عام 2006 حصدت حركة حماس غالبية الأصوات في انتخابات المجلس التشريعي، فحصلت على (٧٦) مقعداً، مقابل (٤٣) مقعداً لحركة فتح و(١٣) مقعداً لمستقلين آخرين من مجمل الأصوات البالغة (١٣٢) مقعداً، وهنا بدأت الحكاية!
حركة فتح والسلطة تنكرتا بنتائج الانتخابات وخيار الشعب الفلسطيني، فقال حينها زياد أبو عين – أحد مسؤولي حركة فتح ـ إن أكبر جريمة يمكن أن ترتكبها فتح هي المشاركة في حكومة وحدة وطنية مع حماس، داعيا إلى أن تتحمل حماس مسؤولياتها بمفردها إن استطاعت!
فيما رفض محمد دحلان مشاركة حركته في أي حكومة قادمة لحماس، وتوعد في تسجيل مسرب بافتعال المشاكل لحركة حماس وعرقلة عملها.
أما بما يخص أمين عام مجلس الوزراء السابق أحمد عبد الرحمن فتحدث كثيراً عن رفضه أن يكون لديهم رئيس وزراء يخرج من المسجد " بالدشداشة" على حد تعبيره، وغيرهم من قيادات حركة فتح.
حركة فتح لم تستكفِ بالانقلاب واستمرت بتماديها على الحكومة التي شكلتها حماس، وبدأت تهاجم حماس في الضفة الغربية فأغلقت العديد من مؤسسات حماس الاجتماعية والخيرية، على الرغم من أن هذه المؤسسات كانت لخدمة الفقراء والمحتاجين والأيتام، كما دمرت البنية التحتية لحماس في الضفة الغربية.
بالإضافة إلى استمرار السلطة بسياسية الاعتقال السياسي بحق أبناء حركة حماس وتعذيبهم، وتواطؤ السلطة الفلسطينية مع الاحتلال حيث صرح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأن التنسيق الأمني مقدس ولكنه بالمقابل رفض المشاركة في الحكومة التي شكلتها حماس!
التباين الأيديولوجي الفكري بين الطرفين من هنا بدأ، ومن هنا تكمن الخطورة، فقد تشكل فريق يؤمن ايماناً كاملاً بالمقاومة ولا يقبل التعايش مع الاحتلال بأي شكل من الأشكال، وأنه سيبقى يقاوم الاحتلال حتى يدحره عن بلاده ولم ولن يقبل بأي تنازلات في فلسطين والذي تبنته حركة حماس.
بالمقابل الفريق الآخر يُصرح بكل وضوح عن تعاونه مع الاحتلال وتقديم التنازلات له والاعتراف بسيادته ووجوده في فلسطين، ويصرح بكل وضوح عن قيامه بإيقاف 200 عملية ضد الاحتلال في الانتفاضة الاخيرة، والتي كان اخرها قيام الاجهزة الامنية بإحباط عملية في الخليل بعد ابلاغ الشرطة الاسرائيلية بنية شاب تفجير قنبلة على حاجز عسكري وسط المدينة.
فاذا تم التزاوج بين الطرفين سيؤدي الى ضعف القضية الفلسطينية وانتهاءها لأنه لا يمكن أن يتم التوافق الا اذا تنازل الطرفين لبعضهما البعض وأي تنازل سيقوم به من يؤيد المقاومة سيؤدي الى نهايته، بالمقابل اذا تنازلت السلطة عن التنسيق والمفاوضات ستتعرض للمهاجمة من الحكومة الاسرائيلية وهذا ليس في مصلحتها!
فيما لن تتم المصالحة ومن المستحيل الوصول الى توافق بين الطرفين فليس من الطبيعي أن يتحالف من يؤيد المقاومة مع من يقدس التنسق الأمني ويصف العمليات الفدائية بانها عبثية، فالمقاوم لا يتنازل عن معتقداته و مبادئه وقيمه التي أنشأ عليها ويؤمن بفكرة واحدة وهي القتال ضد الاحتلال، وبالمقابل السلطة لن تتنازل لحركة حماس و لن تؤيد موقفها الجهادي وستقبى تؤيد فكرة المحاورات والمفاوضات و "التنازلات" والمقاومة السلمية على حد تعبيرهم.
فهل باتت العلاقة بين فتح وحماس مجرد لقاءات واجتماعات عبثية؟ وهل سنشهد قريبا تغيرا للظروف السياسية تُرجِح كفة طرف على الآخر؟