جنباً إلى جنب انتفاضة السكاكين التي يخوضها شعبنا الفلسطيني ضد الاحتلال، تشتد المواجهة الالكترونية (السايبر ) يوماً بعد يوم، والتي تدور رحاها في العالم الافتراضي الانترنت حيث لا يستخدم فيها الرصاص والسكاكين ولكنها أصابت العدو بخسائر فادحة، حتى أصبحت تسمى بـ "صراع الأدمغة والعقول"، والتي يخوضها كيان الاحتلال ضد خلايا مجهولة، الأمر الذي ساهم في إثارة الفوضى والارباك والقلق لدى صناع القرار الاسرائيلين كونها أصبحت تشكل خطرأ قوياً على أمنها القومي .
أصبحت هذه المواجهة من عملية اختراق المواقع الالكترونية للاحتلال توازي في خطرها الحرب العسكرية لأنها تصل لأماكن شديدة الحساسية في كيان الاحتلال مثل القواعد العسكرية والمطارات والبنوك وغيرها من المواقع الاستراتيجية وتصل هذه العمليات إلى ضربات موجعة للاحتلال بخسائر فادحة، في حين أصابته بالذعر ليعلن حالة الاستنفار لمواجهة هذه الهجمات، لذلك فإن تأثير هذه الهجمات يعتمد على الجهة التي تتعرض للإختراق مثلاً إن كان الاختراق بنكي فإن هذا الخطر شديد لأنه يهدد الأمن الاقتصادي لهذا الكيان أما إن كان الاختراق لمواقع عسكرية وأمنية فذلك يتعرض للأمن القومي أيضاً .
مجال جديد من المقاومة
هذا المجال الجديد أصبح مجالاً افتراضياً أصبحت فيه شبكة الانترنت والعالم الافتراضي ساحة من ساحات المعارك في حين كافة الحروب القائمة الان والتي تدار من خلال التكنولوجيا، فالصواريخ والدبابات وكافة الأسلحة المتطورة، يتم التحكم بها إلكترونياً حتى بات قادة الاحتلال يدركون أهمية التصدي ومواجهة هذا الميدان من خلال الاستعداد لمواجهته والتجسس على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وغيره لما يحتوي من بيانات هائلة ورصد حوادث "السايبر" على الانترنت لصد هجمة الجبهة الجديدة التي يخوضها "مقاومو السايبر". بحيث أن الاحتلال يحاول دائمًا المكابرة والقول بأن خسائر الهجمات اليومية عليه لا تذكر، لكن هذا غير صحيح، ولذلك فإن الهجمات، بجانب ما تكبده لـ"إسرائيل" من خسائر مادية، فإنها تؤثر على المصداقية وثقة العميل أو المستثمر في أنظمة الحماية الإلكترونية وصولًا إلى الثقة في النظامين الاقتصادي والأمني كاملين لدى هذا الكيان .
إمكانيات ضئيلة وانجازات هائلة
الهاكر الفلسطينيون، وبشكل عام، يعملون في ظل إمكانات ضئيلة، فالأجهزة نفسها ليست بالمتطورة، ولا تستطيع مواكبة الإسرائيليين، الذين يمتلكون أحدث التقنيات دائمًا، والاتصال بالانترنت ليس سريعًا بما يكفي، وبما يناسب معايير السرعة العالمية. ومع ذلك فإنهم يبذلون قصارى جهدهم ليخرجوا من كل ذلك بأقصى ما يمكن عمله.
ويستمر المقاوم في العمل فهم يكتبون برامجهم في الغالب بأنفسهم ولا يستخدمون برامجًا جاهزة للقيام بأي عملية اختراق أو سد ثغرة، حيث يقضون أيامهم باعتيادية في عملهم الخاص أو دراستهم، وعندما يكون هناك هدف قادم يبدأون في التحضير له لفترة تحدد على حسب قوة الهدف، وتصل في بعض الأحيان لشهر كامل.
مثال ذلك؛ محاولات الاختراق المتتالية التي يشنها الهاكرز الفلسطينيون على أجهزة وشبكات وزارات الحكومة الإسرائيلية، وخاصة وزارة الدفاع ، حتى أصبحت ثقافة «مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الكترونياً » لدى أبناء شعبنا من خلال الحرب الإلكترونية، وأن هذا الجانب بدأ ينتشر بشكل واسع يثير قلق "إسرائيل"؛ لأن "إسرائيل" تعتمد بشكل كبير على الإنترنت في الحياة اليومية، سواء على المستوى الفردي أو الحكومي أو الخاص، وهذا سبب رئيس لاندلاع الحرب التقنية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، منذ عدة أعوام.
هذه المقاومة الالكترونية أثبتت ضعف الكيان الصهيوني, وهلامية قوته القائمة على البطش والإرهاب، وعجزه عن الصمود, وشكلت إثباتاً متجدداً أن العدو يُقهر وينهزم ويتقهقر، فهذا الاختراق الالكتروني بالفعل هزيمة إضافية ونوعية لـ(إسرائيل).
صحيح أنها معركة لم تجرح جندياً ولم تختطف مستوطناً، ولم تدمر دبابة، لكنها انتزعت أحشاء (إسرائيل) وشوشت قدرتها الذهنية والعقلية، إنه نوع من المعارك "الطريفة" ذات النكهة المميزة، صحيح أنها حرب "باردة" لكنها تلسع المحتلين وتشعرهم بضعفهم وعزلتهم، وتشجع من باعدت به الأقطار والحدود الجغرافية بأن يساهم بالحرب على هذا الاحتلال ويقهره.