شبكة قدس الإخبارية

الطفل أبو عجمية.. أسيرٌ بمنزله مع عكازين

شذى حمّاد

 بيت لحم – خاص قدس الإخبارية: صوت عكازيه يكشف حيلته، منبئا شقيقته دينا بعودته إلى المنزل، فلا يستطيع تغيير صوته كما اعتاد وممازحتها، فتسرع هي بدورها لتفتح له الباب قبل أن يطرقه.

[video width="320" height="576" mp4="http://www.qudsn.ps/wp-content/uploads/2016/10/video-1477158099-1.mp4"][/video]

يعود رمزي أبو عجمية (١٥ عاما) من جلسة العلاج الطبيعي برفقة عكازيه إلى المنزل مباشرة، رغم اغراءات الخروج برفقة أصدقائه، أو الاجتماع مع جيرانه في زقاق مخيم الدهيشة قضاء بيت لحم، إلا أن رمزي يقبع في الحبس المنزلي حتى بداية العام القادم.

خلال شهر واحد، تحول رمزي من طفل عادي إلى جريح.. مطلوب للاحتلال، ثم أصبح رهن الأسر المنزلي، فالحكاية بدأت حينما أصيب برصاصتين في قدميه، يوم  الأول من أب الماضي، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال في منطقة الدوحة قرب المخيم، ليخضع إثرها لست عمليات جراحية.

رغم إصابته الموصوفة بالخطيرة والتي قطعت شرايينًا وأوردةً في قدميه مسببة له نزيفًا حادًا، إلا أن قوات الاحتلال داهمت منزل عائلته مرتين باحثة عنه، لتعتقله في الثالثة عند مداهمة منزله في ٢٠ أيلول الماضي.

"احتجزوني في إحدى غرف المنزل وطلبوا بطاقة هويتي ثم أبلغوا العائلة أنه سيتم اعتقالي" يروي رمزي لمراسلة "قدس الإخبارية"، رمزي لم يفكر حينها إلا كيف سيستطيع المشي ولم يمض على إصابته بكلتا قدميه سوى أيام قليلة.

أحاط جنود الاحتلال برمزي الذي يتكئ على عكازيه، كانوا يدفعونه مجبرينه على الإسراع في خطواته معتمدا على عكازيه لقطع مسافة كيلومتر في طريق جبلي وعر.

"كلما توقفت لارتاح قليلا كان أحد الجنود يدفنعي ببارودته على ظهري"، ويشير رمزي خلال حديثه لمراسلة "قدس الإخبارية" إلى أن جنود الاحتلال استخدموه كدرع بشري أمام حجارة المتظاهرين خلال خروجهم من المخيم.

لم تنته رحلته فأمامه مسافة طويلة ليقطعها "رغم وجع قدمي، إلا أني أصبحت أعاني من وجع كبير في كتفي بسبب الارتكاز على العكاز طوال الطريق... كنت أشجع نفسي وأقول الآن سأصل.. الآن سأصل".

14686298_704248626398651_1783382050_n

بعد أكثر من ساعة من المشي المتواصل، استقر الحال برمزي في جيب عسكري بين جنود الاحتلال معصب العينين، "كنت أحادث نفسي أنهم سيفرجون عني بعد قليل ولن يواصلوا اعتقالي، إلا أنهم نقلوني إلى مركز التوقيف والتحقيق عتصيون".

وفور الكشف الطبي على رمزي بعد ساعات من تواجده داخل مركز التحقيق، تقرر نقله إلى مشفى "هداسا" الإسرائيلي، "كشفت الطبيبة على جرحي، وتركته مفتوحا أربع ساعات أثناء جلوسي داخل إحدى أروقة المشفى بين جنديين" يقول رمزي.

في ساعات الليل نقل رمزي مجددًا إلى "عتصيون" وعزل في إحدى الزنازين ليكون أصغر المعتقلين الموجودين، فيما جرحه ما زال مفتوحا، "منعوني من الخروج للفورة، واكتفوا باعطائي طعامًا كان كاسة لبن ورغيف وحبة نقانق لا تؤكل".

بعد ثلاثة أيام نقل رمزي إلى قسم الأشبال في سجن "عوفر"، "عرضت على المحكمة الأولى بعد أربعة أيام من الاعتقال، وبعد أن أبلغوني بالتأجيل أصبحت أفكر بالسنين التي سأقضيها في السجن"، يكمل رمزي حديثه لـ "قدس الإخبارية".

على مدار أيامٍ ست كان رمزي ينقل إلى مستوطنة "كريات أربعة" المقامة شمالي الخليل، ما بين تحقيق ومحاكم، وجهت إليه تهمة إلقاء الحجارة.

وعن تجربته في غرف التحقيق، يقول رمزي لمراسلة "قدس الإخبارية": "قبل أن يأخذوني لغرفة التحقيق، أدخلوني إلى زنزانة كان فيها شاب منعني من استخدام الحمام، وقال لي أنهم سيذبحوني وسيشبحوني ٧٠ يومًا.. وهناك كاميرا داخل الزنزانة توثق ما يدور".

نظر رمزي إلى السقف ليقرأ عبارة "يا رب رحمتك"، - كتبها أحد المعتقلين الذين مروا بهذه الزنزانة -، ليستجمع قواه، "كل التحقيق كان صراخ، يحاول المحقق إذلالي وإهانتي واتهامي أني كاذب".

مل وتعب رمزي من التحقيق اليومي والمتواصل لساعات، والذي يتخلله طرح وإعادة ذات الأسئلة، فيما لا تمر عليه لحظة دون أن يتمنى العودة إلى المنزل والنوم عدة ساعات متواصلة، "لم أعترف بأي من التهم التي وجهت لي، رغم أنهم عرضوا علي صور ادعوا أنها لي خلال الموجهات.. وقلت للمحقق أن ما يستطع كتابته في المحضر، أني طفل أريد أن أعيش حياتي ولا شيء آخر لدي".

بعد ١١ يوما أفرج عن رمزي بشرط الحبس المنزلي حتى الأول من كانون أول من عام ٢٠١٧، بالإضافة لتوقيع كفالة مالية بقيمة 7500 شيقلًا.

"كل أملي كان أن أعود للمنزل وللمخيم وأنال حريتي، لم أكن أعلم ما هو الحبس المنزل، إلا أنه وبعد يوم من الإفراج عني اتصل علي المحقق وطلبني للتحقيق مجددا"، ويبين رمزي أن المحامي أبلغه أن ملفه ما زال مفتوحا ومن الممكن إعادته للاعتقال مرة أخرى بأي لحظة.

أما دينا شقيقة رمزي فتبكي كلما تذكرت أن شقيقها سيعتقل مرة أخرى، "رمزي هو سندي سيعتقلوه مرة أخرى، وهو ما لا احتمله، فهو مصاب ويتألم كثيرا .. كم أتمنى أن أكون مكانه وأحمل عنه كل هذا الوجع".