غزّة- قُدس الإخبارية: مرّة تلو الأخرى تنكشف تفاصيل جديدة ومعلومات حول عملية اختطاف الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، وتفاصيل أسره لدى المقاومة التي استمرت خمس سنوات حتى اتمام صفقة تبادل أسرى، بينما تعلن وسائل اعلام اسرائيلية عن شهادات واعترافات أدلى بها شاليط خلال التحقيق معه لم تظهر للعيان في حينها.
وذكرت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية، في تحقيق لها، وقائع التحقيق الذي تمّ إجراؤه من قبل جيش الاحتلال مع الجندي "شاليط" بعد إنجاز صفقة التبادل بين الاحتلال وحماس، وإعادة شاليط إلى أهله، والذي كان مأسورًا لدى حركة حماس في قطاع غزّة لمدة خمسة أعوام ونصف (يونيو 2006- أكتوبر 2011).
ونقلت الصحيفة عن المحلل الاسرائيلي بن كاسبيت قوله إن الرقابة العسكريّة شطبت مقاطع من محضر التحقيق لأسبابٍ معروفةٍ، على حدّ تعبيره، مضيفًا "أن تسريب محضر التحقيق ونشره يكشف خبايا وخفايا جديدة لم تُنشر من قبل، الأمر الذي يُضفي على التقرير “مصداقيّةٍ” مُعينة.
وأضاف التحقيق الاسرائيلي، “الحكاية التي ستقرؤونها في هذه السطور هي حكاية شاليط، إنّها نسخته هو، كما أخبر بها محققي الجيش، لقد كان خائفًا كما يبدو من التقائهم، لقد كان خجلاً ممّا يُوشك أنْ يرويه لهم، لكنّه فعل ذلك بقلبٍ مفتوحٍ، لم يُخفِ عنهم أيّ تفصيل، لقد اعترف بأنّه فشل، وأنّه لم يقُم بواجبه، لقد قال ذلك بدموعٍ منهمرةٍ، وليس بسبب الضغط أو الإملاء.
وبحسب الصحيفة، فان شاليط يتمتّع بذاكرة استثنائية، لقد عرف بالضبط ما مرّ به في كلّ يومٍ من أيام الأسر، ومتى انتقل من مكان لآخر، وكيف كان، وما الذي أكله، وما الذي فعله، وما الذي حدث معه”.
وأكد تحقيق الصحيفة، أن “قضية شاليط هي قضية إخفاق كبير، بالنسبة لطاقم الدبابة ولشاليط شخصيًا أيضًا، وللمخابرات كذلك، وسيما “الشاباك” الذي لم ينجح في تعقّب آثاره لأكثر من خمس سنوات، أهمها أنه "شاليط" سلّم نفسه لآسريه دون قتال.
ووصف بن كاسبيت، شاليط بأنه "شخص انطوائيّ وحساس وليّن"، قائلًا "ربما كان من المفترض ألّا يكون ضمن طاقم دبابة مقاتل، ربمّا لم يكن مناسبًا لهذا العمل، عندما أصيبت دبابته أصابه الفزع وفشل في الأداء، كما أن وصف “بطل” الذي أطلقه عليه رئيس أركان الاحتلال غانتس عندما عاد إلى البلاد ليس في محله، مضيفًا "شاليط غير جدير بلقب بطل، إنّه نوع مناهض للبطولة، إنّه جندي علق في وضعٍ صعبٍ فاختار الخنوع، ليس في هذا السلوك بطولة، إنمّا هي حكاية إنسانيّة مؤثرة وحزينة"، على حدّ تعبيره.
تنقّل وشاهد المباريات وولج بالانترنت
ووفقًا لمحضر التحقيق، فإنّ “شاليط يتذكر فترة أسره جيّدًا، لم يكُن في سراديب، لم يعانِ تقريبًا، ضربوه وقيّدوه في الأيّام الأولى، ولكن سرعان ما عرفوا أنّه رجل هش قد ينكسر بين أيديهم إذا بالغوا بتعذيبه، لم يرغبوا أنْ يموت، فقد يكون موته كارثة بالنسبة لهم، شاليط كان الكنز الأعظم للشعب الفلسطينيّ في تلك المرحلة”.
وزعم كاسبيت، اعتمادًا على التسريب، "تنقلّ شاليط في فترة أسره بين عدد من العائلات الفلسطينيّة في مختلف أنحاء القطاع، شاهد التلفاز واستمع إلى المذياع، حتى أنّه دخل أكثر من مرّةٍ إلى الانترنت"، واستمع إلى جميع التقارير عن عملية “الرصاص المصبوب”.
وأكد التحقيق، أنه لم يكُن في خطر خلال عملية “الرصاص المصبوب”، وإنْ كان يشعر بغضب مَنْ يحيطون به.، مضيفًا “شاليط تعاون مع محققيه وخاطفيه، لم يعرف الكثير عن الجيش، لم يكن لديه الكثير ليُقدّمه لهم، القليل الذي يعرفه أفشى به، سُئل عن تحصينات جيش الاحتلال وعن دبابة “مركفاه”، كان مهمًا له أنْ يُرضيهم، وأنْ يُعطيهم معلومات ليحصل على المعاملة الجيّدة”.
شاهد جميع مباريات المونديال في العام 2010. إنّه ما يزال يذكر بالضبط المباراة التي شاهدها يوم نقلوه من بيت عائلة إلى بيت عائلة أخرى، لقد كانت مباراة اسبانيا بطلة العالم المرشحة، لقد تلقّى معاملةً محترمةً، يقول التحقيق.
وأوضح أنّ “المشكلة الوحيدة كانت في الطعام، لم يكن هناك الكثير من الإمكانيات المطبخية، لقد أكل شاليط ما يأكله الغزيون، وسيما الحمص، لقد كان يعيش حالة نفسيّة صعبةً وتضعضعت أركانه طبعًا، وهو الأمر الذي أثرّ على شهيته وأدّى إلى انخفاضٍ كبيرٍ على وزنه، لم يضرب عن الطعام ولم يفكر في الأمر”.
“في أحد الأيام أكل مع الأسرة المستضيفة فوق سطح المنزل في خان يونس، وعن السطح شوهد البحر، في ظروفٍ أخرى كان ليشعر وكأنّه في إجازةٍ”.
ولفت كاسبيت، إلى أنّ شاليط تواصل مع خاطفيه بالعبريّة والانجليزيّة، حرّاسه تبدّلوا طوال فترة أسره، ومبدئيًا كان طاقمًا خاصَّا يقوم بحراسته، وقد تبادل أفراده المناوبات، شاليط كان على علمٍ تامٍّ بما يجري في "إسرائيل".
المُحلل أكّد على أنّ شاليط كرّرّ في تحقيق جيشه تفاصيل الحدث، مُشدّدًا على أنّ ما أورده في الصحيفة هو نسخة شاليط بتمامها تقريبًا، عدا عن إسقاطات الرقابة العسكريّة التي اقتضتها الضرورة، على حدّ تعبيره.
وتعد صفقة "وفاء الأحرار" بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال 2011، من أضخم عمليات تبادل الأسرى العربيّة الإسرائيليّة. حيث شملت إفراج "إسرائيل" عن 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل شاليط، بوساطة مصريّة، كما تعتبر الصفقة الأولى في تاريخ القضية الفلسطينيّة التي تمّت عملية الأسر ومكان الاحتجاز والتفاوض داخل أرض فلسطين.