شبكة قدس الإخبارية

أول يوم حرب.. أخر يوم لقاء

داليا قراوي

يتيمة منذ حرب في ال2008، لا أملك سوا تلك الخيمة وذاك القلب

كانت صواريخ الاحتلال تمطر علينا من كل اتجاه، صراخ، بكاء، جراح، استشهاد... كُنت جالسة في تلك الخيمة المعتمة خائِفة، قلِقة! جاء مسرعاً

- يتيمتي أين انتِ، يتيمتي أخرجي لا داعي للخوف، أخرجي هيا

. لِم الصراخ؟ ها أنا، لم أمُت بعد. هل أنتَ بخير؟

- نعم أنا بخير ولكن، الحرب تزداد شدة يتيمتي. أشلاء هُنا وهُناك، إصابات فاقت التوقُعات!!

. لنا الله عزيزي، ماذا ستفعل الآن؟

- إنتظري ، سأحضر بعض الأشياء من خيمتي..

. حسناً

خرج حاملاً على يساره زهرة اللوتس، وعلى يمينه لكلاشنكوف!

- انظُري، أعلم جيداً مدى كُرهك للزهور ولكن، هذه الأرض أصبحت عقيمة، وهذه الزهور أصبحت نادرة. احتفظي بها أرجوكِ.

. و لِم السلاح؟؟؟

- السلاح، لأسترجع قدماي، قدماي يا يتيمتي، قدماي اللتان خسرتهما في حرب 2008!

. لا يمكنُك استراج شيء! سُلبت الأرض كاملة، وانت تُفكر بقدميك؟ حقاً أحمق

- مُحقة! أنا وانتِ متشابهان جداً، قولي لي لِمَ.

. متشابهان؟ بماذا؟

- أنتِ يتيمة الوالدين وأنا القدامين! أيتام عزيزتي أيتام...

. أصبت! و الآن ما العمل؟ أين ستذهب؟

- سأهذب لإرتداء ثوب زفافنا، وأجمع بعض الأصدقاء لإقامة الحفل. ما رأيُكِ؟

. حقاً حقاً أحمق!! الحرب الحرب الحرب، ما الذي دهاك؟؟؟

- ههه! سأذهب الآن، وأنتِ تزيَّني و أحضري بعض الأكاليل. إلى اللقاء يتيمتي.

. انتظر.... انتظر .... انتظر..

أحضرت الأكاليل، تَزَّيَّنت، ولكنك تأخرت، تأخرتَ كثيراً يا أحمق! سأخلُد للنوم، لعله يعود غداً..

عاد ومعه الكثير من الناس، صغيرهم وكبيرهم يصرخون ويُردِدون (الله أكبر،، الله أكبر،، الله أكبر). حينها فهمت من الأحمق، فهمت عن أي عُرسٍ يتحدث، فهمت أن الحرب لآ تعرف الحب..

يتيمة الوالدين والوطن والقلب !