شبكة قدس الإخبارية

بالفيديو | صالح صوي.. أول من طيَّر سقف باصٍ في "تل أبيب"

رغيد طبسية

قلقيلية - خاص قدس الإخبارية: في التاسع عشر من أكتوبر عام 1994 استيقظت مدينة "تل أبيب" فزعة على دوي انفجار في ساحة "ديزنغوف"، وإذ بالانفجار ناتج عن عملية استشهادية خلّفت 22 قتيلًا إسرائيلياً، واستشهاد منفذها الاستشهادي صالح صوي من مدينة قلقيلية.

"برز صالح في الانتفاضة الأولى عام 1987 وشارك بمختلف فعالياتها، لكن اللحظة الأكثر تأثيراً عليه كانت عندما استشهد شقيقه الأصغر حسين أمام ناظريه خلال  مواجهات مع قوات الاحتلال، عندها خلع صالح قميصه طالباً من الجندي أن يطلق عليه النار ليلحق بأخيه"، يتحدث إبراهيم شقيق صالح لـ "قدس الإخبارية".

وتذكر فاطمة شقيقة الشهيد أن جنود الاحتلال اقتحموا المنزل بعد استشهاد حسين فحمل صالح سكيناً وأراد قتل أحد الجنود فأمسكته هي ووالدته.

14794061_883213018444895_1387101472_n

من هو صالح؟

ولد صالح صوي عام 1967 في حي النقار بمدينة قلقيلية، وكما يستذكره والده، فيقول إن صالحًا كان ملتزمًا بشكل كبير بالصلاة في المسجد، وعرف عنه صيامه المستمر لأيام الاثنين والخميس، وكان ذكيًا متفوقاً في دراسته، بالتزامن مع عمله الذي صقل شخصيته.

مضيفًا لـ "قدس الإخبارية"، "كان الشهيد صالح يحب العلم وأراد أن يكمل دراسته ويسجل في جامعة النجاح، لكنه اعتقل 18 يوماً في ظروف صعبة وتعرض للتعذيب الشديد وبعد الإفراج عنه عمل مزارعاً"، الاحتلال ظل ينغص على صالح حياته، واعتقله إداريًا لسبع مرات متتالية  على خلفية نشاطه في الانتفاضة.

"كان يتمتع بشخصية قوية لها احترامها، فكان يتولى حل المشكلات بين الفصائل الفلسطينية وحتى بين العائلات، وكان مكافحاً يعمل في أكثر من مجال ولكن الاحتلال لم يعطه الفرصة ليرى حياته بسبب المضايقات والاعتقالات" يروي الحاج أبو صالح لـ "قدس الإخبارية".

وفقاً لفاطمة شقيقة الشهيد، فإن صالح كاد أن يستشهد ذات يوم، جراء تعرضه للضرب من جنود الاحتلال، لولا تدخل إحدى نساء الحي وتمكنها من إنقاذه، وعقب ذلك مكث شهرين في المشفى.

 وتضيف فاطمة لـ "قدس الإخبارية": "تعب صالح من الاعتقالات ورفض أن يسلم نفسه وفضّل حياة المطاردة، ولكنه وقع في الأسر بعد أسبوعين وعانى معاناة شديدة بسبب سياسة تكسير العظام".

14800867_883213381778192_1513585791_n

بين المطاردة والعمل العسكري

بين عامي 1992-1993 انضم صالح صوي أو أبو سياف - كما يحب أن ينادى - إلى خلية تابعة لكتائب القسام الجناح العسكرية لحركة حماس في قلقيلية، برفقة الشهيدين عبد الرحمن حماد ومازن ياسين والأسير المحرر المبعد لغزة ناصر نزال.

 تعرف صالح حينها على المهندس يحيى عياش، وتم  تنصيبه مسؤولاً عن نقل السلاح والمال ومساعدة المطاردين والأمور اللوجستية في الخلية، قبل أن يعود لحياة المطاردة رافضاً الاعتقال لدى الاحتلال.

14555660_883213098444887_879655894_n

سبعة أشهر قضاها صالح مطارداً يتنقل بين المنازل في القرى والمدن، حتى عجز الاحتلال عن العثور عليه، ويعقب الحاج أبو صالح على ذلك "قال لي الضابط الإسرائيلي، سنحضر لكم صالح جثة إن لم يسلم نفسه، فقلت له اقتله إن استطعت".

وفي أعقاب مجزرة المسجد الإبراهيمي في الخليل، قرر المهندس يحيى عياش تنفيذ الرد الخماسي على الجريمة، ليصدر القرار بأن تكون العملية الثالثة من نصيب قلقيلية.

وتكشف روايات أعضاء الخلية التي ينتمي لها الشهيد صالح، والتي وثقتها كتاباتهم ثم تمت محاكاتها على شكل أفلام، أنهم كلهم كانوا يرغبون في تنفيذ هذه العملية، ولكن صالح أصر على تنفيذها كونه مطاردًا، فلم يقبل الآخرون في التنازل حتى احتكم الجميع للقرعة، لتكون من نصيب صالح صوي.

التقى صالح بالمهندس العياش في قراوة بني حسان قضاء سلفيت، وسجّل وصيته في فيديو مصور ليكون أول استشهادي يسجل وصيته بهذه الطريقة، وأول من يطلق على نفسه لقب "الشهيد الحي"، ثم انتقل لقرية الزاوية حتى حان موعد تنفيذ العملية.

ساعة الصفر

أعلن صالح صيامه بتاريخ 19-10-1994 وتخفى بملابس مستوطن، قبل أن يركب حافلة شركة "دان" رقم "90" حتى وصل إلى ساحة "ديزنغوف"، انتظر اقتراب حافلة أخرى، ثم فجّر حزامه الناسف، وطار سقف الباص مخلفاً 22 قتيلاً إسرائيلياً و 47 جريحاً.

لم يكتفِ الاحتلال بهدم منزل عائلة صالح صوي إنما أصبح ينكل الاحتلال بعائلة الشهيد بشكل دوري، فيقول إبراهيم شقيق الشهيد: "تقريباً في كل ذكرى لاستشهاد صالح يقتحم الاحتلال المنزل ويخربه ويعتقلنا، ففي عام 2001 استشهد أحد جيران العائلة وهو مصطفى نوفل عندما حاول أن يدافع عنا بينما كان جنود الاحتلال يعتدون علينا".