شبكة قدس الإخبارية

رام الله تهدد "كابتن رؤوف"

شذى حمّاد

في تشييع الشهيد محمود شعلان بقرية دير دبوان هتف المشيعون، "يا رؤوف صبرك صبرك.. دبواني بيحفر قبرك"، وكان قد هُتِف في سلواد خلال تشييع الشهدين أنس حماد ومحمد عياد، ثم الشهيدة مهدية حماد، فالشهيد عابد حامد، "اسمع يا رؤوف الكلب، احنا قبلنا التحدي، والشعب جاهز للرد، والبلد مستعدة"، وفي هتاف آخر قالوا: "يا رؤوف يا جبان.. السلوادي ما بينهان".

فمن هو رؤوف؟! وماذا تعني هذه الشعارات؟!

رؤوف هو اسم ضابط مخابرات الاحتلال في مدينة رام الله، يشرف على عمليات الاعتقال التي تشن في القرى ويشارك في كثيرا منها، يخضع شبان للتحقيق، ويستدعيهم عبر الهاتف مهددا... فهو ليس اسما على مسمى كما قد تعتقد!!

الاحتلال وعلى مر السنوات حرص على تسمية ضباطه الذين يوكلون بالقيام بعمليات قمعية في المنطقة، بأسماء عربية، ما زال الكثيرون يحفظون أسمائهم ومواقف جمعتهم بهم، مثل كابتن حسن في التسعينيات والذي نفذ تهديداته لأهالي سلواد، بقتل الشهيد خالد حامد بسلاحه الشخصي، وكان قبله الكابتن سامي في الثمانينات والذي ضرب بيد من حديد خلال الانتفاضة الثانية وخاصة بعد قرار "تكسير العظام"، فيما سبقه كابتن أبو غزالة في السبعينات.

 ضباط مخابرات الاحتلال، والمتعارف عليهم شعبيا "بالكابتن"، لم يرهبوا أهالي المنطقة رغم سياساتهم - والتي لم تختلف عن بعضها بل جاءت مكملة في القمع والاعتداءات - ورغم أن في كل فترة زمنية كان اسم الكابتن لا يغيب عن أحاديث الشارع، إلا أنه زادهم كرها وحقدا.

سياسات "كابتن رؤوف" والتي تعايشها المنطقة تتسم بحجم الاستدعاءات التي يرسلها للشبان، وإخضاعهم للتحقيق بشكل شخصي، ومحاولة الوصول لمعلومات خاصة من البلدة، وطرح أسئلة باستمرار عن آلية امتصاص الوضع في بلدة سلواد ووقف المواجهات المنتظمة أسبوعيا منذ عامين.

إضافة لحملات الاعتقالات التي تشن في البلدة، والتي تركز على الفئة العمرية بين (15-27) عاما، والذين أدينوا بمعظمهم بالمشاركة بالمواجهات وإلقاء الحجارة، وحكم عليهم بالسجن لفترات متفاوتة امتدت لـ (4 –11) شهرا.

ويصفه الشبان الذين أخضعوا للتحقيق على يده مستهزئين به بأنه "انسان بفهم ولديه ناس شغالة بذمة وضمير"، ويخص كل شخص بأسلوب معين حسب شخصيته، فالتعامل مع المثقف له طريقة، والطالب الجامعي لديه طريقة، والطفل طريقة أخرى .... الخ

ويعرض رؤوف كثيرا على الشبان الذي يخضعهم للتحقيق، التعاون مع الاحتلال، فيعرض عليهم مثلا أن يكونوا أصدقائهم، يحاول أن يقدم لهم رقم هاتفه، ليعاود الشاب ويتصل به متى يشاء .. وهو ما يرفضه المعتقلون بشدة.

وكان لرؤوف تهديدات صريحة بالقتل لكثير من الشبان، فيتصل ويبدأ بالصراخ بطريقة هستيرية، وقال لبعضهم حرفيا، "المرة الجاية ما في اعتقال، في طخ"!!، ويشير البعض إلى أنه من أصدر أمرا بتصفية الشهيد معتز وشحة في بيرزيت عام 2014.

ومن أهم ما يميز "رؤوف" أنه يأخذ الأمور على شكل شخصي، فمثلا أنه يصدر أمر باعتقال شخص إذا سبه على فيسبوك، وإذا هتف أحدهم ضده في إحدى المسيرات أو تشيعي الشهداء، يقتحم منزله ويلحق الدمار به.

ويظهر من حديث "الكابتن رؤوف" خلال التحقيق مع الشبان، اطلاعه واهتمامه بتفاصيل الأمور الاجتماعية والحياتية في البلدة، جاعلا من أمامه يشعر بقلقه على حال أهالي البلدة. فيما يراجع "الكابتن" الشبان بما يتم نشره على الصفحات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ليوصل رسالة لهم، "أراكم أينما كنت".

فيروي أحد الأطفال (14 عاما) والذي خضع للتحقيق على يد "كابتن رؤوف"، أنه سأله عن صورة نشرها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي يحمل فيها بارودة بلاستيكية، وقال له: "اليوم تحمل بارودة بلاستيكية، بكرا بارودة حقيقة ... انت شاطر في المدرسة اهتم بدروسك وحارب اليهود بالعلم".. وكأنه ليس طرفا من الاحتلال "اليهود" الذين يتحدث عنهم.

ويكرر "كابتن رؤوف" خلال حملات الاعتقالات في صفوف الأهالي كلمته التهديدية: "سأربيه"، وخاصة عند اعتقال الفتية والأطفال، وتنقل والدة أحد المعتقلين أن أول جملة قالها عند اقتحام منزلها: "لا تربوا أبنائكم على سفك الدماء".

وبعد عمليتي الدهس الفدائيتين اللتين نفذهما الشهيدين أنس حماد ومحمد عياد خلال المواجهات الأسبوعية التي تندلع في سلواد، ارتفعت عدد الاستدعاءات وحملات الاعتقالات، والتي يحاول من خلالها الحصول على إجابة لعدد من الأسئلة الغامضة حول عمليات الدهس المتتالية منذ انفجار انتفاضة القدس.

إلا أن محاولات "رؤوف" لإجهاض المواجهات الشعبية في البلدة، باءت بالفشل، فقد تصاعدت حدتها ووجهتها العمليات الفدائية الأخيرة نحو العسكرة، وخاصة الاشتباك المسلح بين المعتقل في سجون السلطة، محمد حامد، ما وضع "رؤوف" في الزاوية، فهو لم يعد قادرا على توفير الحماية لجنوده.

 ممارسات "الكابتن رؤوف" وجنوده، لم تعد تخيف أهالي بلدة سلواد والقرى الشرقية لمدينة رام الله، وهو ما ظهر في الهتافات التي تردد في تشييع الشهداء، هتافات مباشرة لذلك الضابط الذي لا يحضر للمواجهات، ولا يكون في مكان معلوم سهل الوصول إليه .. ليكون مفاد تلك الهتافات: "إحذر فأنت تلعب بالنار".