شبكة قدس الإخبارية

3 أيام أمريكية في شارع نابلس

محمود الشريف

في الوقت الذي تواجه فيه مدينة القدس أبشع أشكال التّطهير العرقيّ والإعدامات الميدانية والتفتيش المهين في شوارعها، تطل علينا القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة بملحقها الثّقافيّ (البيت الأمريكي) بالشّراكة مع "جمعية الفنادق العربيّة" في فعاليات أيام شارع نابلس التي تنظم أيام الخميس والجمعة والسبت، الخامس والسادس والسابع من أيار الجاري.

وحسب المعلومات المتوافرة، فقد تجاوزت ميزانية هذه الفعالية 170 ألف دولار أمريكي، هذا عدا عن بعض الفعاليات التي ستتحمل كلفتها جهات أخرى، ولن يتم الصّرف عليها من الميزانية الأساسية الضخمة.

وتشمل هذه الفعالية "الثقافية" المسماة بأيام شارع نابلس فعاليات تسوق وعروضات موسيقية وتهريجية وسياحية، خالية من أيّ مقولة فنية سياسية، وتم إخراجها في القالب الرومانسي القديم المستشرق.

ونقصد بالقول أنها تخلو من أي مقولة فنية سياسية أن هذه الفعاليات لا تحمل أي رسالة ثقافية سياسية تناسب السّياق الفلسطيني العربي في المدينة المحتلة، ولا تعدو كونها فعاليات ترفيهية وتسلية يتم تسويقها على أنها إحياء للشارع.

لا شك أن هذا الاهتمام الأمريكي بشارع نابلس الذي يحتل مبنى القنصلية الأمريكية جزءاً مهماً منه، يأتي في سياق فرض سيطرة أمريكية وخطاب سياسي يهمش حضور ثقافة المقاومة في الشّارع الفلسطيني، بل ويتعمّد تغييب أو إثارة أي قضية سياسية من شأنها أن تعكس واقع المدينة.

لا يصعب على أي متصفح لبرنامج هذه الفعاليات التي تتضمن لقاءات ودردشات مع دلوماسيين في البيت الأمريكي في شارع نابلس- القنصلية الأمريكية سابقاً، وعرضاً لفرقة أمريكية "عائلة جون" التي تتحدث عن زيارتها للأراضي المقدسة باستخدام التوصيف "إسرائيل"، وبعض أكشاك البيع وفعاليات التهريج في الشارع، أن يتبين إلى أي مستوى وصلت إليه تجارة "الثقافة" في القدس، وأي حال من السذاجة وصل إليه المتنفعون من هذه التّجارة على حساب استغلال المتطوعين الشباب وتشويه علاقتهم بالثقافة وأهمية حضورها في المجتمع.

وعلى الرغم من أن جمعية الفنادق العربية التي تنفذ هذه الفعالية الممولة أمريكياً تأسست في القدس عام 1962 كما يظهر موقعها، أي قبل الاحتلال الكامل للمدينة، ورغم أننا لم نشهد لها أي فعاليات ذات حضور في القدس مسبقاً، إلا أننا نتفاجأ من حضورها المباغت في هذه النشاطات التي تمرر تحت إطار ثقافي، وهي فعلياً تتخذ طابعاً سياحياً، يتعامل مع أهل المدينة كأنهم سياح فيها.

وبعد البحث في نشاطات هذه والجمعية والقائمين عليها، نجد ازدواجية كبيرة في احتلال المناصب الإدارية فيها، وهو ما يعكس الفساد الإداري المستشري في مؤسسات القدس.

نجد مثلاً أن أحد الإداريين في جمعية الفنادق العربية السيد "رائد سعادة" يشغل مناصب إدارية أخرى في 8 مؤسسات أخرى كلّها تعمل في المجال الثقافي – السياحي، وهي (حوش الفن الفلسطيني، المعمل، التجمع السياحي المقدسي، جمعية الفنادق العربية، مؤسسة الروزانا، nepto ).

وحسب المعلومات المتوفرة في المجتمع، يجري العمل في الوقت الحاليّ على تأسيس "دكانة ثقافية" جديدة تحمل اسم "تاج". ولا تواجه جمعية الفنادق العربية أي خجل من الإعلان عن مشاركاتها في معارض ومؤتمرات إسرائيلية في تل أبيب وغيرها، تهدف لترويج الثقافة الفلسطينية أنها جزءاً من الثقافة العربية في "إسرائيل"، ولا تتردد في تنفيذ مشاريع مع الـUSAID  على الرغم مما تحمله هذه الشّراكة من تبعات سياسة خطيرة أبرزها التوقيع على وثيقة نبذ الإرهاب، بدل العمل على فضح هذه المشاريع وكشف سياسات الأسرلة والتزييف التاريخي في قطاع السياحة. فمن سيشتري شوارع القدس في الموسم القادم؟!