شبكة قدس الإخبارية

١٣ مستوطنا ضربوا أنسام وبكوا .. وسبقوها واشتكوا

شذى حمّاد

فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: بين الضحك والمزاح، امتزج صباح أنسام في التاسع من أذار الماضي، رغم توترها من الامتحانين اللذين ستقدمهما يومها، إلا أن والدها ناصر شواهنة ظل يحاول رفع معنوياتها وإسعادها، حتى لا يحرم من ابتسامة ابنته الوحيدة والتي اعتاد أن يبارك بها يومه دائما.

متوجهة إلى جامعة القدس المفتوحة، خرجت أنسام ١٨ عاما ونصف من منزلها في قرية امتين غربي نابلس، لتقدم امتحانين نهائيين، بعدما أقنعها والدها بعدم تأجيل أحدهما، "أنسام تخرجت من الثانوية العام الماضي بمعدل ٩٧٪ وبسبب وضع العائلة المادية، التحقت بجامعة القدس المفتوحة لتصبح الأولى على دفعتها .. وهو ما كانت تحاول الحفاظ عليه وبقوة"، يروي ناصر لـ"قدس الإخبارية".

مصير مجهول

بعد الساعة الحادية عشر ظهرا، نقل أحد شبان القرية لناصر مروره عن أنسام قرب مستوطنة "كدوميم"، ليحاول أن يركبها معه في سيارته إلا أنها رفضت متمسكة بتوصيات والدها لها دائما، "وجدت أنها تركت هويتها في المنزل، فلحقت بها حيث أخبرني أحد الشبان عن رؤيتها، وما أن وصلت هناك، أحاط بي الجنود وعندما تأكدوا أني والد أنسام، قيدوني وعصبوا عيني، وبدؤوا بالتحقيق معي".

ويبين ناصر، أن قوات الاحتلال اتهمت أنسام بدخول المستوطنة والتي يعتبر جزء منها معسكر لجيش الاحتلال، وهو ما يرفضه بشكل قاطع، "المنطقة محصنة جدا، لقد اقتادوني لهناك ورأيت بأم عيني كيف يمكن الوصول إليها ... هم أطلقوا النار عليها وهي بالشارع ثم اقتادوها لداخل المستوطنة".

بعد ساعات من التحقيق الطويل، أفرجت قوات الاحتلال عن ناصر، رافضة إعطائه أي معلومات عن ابنته، ليمر يومين دون أن تعرف العائلة إذا كانت ابنتها شهيدة أو مصابة.

يقول والد أنسام، "علمنا فيما بعد، أن أنسام تم تحويلها لأحدى المستشفيات الإسرائيلية نتيجة الاعتداء بالضرب المبرح عليها من مجموعة مستوطنين، حيث بقيت هناك ٢٨ ساعة قبل أن تنقل إلى سجن هشارون".

ويبين أنه وحسب ما نقلت القناة الإسرائيلية العاشرة، أن مجموعة من المستوطنين اعتدوا على أنسام، بعد اعتداء قوات الاحتلال عليها.

محاكمة المجني عليها

بعد أيام عقدت محكمة الاحتلال، جلسة لتناول ملف أنسام التي تم إحضارها للمحكمة رغم وضعها الصحي، إلا أنها وضعت في غرفة معزولة ولم تكشف على القاضي أو عائلتها، ويرجع ناصر ذلك إلى علامات الضرب التي كانت ظاهرة على أنسام، ووجها المتنفخ، والرضوض والكدمات التي تركت على جسدها، وهو ما أكدت عليه الأسيرات المحررات للعائلة فيما بعد.

"ما أن طلب المحامي أن نرى أنسام، حتى بدآ المدعي العام الإسرائيلي بالصراخ، ويقول لي هل هذه تربية".

محكمة الاحتلال عقدت أربعة جلسات قضائية فيما حددت موعد الجلسة الخامسة حتى شهر تموز أي بعد شهرين من الجلسة الرابعة.

العائلة ومنذ اعتقال ابنتها، لم تستطع زيارتها أو الحديث معها، لتتمكن في الجلسة الثالثة من مبادلتها الحديث في ظل غياب المدعي العام الإسرائيلي، الذي كان يمنعهم دائما بصراخه وشتائمه.

"لم نتحدث معها إلا خمس دقائق، طمئنتنا فيها عليها وعلى معنويتها .. كانت قوية وجرئية الحراس صرخوا علي لأجلس وعدم الحديث معها، فيما هي أصرت أن أبقى واقفا وأتحدث معها دون أن أعيرهم أي اهتمام" يروي ناصر.

تهم ملفقة

الاحتلال وجه لأنسام لائحة اتهام، تضمنت ثلاث تهم رئيسة، تضمنت الأولى محاولة القتل العمد، ويشير ناصر أنه تم الاعتماد على ادعاء إحدى المستوطنات والتي قالت إن أنسام لاحقتها لباب منزلها وحاولت طعنها، وهو ما يستبعده ناصر، فالوصول لداخل المستوطنة أمر مستحيل على فتاة كأنسام.

فيما تضمنت التهمة الثانية، الانتماء لتنظيم معادي، أما الثالثة فتضمنت التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات مؤيدة للمقاومة، مدعية أن إحدى المنشورات تضمنت وصية لها، كما تضمنت التهمة أيضا ما أشير إلى أنه "تحريض شفوي وتحريري".

وذكر ناصر، أن قوات الاحتلال داهمت منزله، للبحث عن وصية كتبتها أنسام، مؤكدا على أن أنسام لم تترك أي وصية، وهو وجه لها في المحكمة هو تلفيق وادعاء كاذب.

وبين أن الاحتلال اعتمد في التهم التي وجهها لأنسام على شهادات ١٣ مستوطنا هم جنود  في جيش الاحتلال.

الاحتلال لا يكتفي باعتقال أنسام فقط، بل يواصل اعتداءاته علي أسرتها والتي بدأت بمنعهم من الزيارة، يقول والدها: "رفضوا إعطائي تصريحا بحجة أني ممنوع أمني، فيما أعطوا والدتها وشقيقيها تصريحا لمرة واحدة .. إلا أن الزيارة ستتزامن مع موعد المحكمة وبذلك لن تتم"، ويضيف، أن "الاحتلال يمنعهم من إدخال الملابس لأنسام رغم حاجتها لها".

فيما منع الاحتلال  مؤخرا زوجته وابنه ١٤ عاما، من التوجه للأردن، حيث تم احتجازهم والتحقيق معهم لأكثر من ثلاث ساعات، قبل إبلاغهم بمنعهم من السفر، حسبما ما يؤكد ناصر.

لأول مرة يمر شهر رمضان يليه عيد الفطر، وأنسام غير موجودة في المنزل، "أنسام هي ابنة وحيدة بين أربعة أشقاء ذكور، لكنا نتسابق دائما على تدليلها والاهتمام بها، فهي كل ضحكة المنزل ومصدر سعادته".

ويبين ناصر شواهنة، أن لا جهات رسمية آو حقوقية أو حتى إعلامية اهتمت بقضية أنسام، وهو ما تواجهه كافة الأسيرات، "نحن كأهالي أسيرات نقف بجانب بعضنا وندعم بعضنا البعض .. ولا نتأمل الآن إلا بصفقة تحرر كافة الأسيرات".