رام الله – خاص قدس الإخبارية: أثار المرسوم الرئاسي الصادر عن الرئيس محمود عباس والقاضي بتحديد ديانة أعضاء بعض المجالس المحلية بالضفة الغربية، حالة من الجدل حول قانونية ما جاء في المرسوم، وإمكانية تأثير ما ورد فيه على سير الانتخابات المحلية المرتقبة في الثامن من تشرين أول المقبل ونتائجها.
وكان أبو مازن أصدر مرسوما رئاسيا في 31/تموز الماضي، ينص على تحديد مقاعد المسيحيين في بلديتي رام الله وبيت لحم بثمانية مقاعد مقابل سبعة مقاعد للمسلمين في كل منهما، وفي بلديتي بيت ساحور وبيت جالا حدد (10 مقاعد) للمسيحيين وثلاثة للمسلمين في كل منهما.
وفي بلدية بيرزيت حدد سبعة مقاعد للمسيحيين وستة للمسلمين، وفي بلدية الزبابدة سبعة للمسيحيين وأربعة للمسلمين، وفي مجلس قروي عابود خمسة للمسيحيين وأربعة للمسلمين، وفي مجلس قروري جفنا سبعة للمسيحيين واثنين للمسلمين، وعين عريك خمسة للمسيحيين وأربعة للمسلمين.
وحسب أحكام قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لعام 2005 وتعديلاته، فيتيح القانون للرئيس اصدار مرسوم رئاسي يحدد فيه عدد المقاعد المخصصة للمسيحيين في بعض المجالس والهيئات البلدية المختلطة (مسيحيين ومسلمين).
عمار دويك مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بين لـ قدس الإخبارية، أن الإجراء الذي قام به الرئيس محمود عباس قد تم ضمن القانون وهو ليس جديدا فقد صدر عام 2005، وكرر عام 2012، مشيرا إلى أنه صدر بذات المرسوم والصياغة، ما عدا تغيير المقاعد في قريتي عابود وكفر لبد، وهو ما يتم في كل مرة حسب التعداد السكاني في القريتين.
وأكد عمار أن المرسوم لا يخالف القانون الفلسطيني بل جاء تطبيقا له، وخاصة المادة 10 لعام 2005، والمادة 12 لعام 2012، حيث تنص المادة على وجوب أن يقوم الرئيس الفلسطيني بإصدار مرسوم يحدد فيه المقاعد للمسلمين والمسيحيين في المجالس والهيئات المختلطة.
وشدد عمار على أن إصدار هذا المرسوم لا يؤثر على الانتخابات، وخاصة أن المجالس والهيئات التي يشمملها المرسوم عددها تسعة فقط، من أصل 416 هيئة محلية، وبذلك يكون للمسيحيين 65 مقعدا مقابل 4500 مقعد للمسلمين.
وأشار إلى أن كوتة المسيحيين تمثل أقل من 1.5%، "البعض يرى المرسوم يخالف مبدأ المساواة، إلا أنه يعتبر تمييزا إيجابيا لتحقيق المساواة، وهو يعدل الاخلالات المجتمعية الموجودة في الانتخابات، وخاصة بما يتعلق بالمسيحيين في ظل تناقص عددهم في فلسطين".
وأضاف، أن هذه الكوتة تحافظ على الهوية المسيحية التاريخية لبعض القرى والبلدات بما يتوافق مع القانون الفلسطيني والإنساني والعادات الفلسطينية.
من جانبه، بين النائب في المجلس التشريعي حسن خريشة لـ قدس الإخبارية، أن المرسوم الذي صدر ليس بالجديد وسبق أن تم العمل به، "لا يوجد أي قيمة لإثارة الموضوع والاستياء منه، وخاصة في ظل الحملة الموجهة ضد المسيحيين والتي تستهدف صمودهم في فلسطين وتسعى لتهجيرهم".
وأكد خريشة أنه يجب منح الأفضلية للمسيحيين في المجالس والهيئات المحلية المختلطة، وذلك كوسيلة لتثبيتهم في البلدات والقرى ذات الهوية المسيحية، مضيفا، "لا يوجد في فلسطين فرق بين المسيحيين والمسلمين .. كلنا نناضل ونقدم من أجل هذا الوطن، وهذا المرسوم لصالح الوطن وليس لصالح أي فئة".
فيما يقول هاني المصري مدير مركز مسارات للدراسات لـ قدس الإخبارية، إن المرسوم الرئاسي الصادر يمس بالمساواة وبأهم مبدأ من مبادئ الانتخابات النزيهة، وخاصة بما يتعلق في أن يكون رئيس المجلس المحلي مسيحيا، حيث يحق لأي عضو مهما كانت ديانته الترشح ليكون رئيسا للمجلس المحلي.
وبين المصري، أن الكوتة المسيحية موجودة ومعمول بها حسب القانون الفلسطيني، ولكن لا يجوز تحديد أن يكون رئيس المجلس أو الهيئة مسلما أو مسيحيا.
ورأى أن المرسوم قد يؤثر في مجرى الانتخابات في المجالس المحلية المختلطة ولكن ليس ذو تأثير كبير، لافتا إلى أن المرسوم دخل حيز التنفيذ ومعمول به ولا تستطيع المؤسسات الحقوقية الاعتراض عليه أو إيقافه.
أما رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي، محمد فرج الغول فأوضح لـ قدس الإخبارية، أن المرسوم الرئاسي "خارج عن السياق والتوافق الوطني، وخارج عن القانون الأساسي الفلسطيني، وخارج عن القانون الدولي .. وهو خارج أيضا عن أبسط أنواع العدالة والمساواة"، حسب تعبيره.
وقال الغول، إن القانون الفلسطيني يسمح بالكوتة ولكن يوجد مرسوم سابق ينص على عدم العمل به، حيث يظهر التناقض بين المراسيم الصادرة عن الرئاسة، مؤكدا على أن المرسوم سيؤثر على مجرى الانتخابات "إصدار هذا المرسوم يعزز الانقسام بين فئات الشعب الفلسطيني .. والمسيحيين أنفسهم يرفضون هذا المرسوم"، وفق قوله.