسمنتية وأنا أبحث عن جهة متخصصة لفحصها بطريقة علمية، قدمت طلباً للحصول على براءة اختراع والأمر يحتاج سنة واحدة".
يؤكد المدرب في مجال ريادة الأعمال الخضراء أمجد المصري لـ "
قدس الإخبارية"، أن الطوبة مؤهلة للوجود في المنازل، "ستفتح هذه الفكرة أفقاً جديداً في عالم البناء، هي جاهزة من حيث التصميم ولكنها تحتاج إلى الحصول على مطابقة مواصفات من جهة معتمدة".
ويشدد المصري على ضرورة وجود جهة قادرة على معاينة الطوبة من الناحية الفنية والمواصفات، "نحن بحاجة لمؤسسات تمتلك الأدوات والمختبرات التي تمكنها من اختبار مثل هذه الطوبة ومطابقتها للمواصفات لتسهيل عملية إنتاجها وتسويقها، ويفضل أن تكون هناك جهات متخصصة بفحص المنتجات المبتكرة بشكل عام".
التمويل يهدد الفكرة
ويرى المصري أن الطوبة لن ترى النور إن لم تجد تمويلاً لتغطية التكاليف التأسيسية من مكان ومعدات والتكاليف التشغيلية لمدة زمنية محددة على الأقل، "آلية التمويل هي المشكلة التي تواجه المبتكرين، وهنا محمد يحتاج إلى شريك أو مستثمر فالمنح من المؤسسات تأتي للمشاريع الأقل تكلفة".
يسعى محمد لتمويل فكرته، وتوجه لكثير من المؤسسات الداعمة للبيئة دون جدوى، فرغم انبهارهم بالفكرة إلا أنهم لم يتحمسوا لها وليسوا مستعدين للمغامرة في شيء جديد وغير معروف وفق وصف أبو خميس.
ويقول أبو خميس: "أنا لا احتاج منحة بل أحتاج شراكة من المستثمرين لأن تجهيزات الطوبة عالية جداً خاصة أن المنتج جديد ويصعب إقناع المستثمرين بشيء غير معروف، رغم أنه من السهل إقناع الناس بجودة المنتج عندما تبرهن لهم ذلك علمياً وعندما تكون تحت إطار شركة مسجلة".
نشاط محمد أبو خميس الذي يعمل في مجال التزويد بالانترنت يدفعه لاستغلال فراغه في تطوير فكرته فهو يصنع نوافير للزينة من مخلفات الورق ويبيعها، كما أنه ينتج من الورق ألواحاً تستخدم كديكور للجدران ولديه أفكار أخرى لكنه لن يبدأ بها ما لم تحقق الطوبة هدفها، فهل سيرى هذا الابتكار النور أم أن معيقات التمويل ستجعله حبيس منزل أبو خميس؟