نابلس- خاص قُدس الإخبارية: أدانت مراكز وشخصيات حقوقية مقتل المواطن أحمد حلاوة أحد أبرز قياديي كتائب شهداء الأقصى بالمدينة، على يد أجهزة الأمن بالضفة، بدعوى مسئوليته عن مقتل عنصري أمن قبل أيام.
وأعلن محافظ نابلس أكرم الرجوب لوسائل الاعلام صباح اليوم، أن عناصر أجهزة الأمن بالضفة انهالوا على "أحمد حلاوة" من البلدة القديمة بنابلس، بالضرب المبرح بعد عملية اعتقاله بسجن جنيد فجر اليوم، ليُلقى صريعًا وقد فارق الحياة.
وأثار الخبر منذ اعلانه ضجة كبيرة بين الأهالي حتى خرجت مسيرة منددة بمقتله، مطالبة باحقاق القانون ومحاسبة الأفراد المعتدين، كما طالبوا برحيل رئيس الوزراء رامي الحمد لله والمحافظ أكرم الرجوب واللواء وقائد الأمن الوطني نضال أبو دخان، لأنهم لم يستطيعوا حماية معتقل لديهم.
جريمة انسانية وقانونية
وأدانت جهات حقوقية إقدام أفراد من الأجهزة الأمنية على الاعتداء على أحمد حلاوة بعد اعتقاله ما أدى إلى وفاته، مؤكدة أن هذا التصرف يعتبر جريمة انسانية وقانونية.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، "ندين مقتل المواطن أحمد حلاوة بعد التنكيل به عقب اعتقاله بسجن جنيد، مما أدى إلى وفاته"، مشيرة إلى أنه لا "مخوّل" أو "مبرر" للاقدام على قتله بهذه الطريقة حتى لو كان مدانًا بقضايا أمنية.
وأضاف مسئول المركز الفلسطيني سميح محيسن لـ قُدس الإخبارية، أن السلطة تتحمل مسئولية ما جرى مع المقتول حلاوة، وأنه كان من المفترض أن يعامل كمعتقل طالما تواجد في سجن أمني، حيث يتوجّب على الأجهزة الأمنية حمايته وفقًا للقانون وتقديمه لمحاكمة قانونية في حال ثبتت عليه قضايا تدينه.
وطالب باجراء تحقيق شامل في عملية مقتله التي أوضحتها تصريحات المحافظ الرجوب، ويتوجب الوقوف على تفاصيل تعذيبه ومقتله، وتقديم الأشخاص المتورطين للعدالة ومحاسبتهم، مضيفًا "السلطة التي من المفترض أن تعمل على تطبيق القانون واقرار الأمن والعدالة تنتهك أهم معايير حقوق الانسان وتتصرف كـ"ميليشيات".
إدانة ومطالبات
من جهتها، قالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" إنها تنظر بخطورة إلى ما حدث من اعتداء على المذكور، ووقوف ضباط الأجهزة الأمنية عاجزين عن توفير الحماية بعد توقيفه وحجز حريته، لا بل فقد قُدِم لأفراد الأمن الغاضبين للتنكيل به ما أدى إلى وفاته، معتبرة أنه يُشكل جريمة تصل إلى القتل خارج القانون، ومخالفة جسيمة للتشريعات الفلسطينية ولكافة معايير استخدام القوة، وتجاوزاً لكافة قواعد السلوك المهني للأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون.
وطالبت الهيئة بفتح تحقيق جنائي فوري في الحادثة، وتقديم كافة المسؤولين والمتورطين في مقتل "حلاوة" وعلى وجه السرعة إلى الجهات القضائية المختصة لاتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم، مشيرة إلى ضرورة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في أحداث نابلس الأخيرة لتقييم أداء الأجهزة الرسمية في إدارة العملية الأمنية، وما صاحبها من ممارسات، ونشر نتائج التحقيق.
ودعت إلى ضرورة التزام أفراد الأجهزة الأمنية بالقانون والأنظمة والتعليمات، واحترام الحقوق والحريات التي أقرها القانون الأساسي الفلسطيني، أثناء قيامهم بواجبهم، وضرورة قيام الجهات المختصة بتسهيل عمل طواقم الهيئة في الالتقاء بالمعتقلين وذويهم وتوفير المعلومات الضرورية لقيام بعملها، بما في ذلك المشاركة في حضور عملية تشريح جثمان المتوفي حلاوة.
الثأر والانتقام بعيدًا عن القانون
في سياقٍ متصل، قال الناشط الحقوقي عماد صلاح الدين، إن مقتل أحمد حلاوة بنابلس على يد الأجهزة الأمنية يدفعنا لدراسة الحالة القانونية بشكل عام، والوقوف على ملابسات أداء ضبط الأمن والقانون، مشيرًا إلى أنه من الصعب التحدث عن سلطة قانون في فلسطين.
وأضاف صلاح الدين لـ قُدس الإخبارية، أن الحالة الفلسطينية ما زالت تشهد غياب القانون والتصرف وفقًا لـ"القبلية" والتعصب وردة الفعل، موضحًا أن مقتل حلاوة دليلًا على تعامل السلطة بدافعية الثأر والانتقام ليس بروح القانون والعدالة وأننا محكومون بمجتمع "ميليشات"
وحول الحالة الأمنية وأسبابها، أوضح أن البلاد تشهد منذ سنوات صراعًا بين مراكز قوى محسوبة على أطراف تتعلق بسلطات رسمية أو غيرها، مضيفًا "أغلب حالات الاقتتال محسوبة فعلى سبيل المثال مقتل شخصين يُقابل بالاعتقال، بينما يتم اعدام معتقل لديهم لحسابات أخرى".
وأكد أن عملية محاسبة المتورطين بمقتل حلاوة، تبقى مجهولة حتى الآن، مضيفًا "أن التعامل بشكل قانوني يكون "انتقائيًا" وبحسب قوة من يتحكم به، لكنّ من المفترض أن يشدد العقاب على جهات الانتهاك إن كانت أمنية وليس العكس.
محامو نابلس يدينون
في السياق ذاته، أدان محامو محافظة نابلس ما أسموه "الجريمة البشعة" التي راح ضحيتها أحمد عز حلاوة، مطالبين الرئيس عباس بإقالة الحكومة ورئيسها فورًا، والاعتذار الرسمي لجميع أهالي نابلس عن كل ما بدر من المؤسسة الأمنية.
وقال المحامون في بيان لهم، "لقد استيقظت مدينة نابلس فجر هذا اليوم على حالة لم تعرفها عراقتها ولم يشهدها تاريخها ولم تكن في مخيّلة أبنائها (..) وقد روى ترابها دم شهيد من أبنائها، ولم يسفك دمه بلظى الفلتان بل إن من سفك دمه هو المسؤول عن حفظ الامن لنا وله".
واتهم المحامون بدءًا رئيس الوزراء بصفته وزيرًا للداخلية، "والذي يشرف بنفسه على أعمال القمع في مدينة نابلس"، بالإضافة لكل من له علاقة بالعملية الأمنية المدينة.
وأكد المحامون أن قتل حلاوة "عمليّة إعدام خارج القانون، وهي ليست الأولى"، مضيفين "نحمل المؤسسة الأمنية التي قامت بسلوك يجعل لفظ المؤسسة في غير محله، وندين آلة النفاق لبعض المؤسسات منتهية الشرعية والملتصقة بأدوات السلطة حماية لمراكزها غير الديمقراطية".
وحذّر المحامون من تبعات وتداعيات سلوك الأجهزة الأمنية، "وما قد يتركه من أثر نفسي واجتماعي في صفوف الأهالي"، مناشدين بالتدخل الفوري وسحب كافة القوات العسكرية "غير المحترفة بالتعامل مع المدنيين من نابلس"
كما طالبوا الرئيس باتخاذ كافة الاجراءات التي تضمن محاسبة ومعاقبة كل المسؤولين عن عملية الاعدام التي تمت "بتخطيط وترصد" مسبقين، كما دعوا مؤسسات حقوق الانسان والجهات الحقوقية والقانونية الاقتراب فورًا من الحدث، والقيام بواجبها وخاصة نقابة المحامين والهيئة المستقلة لحقوق المواطن.