شبكة قدس الإخبارية

اغتيال مقاومة

٢١٣

 

أسامة الصياد

نرصد في هذه التدوينة المحاولات العديدة لما نسميه اغتيال المقاومة الفلسطينية معنوياً بين أبناء الشعب المصري منذ إندلاع الثورة المصرية وحتى الوقت الراهن من خلال الدوائر الصهيونية الموجودة في الإعلام المصري.

قبل البداية في سرد قصة الإغتيال نتذكر سوياً كيف اعتز الشعب المصري بالمقاومة الفلسطينية وكيف دعمها مراراً وتكراراً في الحروب السابقة ضد الكيان الصهيوني منذ انطلاق الانتفاضة الاولى. وتلاها التأييد الجارف في الانتفاضة الثانية من خلال المظاهرات التي عمت مصر. كما ظهر ذلك جلياً في حرب الفرقان في العام 2008، حيث شهد الجميع بالوقفة الشعبية المصرية ضدّ العدوان الغاشم على أهل غزة وضد النظام المصري المُناوئ للكيان الصهيوني في ذلك الوقت.

منذ هذا التاريخ عمل النظام السابق المصري على تشوية صورة المقاومة الفلسطينية متمثلة في حركة المقاومة الإسلامية حماس وعمل على بث الوهم في نفوس أبناء الشعب المصري بأن الفلسطينيين يريدون الاستيلاء على أرض سيناء وبدأ في ترويج ذلك من خلال أبواقه الإعلامية، ومن هنا بدأت قصة "اغتيال المقاومة":

1. في أعقاب اندلاع ثورة الكرامة المصرية لم يدخر الإعلام المصري أي جهد في الزج باسم المقاومة الفلسطينية في أي أحداث عنف تحدث بداية من إقتحام السجون المصرية ونهاية بقتل الثوار في التحرير. كانت هذه التهم هي الشرارة الاولى لتشوية سمعة المقاومة الفلسطينية وإظهار عداء واضح لها، فأخذت دوائر الإعلام المدعومة صهيونيا في ترويج ذلك حتى رسخ في ذهن بعض المصريين أن حماس هي العدو الاول لهم وذلك بدلا من الكيان المزعوم " إسرائيل".

2. انطلقت حملات ممنهجة بين صفوف الشعب المصري تقول بأن الفلسطنيين هم من باعوا أرضهم لليهود وذلك مخالفة للتاريخ ولإشاعة العداء بين الشعبين ولفك الارتباط المصيري بين القضية المصرية والقضية الفلسطينية، وذلك تفسيره الوحيد أن الكيان الصهيوني يجد أن الدعم المصري للقضية الفلسطينية هو العقبة الأقوى أمام مشروعه الاستعماري فعندما سنحت الفرصة في أعقاب قيام الثورة المصرية قام من خلال أتباعه في مصر في بث الشائعات للنيل من المقاومة بأي طريقة وللأسف استجاب بعض المصريين وقاوم البعض الاخر.

3. بعدما نجحت الثورة المصرية في إزاحة الحكم المباركي توالت الأزمات الإقتصادية على مصر فظهرت الفرصة مجددا للزج باسم المقاومة في تلك الأزمات حتى أشيع أن أزمات الكهرباء والطاقة السبب الرئيسي فيها هو تصديرها لقطاع غزة وذلك منافٍ لكل الحقائق. ازداد الحنق على المقاومة من قبل الفئات البسيطة المهمشة فريسة الإعلام المصري فأصبحت أحاديث المقاهي في مصر عن دور المقاومة في تخريب مصر ... وإلخ. وكلما لاحت فرصة لدى الدوائر الإعلامية في مصر لتصفية المقاومة شعبيا لم يألوا جهدا للظفر بذلك.

531511_526990040686301_175033598_n

4. نُصبت المحاكمات لقتلة الثوار في مصر فأخذوا يبحثون عن بديل للقتلة الحقيقين فهداهم شيطانهم لإستخدام إسم " حماس " في ذلك وتم الترويج أيضا لذلك بشكل مبالغ فيه حتى أن البعض من الذين تم تقديمهم للمحاكمات أخذوا براءات ويجري الان البحث عن الطرف الذي قتل الثوار بين ابناء المقاومة و وجد أبناء النظام السابق في المقاومة سببا قويا لأن يتم لصق كل تهمهم فيها.

5. حدثت القلاقل بعد الثورة في عهد المجلس العسكري فلم يجدوا لها مبررا الا أن المقاومة الفلسطينية هي التي تفتعل ذلك كله بمصر حتى اضطر قادة المقاومة لمواجهة ذلك إعلاميا أيضا في العديد من المؤتمرات الصحفية.

6. أجريت الإنتخابات الرئاسية المصرية في ظل جو مشحون بين أطراف العملية السياسية فلم يجد طرف من طرفي النزاع الا حماس لاتهامها بدعم الرئيس الحالي في الانتخابات وأن حرب أهلية ما ستنشب في مصر بيد المقاومة، وهذا ما لم يحدث بعدها.

7. في بداية عهد الرئيس محمد مرسي حدثت فاجعة قتل الجنود المصريين والتي أدانتها المقاومة بشدة بل وتعهدت أيضا بمساعدة الجيش المصري في ملاحقة المرتكبين لكن ذلك لم يرق لعملاء الصهاينة في مصر فأخذوا يرددون ان القتلة من أبناء حماس فخرجت قيادة المقاومة نافية ذلك كله كليا.

8. شنت إسرائيل الحرب على غزة و وقف النظام المصري وقفة مشرفة بجانب الشعب الفلسطيني فاستشاط العدو الصهيوني غضبا فقام أعوانه في مصر بإذاعة أن الرئيس مرسي يقف بجانب الشعب الفلسطيني تاركا الشعب المصري غارقا في الازمات بالرغم من عدم وجود علاقة بين هذا وذاك.

9. خرجت علينا أخيرا تسريبات صحفية تعيد بث روح العداء للمقاومة وتقول أن قيادات من المقاومة الفلسطينية متورطة في قتل الجنود المصريين، ولكن هذه المرة قاموا بتطعيم الشائعات ببعض الاسماء لإعطاء المصداقية لأنفسهم، ولكن أبا عبيدة المتحدث الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام قطع عليهم الطريق وقام بعقد مؤتمرا صحفيا لينفي كل ما تردد بل وتوعد بملاحقة قانونية لمن يستخدم اسم المقاومة في مؤامرات وألاعيب سياسية، كما خرج المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية لينفي ذلك كلية.

ما ذكرناه هو بعض من كثير جدا في هذا الصدد القائم عليه دوائر لها مصلحة كبرى في اغتيال المقاومة معنويا بين أبناء الشقيق الأكبر مصر والراعي الأعظم بين الدول العربية للقضية الفلسطينية. على أبناء الشعب المصري ان يعوا جيدا ما يمارس عليهم من تغييب للوعي وعليهم أن يدركوا أن البعض من جلدتهم يريدون لهم أن يتخلوا عن هذه القضية السرمدية. ولكن هيهات هيهات فالشعب المصري يعرف جيدا من هم أعداؤه من أشقائه، فهذا الرصد الميداني للشائعات التي خرجت من وسائل الإعلام المصرية على المقاومة الفلسطينية يوضح مدى تغلغل النفوذ الصهيوني داخل البلاد العربية فأصبح يمارس نوعا من الضغط الخارجي على الشعب الفلسطيني.