شبكة قدس الإخبارية

بالصور | الفتى حمزة.. خيال يمنع الاحتلال انطلاقته

شذى حمّاد

رام الله – خاص قُدس الإخبارية: يرتب بعناية البيض داخل "الفقاسة"؛ بعد أن أنهى بناء بيتها الكرتوني الجديد ووصله بالإنارة اللازمة، ثم اختار الغرفة الاكثر دفئا في المنزل، ليضعها فيها إلى أن تنضج قليلا.

الاشتياق لفرسه الذي تركه قبل بضع ساعات، يداهمه مجددا، ويدفعه أن يذهب لرؤيته قبل أن ينام، رغم أنه لم يبق لديه وقت كثير لإنهاء التحضير لدروسه، مؤكدا في نفسه، "سأراه في الصباح حتى لو تأخرت على المدرسة".

12899373_606765909480257_1642930579_o

يغفو حمزة حماد (16 عاما) وهو يحضر ما سيقوم به غدا، "سيملأ صوت الصيصان المنزل في الصباح، غدا سآخذ الفرس في جولة جديدة، كما سأبدأ بزراعة ورد جديد حول المنزل"؛ في الساعات الأولى من فجر 28/شباط يستيقظ الصغير وجنود الاحتلال يحاصرونه في سريره، وقد أعلموه أنه قيد الاعتقال.

أصغر أسير إداري

حمزة من بلدة سلواد شرق رام الله، هو نجل الأسير مؤيد حماد المحكوم بالسجن المؤبد سبع مرات، اعتقل في 28 آب الماضي، قبل أن يكمل عامه السادس عشر، ليخضع لتحقيق مكثف امتد 23 يوما في المسكوبية، "لم يعقد هذه المرة لحمزة أي محاكم، وتم إبلاغه بتحويله إلى الاعتقال الإداري مدة ستة شهور منذ اليوم الاول"،  تقول ورود حامد والدة الطفل حمزة الذي بات اليوم أصغر المعتقلين الإداريين داخل سجون الاحتلال.

سلطات الاحتلال ومنذ (12 عاما) تمنع ورود من زيارة زوجها مؤيد، ويزداد تخوفها الآن من استمرار هذا المنع عليها وحرمانها من زيارة طفلها، "أفكر بحمزة كثيرا، خاصة أنه ما زال طفلا وطالبا في المدرسة ويحب اللعب.. وأتمنى أن تضيف له هذه التجربة الصعبة شيء ايجابي على شخصيته ويستفيد منها".

متفوق ومحب للحيوانات

حمزة طالب متفوق في دروسه ومتميزا في مدرسته، "لديه طموح لإنهاء تعليمه، هو طفل نشيط لا يعرف الكسل، دائما لديه مشاريعه الخاصة، يهتم أن يكون انسانا بناء ومثمر وله دائما نشاطاته الخاصة"، تقول والدة حمزة.

كل الحيوانات الأليفة والطيور الداجنة امتلكها حمزة المحب للحيوانات والتي يتخذ من تربيتها هواية مفضلة له يقضي فيها ساعات فراغه يوميا، فهو يملك اليوم فرسا وبغلا ومجموعة من الصيصان التي تفقست ليلة اعتقاله ولم يستطع رؤيتها.

12914740_606765819480266_1780037794_o 12899628_606766342813547_1171229573_o

بلال (12 عاما) يعتني اليوم بحيوانات شقيقه المعتقل وخاصة فرسه الذي أصابه الاكتئاب على غياب صاحبه، "بعد اعتقال حمزة لم يعد الفرس يأكل كما كان مع حمزة سابقا، كما يرفض الخروج .. أتمنى أن يخرج حمزة سريعا ويعود للاعتناء بفرسه الذي يشتاق له كما نحن نشتاقه أيضا".

قبل أسبوعين من اعتقاله اشترى حمزة فرسه الجديد، تروي والدته، "هو يعشق الاحصنة، فاشترى هذا الفرس الجديد وكان سعيدا به.. كان يخرج بها ويطعمها ولكن لم يركبها بعد حتى تعتاد عليه". وفي رسائله الأولى التي بعثها حمزة لوالدته أوصى كثيرا بفرسه وإطعامها محذرا من أن يجدها ضعيفة بعد الإفراج عنه.

وتضيف، "حمزة يفرغ طاقاته في العناية بالحيوانات، وواضح لكل من حوله ذلك... فاعتقاله ليس إلا عقابا سياسيا لأنه ابن أسير محكوم بالسجن عدة مؤبدات".

حمزة رجل البيت الثاني في غياب والده، دخوله للمنزل يبعث الحياة فيه، "عندما يدخل الحمزة البيت أترك كل ما أعمل به، وأتفرغ له فقط.. غيابه الآن ترك فراغا كبيرا لدي، أفتقده عندما أرى طلاب المدراس فهو الآن يجب أن يكون يدرس وينهي هذا الصف لينتقل لمرحلة دراسية جديدة".

مطارد

الأجهزة الأمنية الفلسطينية استدعت حمزة للتحقيق في ذات الليلة التي تم اعتقاله فيها من قبل قوات الاحتلال، "تفاجأنا فيما بعد أن القرار لم يكن استدعاء للتحقيق فقط، بل كان بهدف الاعتقال وهو ما صدمنا كعائلة وخاصة أن حمزة طفل"، حسب ما تقول أم حمزة.

وتتابع، "الأجهزة الأمنية بهذا القرار ضربت بعرض الحائط أن والد حمزة انسان مجاهد قدم للقضية الفلسطينية من عمره وأسرته كل شيء.. هذا ليس مقبولا ووالده في الأسر صدم بشكل كبير .. الأصل أن يكون التعامل مع عائلات الأسرى بالطريقة التي تليق بصبرهم".

وتتساءل ورود، "أهذا الجزاء الذي تقدمه الأجهزة الأمنية لطفل عاش حياته ووالده أسير كل هذه السنين معتمدا على نفسه؟!.. هم لم يقدموا لحمزة شيء يعوضه عن فقدان والده، فعلى الأقل عليهم ألا يؤذوه الآن".

[caption id="attachment_88604" align="alignnone" width="450"]الصورة الوحيدة لحمزة مع والده قبل اعتقال الأب الصورة الوحيدة لحمزة مع والده قبل اعتقال الأب[/caption]

أصغر زائر للأسرى

صدمة كبيرة تلقاها الأسير مؤيد في سجنه بتحويل نجله الطفل للاعتقال الاداري من جهة؛ وملاحقته من قبل الأجهزة الأمنية من جهة أخرى، "مؤيد أمضى سنوات مريرة في السجن، هو لا يتمنى أن يمر بهذه التجربة أحد من أطفاله وخاصة أنه كان يعايش الصعوبة التي يمروا بها عند زيارته"، تقول أم حمزة ورود.

وفي عام 2005 كان حمزة أصغر زائر لسجون الاحتلال دون مرافق، فقبل أن يكمل سنواته الأربع كان يذهب لزيارة والده المحروم من رؤية بقية أفراد العائلة بسبب المنع القائم بذرائع أمنية. كانت ورود توصله بيدها إلى الحافلة عند الثانية فجرا ليغيب عنها يوما كاملا، ثم يعود في أيام كثيرة وقد مُنع عند أبواب السجن من الدخول لزيارة والده، تقول أمه، "منذ طفولة حمزة وهو يتعرض لمواقف بسبب الاحتلال سببت له ولنا جميعا أذى كبيرا".