شبكة قدس الإخبارية

ثلاثة أسرى أطفال ضحايا لمرض "النكاف"

شذى حمّاد

فلسطين – خاص قدس الإخبارية: لم تجهز والدة مصطفى الكمادات الباردة لتخفف من درجة حرارته، لم تعطه المسكن لتخفف من وجع رأسه، كما لم تعد له الشوربة الساخنة.

فرغم أن مصطفى القاضي (١٦ عاما) أصيب بمرض النكاف (أبو دغيم)، إلا أن والدته ممنوعة من الاعتناء به، ليس خوفا من نقل الفايروس لها، بل لأن نجلها الطفل معتقل في سجن عوفر الاحتلالي.

ففي الثالث من آب، نقل نادي الأسير الفلسطيني عبر محاميه خبر إصابة الأسرى الأطفال الثلاثة مصطفى القاضي، مؤيد أبو غزالة، وعبد الله سرور، بمرض النكاف، لتقوم إثرها إدارة السجون بحجرهم في إحدى زنازين العزل بدلا من نقلهم إلى المشفى، وتنقطع أخبارهم.

بلال القاضي من مدينة الخليل، والد مصطفى المحروم من زيارته كباقي أفراد العائلة منذ اعتقاله في ٢٥ حزيران الماضي، يبين لـ"قدس الإخبارية"، أنه ورده اتصال من إدارة سجن عوفر من شخص ادعى أنه طبيب السجن، طالبا منه الإذن بإعطاء مصطفى دواء، ليرد بلال بتحميل إدارة السجن مسؤولية كل ما يجري لنجله مصطفى، وهي من عليه تحمل اتخاذ القرار بتقديم العلاج المناسب له.

ويوضح بلال، أن نجله مصطفى قبل اعتقاله بفترة قصيرة، أجرى عملية جراحية لإزالة الجيوب الأنفية، حيث كان يعاني بسببها من صداع قوي.

وكانت محكمة الاحتلال أصدرت قرار باعتقال مصطفى أربعة أشهر، ودفع غرامة مالية بقيمة ثلاثة آلاف شيقل، إضافة لقرار بوقف التنفيذ لمدة خمس سنوات.

ويؤكد والد مصطفى، أن نجله أخضع لتحقيق قاس ومتواصل لمدة طويلة امتدت لشهر، مشيرا إلى أن محكمة الاحتلال عقدت ست جلسات لمباحثة ملفه خلال شهر واحد.

فيما يبين محمد عبد الله والد الأسير الفتى مؤيد أبو غزالة (١٧ عاما) لـ"قدس الإخبارية"، أن نجله حول للعزل الانفرادي وانقطعت أخباره عن العائلة بشكل كامل، لتعلم فيما بعد أنه مريض، "عندما اعتقل كان في صحة ممتازة، وجسمه كان قويا ... لا أعرف ماذا حصل له داخل السجن؟".

وكانت قوات معززة من جيش الاحتلال اعتقلت مؤيد بعد مداهمة منزله في ٢٨ أيار الماضي، لتوجه له محكمة الاحتلال تهمة إلقاء الحجارة وإصابة أحد جنود الاحتلال، ويشير والد مؤيد، أن نجله أخضع للتحقيق القاسي لعدة أيام قبل نقله لسجن عوفر.

ويناشد عبد الله كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية، بالتدخل السريع والإطلاع على وضع نجله الطفل والإطمئنان على صحته، "نحن نخاف على مؤيد أن يصاب بأي مضاعفات قد تؤثر على صحته .. ونطالب المؤسسات بزيارته والاطمئنان عليه".

فيما عبد الله سرور (١٧ عاما) من قرية نعلين غرب رام الله، والذي كان يعاني من ضيق للتنفيس، لا تعرف عائلته معلومات عنه منذ ما يقارب (٢١ يوما).

ويبين والده أن العائلة تعيش في حالة خوف وقلق شديد على نجلها، حيث لم تبلغ من قبل محاميه أو المؤسسات الحقوقية ماذا حصل له، مؤكدا أن العائلة علمت بخبر إصابته بمرض أبو دغيم من الأسرى الآخرين.

وكانت قوات الاحتلال اعتقلت عبد الله في الخامس من نيسان، فيما لم تصدر محكمة الاحتلال حكما بحقه حتى الآن، وتواصل تأجيل النظر في قضيته.

ونقل عبد الله فيما بعد لعائلته، أن إدارة سجن عوفر قامت بنقله إلى إحدى المستشفيات، وأجرت له الفحوص، بعد ظهور انتفاخ في وجهه، يقول والده، "نحن نعيش في حالة خوف على عبد الله، لا نعرف كيف نتصرف وماذا نفعل".

خطورة المرض

ومرض النكاف (أبو دغيم) هو مرض فايروسي، ينتقل بالعدوة عبر السعال والعطس، أو استخدام المواد الملوثة بالفايروس، حيث يصاب به الأطفال والبالغين.

ويبين الطبيب سهيل عيد، أن من أعراض المرض اللافتة هو تورم الوجه بشكل كبير، ارتفاع درجة الحرارة، ضعف وهزل عام في الجسد، مشيرا إلى أن المريض يعاني من هذا الفايروس من (١٢-٢٠ يوما).

ويحذر عيد، من مضاعفات المرض والذي قد تؤدي للإصابة بمرض السحايا (التهاب غشاء الدماغ)، أو التهاب الخصيتين، مشيرا إلى أنه يقدم بالعادة طعم للأطفال مرتين، أولا وهم بعمر ٦-١٠ أشهر، ثم في سن ٦-١٠ سنوات.

وأكد على أن العلاج من المرض يقتصر بعزل المصاب، وخاصة أن المرض معدي جدا، وخاصة في الأيام الثلاثة الأولى من الإصابة به، والأربعة أيام الأولى من ظهور أعراض المرض.

ويبين عيد، أن تلقي الطعم لا يعني منع الإصابة بالمرض فهو مجرد إجراء وقائي، مشيرا إلى أن ظروف الاعتقال في سجون الاحتلال التي تفتقر للبيئة الصحية والتغذية السليمة تزيد من فرصة الإصابة بالمرض.

وما يخفف من ألم المصاب بفايروس النكاف، هو تناول المسكنات وشرب العصائر الطازجة كعصير الجزر والفراولة والبرتقال وأكل البطاطا، وعزله في غرفة صحية نظيفة، لكن إدارة سجون الاحتلال، عزلت الفتية الثلاث معا في إحدى الزنازين الانفرادية المغلقة، بدلا من عزل كل واحد على حدى.