الضفة الغربية – خاص قُدس الإخبارية: لأول مرة تغيب سماح عن مائدة الإفطار في شهر رمضان، وغيابها لن يكون اليوم فقط، بل سيمتد طيلة أيام شهر رمضان، بعد أن أودعها الاحتلال في سجونه بحكم مفتوح يمتد لأكثر من 100 يوم.
سماح دويك (25 عاما) صحفية من حي رأس العامود في مدينة القدس المحتلة، اعتقلت في 10 نيسان الماضي بعد اقتحام منزلها وإخضاعه للتفتيش الدقيق، ومصادرة أجهزة الحاسوب منه، قبل أن توجه لها محكمة الاحتلال تهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي.
"أول رمضان يمر دون وجود سماح بيننا، نستفقدها كثير ونشتاق لها"، تقول إسراء دويك شقيقة سماح، التي لم تفترق عنها في كل الأوقات، كما اعتادتا قضاء جل وقتيهما في باحات المسجد الأقصى. وتضيف، "كنا نتناول الإفطار مع عائلتنا ونذهب لأداء صلاة التروايح في المسجد الأقصى، وكنا نفطر مع صديقاتنا في معظم الأيام داخل الأقصى ونصلي التراويح معا".
اسم سماح لم يظهر لمتابيعها على التقارير التي داومت على اعدادها من القدس، منذ تخرجها من جامعة القدس حيث درست أتمت دراسة الصحافة والإعلام. تعلق شقيقتها اسراء، "رمضان الماضي، كان أول رمضان لها بالعمل .. عملت بجد وأعدت الكثير من القصص والتقارير، كانت تتواجد وتعمل في المسجد الأقصى طيلة الوقت، كما كنت أرافقها دائما خلال إتمامها المقابلات".
سماح كانت تفضل في شهر رمضان، عدة أكلات فلسطينية، فتقول إسراء: "تحب ورق الدوالي، الأوزي، والدجاج المحشي .. كما أنها تحب السلطات والشوربات، وكانت تعشق عصير التمر هندي".
"نتساءل دائما ماذا تفطر سماح الآن، وهل تأكل ما كانت تحب .. كيف الأكل لديها كيف طعمه وهل يعجبها"، مشيرة إلى أن ما طمأن العائلة انتزاع الأسيرات قرار يسمح لهن بتناول الإفطار معا، حيث تجلس 41 أسيرة وتفطرن على مائدة واحدة.
وكما اشتياق عائلة سماح لابنتها، تشتاق عائلة الصحفي مصعب قفيشة لنجلها المعتقل منذ ثلاثة شهور، حيث أصدرت محكمة الاحتلال قرارا باعتقاله إداريا لأربعة شهور، ليستطيع قفيشة فيما بعد انتزاع قرارا جوهريا يضمن عدم تمديد الاعتقال الإداري له مرة أخرى.
فجر (29/آذار) الماضي اعتقل مصعب، بعد أن اقتحمت قوات معززة من جيش الاحتلال منزله في مدينة الخليل، ليصبح هذا الاعتقال الثالث الذي ينفذ بحقه، حيث اعتقل للمرة الأولى عام 2012 وقضى حكما بالسجن ستة شهور، ثم اعتقل فيما بعد عام 2014 وقضى حكما بالسجن لثمانية شهور.
يقول والد مصعب: "تختلف هذه المرة عن المرات السابقة في أنه سيغيب لأول مرة عن قضاء شهر رمضان مع العائلة ... نمر بأوقات صعبة جدا وهو بعيدا عنا".
واحتجزت سلطات الاحتلال مصعب لأيام عديدة في مركز توقيف “عتصيون” شمال الخليل، قبل نقله إلى سجن “عوفر”، وهو أحد أسوأ مراكز التوقيف والتحقيق، حيث يشتكي الأسرى الموقوفون فيه من سوء المعاملة ومن تقديم طعام بالحشرات وغير مطهي بشكل جيد لهم.
"أتساءل دائما هل يأكل مصعب؟ هل الطعام جيد؟ هل يعجبه؟" يقول والد مصعب، مبينا أن نجله أكثر ما يحب في رمضان أكل السلطات والشوربات والدجاج المشوي، كما يفضل أكلة القدرة التي تشتهر بها مدينة الخليل.
ويضيف، "مصعب يحب تناول الحلويات في شهر رمضان، فهو يحب بشدة القطايف والكنافة واعتاد دائما أن يدعو أصدقائه لتناول الحلويات معه". ويفتقد والد مصعب نجله خلال توجهه لصلاة التراويح، "كنا نذهب للصلاة في الحرم الإبراهيمي معا ... لكن اليوم أذهب لوحدي دون مصعب".
أما والد الصحفي سامي الساعي فيحضر عصائر رمضان لوحده، بعدما اعتاد على مرافقة نجله له دائما إلى سوق طولكرم حيث يبيعان العصائر التي يحضرها برفقته. فسامي ومنذ شهر آذار معتقل في سجون الاحتلال بعد اتهامه بالتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولأول مرة يمر رمضان وسامي بعيد عن أطفاله الأربعة، لا يشجعهم على الصيام حتى نصف النهار، لا يأخذهم برفقته إلى صلاة التراويح، كما لا يرافقهم إلى سوق طولكرم كما اعتادوا قبل الإفطار دائما.
زوجة الصحفي سامي الساعي تقول: "أول مرة يمر علينا رمضان، وسامي ليس بيننا، نفقده في كل اللحظات .. لقد ترك غيابه فراغا كبيرا في العائلة"، مضيفة أن سامي له عاداته الخاصة وعلاقاته والتي كان يستغلها دائما في جمع المساعدات وإيصالها للناس المحتاجة.
سامي وأشقاؤه وأبناؤهم يتمسكون ومنذ سنوات بأن يقضوا شهر رمضان في منزل العائلة، "اليوم كلنا نجتمع ولكن سامي غائب عنا .. كلنا نستفقده، كما أطفاله يسألون عنه في كل وقت".
وتضيف أم أبراهيم زوجة سامي، "كان يحب الملوخية والباميا والمقلوبة ... اليوم طبخنا باميا كان صعب علي جدا أن أجلس على المائدة وأتناول الطعام الذي يحبه سامي، فيما هو محروم منه".
ويتضاعف قلق الزوجة على زوجها كلما تذكرت إصابته بمرض الشقيقة، إذ تخاف من تدهور حالته في شهر رمضان، مشيرة إلى أن إدارة سجن مجدو أخبرته أنه سينقل إلى مستشفى الرملة لإجراء الفحوصات اللازمة.
سماح دويك، سامي الساعي، ومصعب قفيشة، ثلاثة صحفيين من أصل 17 صحفيا لن يجلسوا على موائد الافطار مع عائلاتهم، ولن يعدوا التقارير والقصص التي اعتادوا أن يكتبوها في كل رمضان، حيث يواصل الاحتلال اعتقالهم في سجونه بعد ادانتهم على خلفية عملهم الاعلامي.