رام الله – خاص قدس الإخبارية: لم تستطع والدة هيثم من احتضانه خلال زيارته في سجن بيتونيا، حتى فشلت أصابعها من التسلل عبر السياج لملامسته، كما فشلت أيضا من سماع صوته.
ففي ممر طويل مقسوم إلى قسمين يفصلهما جدار اسمنتي وسياج سميك، زارت أم هيثم السياج نجلها، لتجد الممر قد امتلئ بما يقارب (٢٥ أسرة)، والجو زاد اختناقا حتى نفذ الهواء من المكان، فيما لم يعد أحد قادر على سماع الآخر.
هيثم سياج (١٩ عاما) أسير محرر من سجون الاحتلال قبل أقل من عام، هو اليوم محتجز في سجن بيتونيا المركزي المخصص للموقوفين الجنائيين، في ظروف أقل من انسانية.
وهو ما يعايشه أيضا باسل الأعرج (33 عاما) ومحمد حرب (23 عاما)، محمد السلامين (19 عاما)، وعلي دار الشيخ (22 عاما)، سيف الإدريسي 26 عاما، بعد أن تم نقلهم من سجن أريحا إلى سجن بيتونيا.
وكانت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية اعتقلت الشبان الستة في التاسع من نيسان الماضي، وقد أعلنت مصادر أمنية فلسطينية وإسرائيلية متطابقة بوضوح أن الاعتقال تم على خلفية تخطيطهم لعملية فدائية.
وتتسائل والدة هيثم، "ليسوا متهمين بأي جريمة أو مخالفة جنائية لماذا نقلوا ووضعوا بين المعتقلين الجنائين؟"، مشيرة إلى أن المعتقلين الستة تم تفريقهم عن بعضهم البعض، ووضعوا في غرف تحتوي كل منها على ٢٠-٢٥ شخص).
"هيثم لديه تجربة في السجون وهو على قدر من المسؤولية، إلا أنني أشعر بالخوف عليه فهو بين معتقلين جنائين، وفي ظروف صعبة".
والدة هيثم التي داومت على زيارته في سجون الاحتلال، تقارن اليوم بين ظروف الزيارة في المكانيين، مبينة أن ما واجهته العائلات خلال زيارة أبنائهم، شيء لا يمكن تصوره واحتماله، حتى طلب منها هيثم عدم الحضور وزيارته ما دام في هذا السجن.
وقالت،"لن أزوره في هذا السجن مرة أخرى، ولكن سأذهب في كل زيارة وأقف وأحتج أمام باب السجن .. فحتى الجنائيين لا يجب أن يوضعوا في هذه الظروف".
الأجهزة الأمنية لا تقر حتى الآن أن الشبان معتقلين على خلفية سياسية، وقد صبغت اعتقالهم بصبغة جنائية، وهو دائما ما يردده الناطق باسم الأجهزة الأمنية عدنان الضميري على لسانه دائما.
محامي الشبان الستة مهند كراجة، من مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، بين أنه وبالرغم أن الاعتقالات على خلفية سياسية تكون بالظاهر بتهم جنائية إلا أن التحقيق يكون على خلفية سياسية بحتة، فمثلا يتم إلفاق تهمة "إثارة النعرات الطائفية" إلا أن التحقيق يكون على خلفية الانتماء لحزب سياسي.
وأشار إلى أنه وخلال تواصله مع الإدارة القانونية بالمخابرات الفلسطينية، ادعوا أن نقل الشبان الستة جاء بسبب مكوثهم مدة طويلة وهو ما لا يستطيع تحمله سجن أريحا، حسب ادعائهم.
إلا أن سجن أريحا يحتوي على عدة معتقلين منذ عدة سنوات، وهو ما يتنافى مع الحجة التي طرحها جهاز المخابرات.
فيما تشير مصادر مقربة لـ"قدس الإخبارية"، أن نقل المعتقلين الستة إلى سجن بيتونيا، هو مؤشر لاقتراب الإفراج عنهم.
وكان المحكمة قد عقدت في الرابع من حزيران جلسة محاكمة، ويبين كراجة أنه صدر عن المحكمة قرارا بتمديد توقيفهم (٤٥ يوما) ينتهي في (١٨ آب).
وأضاف كراجة، أنه تم تقديم طلب بإخلاء سبيل مقابل كفالة مالية يوم الأحد الماضي، إلا أن المحكمة لم تصدر أي جواب حتى الآن، مبينا أنه كان هناك عدة محاولات لإخلاء سبيل المعتقلين مقابل كفالة مالية إلا أن المحكمة كانت تماطل في الرد ولم تستجب لأي منها.