فترة وجيزة فصلت ما بين نشر قيادة "الشاباك" لفيديو التحقيق مع الطفل أحمد مناصرة، ونشر كتائب القسام مقطعا للجندي الأسير شاليط والكشف عن وحدة الظل التي تولت مهمة احتجازه.
ماقبل عقد من الزمن وقع الجندي جلعاد شاليط أسيراً في يد المقاومة بعد عملية الوهم المتبدد عام 2006 عن طريق عمل مشترك جمع ما بين ثلاثة تنظيمات عسكرية .ثم أفُرجه عنه في صفقة تبادل للأسرى مابين "حماس و"إسرائيل" عام 2011، وهي من أضخم عمليات تبادل الأسرى العربية الإسرائيلية، حيث تم خلالها الإفراج عن 1027 أسير وأسيرة بينهم أسرى من القدس لأول مرة، ولم يغُلق ملف الحساب بعد..
نشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام مقطعاً لم يزد عن دقائق معدودة يُظهر جوانب من حياة شاليط في الأسر، وبعضا من كواليس العسكريين الذين كانو برفقته طوال فترة اعتقاله .وقد ظهر شاليط وهو يأكل الدجاج المشوي ويضحك، الأمر الذي كان محرجاً لحكومة نتياهو العاجزة أمام ثلة من نخبة الظل التي استطاعت إخفاء الأسير عن عيون كل أذرع الاحتلال العسكرية.
كان وقع هذه الصور كالصاعقة على وسائل الإعلام الإسرائيلي، فمنهما من اتهم شاليط بالجندي اليساري ونعته "بالمقرف"، ومنها من رأى أن حماس نشرت هذا الفديو لتظهر بصورة أكثر إنسانية، ومنها من رأى أن هذه الصور صفعة قوية لأجهزة الاستخبارات.
فقد جاءت هذه الصور محاولة لتحريك المياه الراكدة، فهي تحمل دلائل قوية أهمها ركاكة الاستخبارات الإسرائيلية وطبيعة المعاملة بالمقارنة مع معاملة الاحتلال لأسرانا، وفيما يلي رسائل المقاومة التي أرادت إيصالها واختيارها لهذا التوقيت لنشر الفيديو:
- وجهت المقاومة رسالة إلى أهالي شاؤول أرون وهدار جولدن وماغنيتسو وغيرهم، للضغط على الاحتلال لمعرفة مصير ابنائهم، فتحرير أبنائهم لن يكون بإنزال جوي أو بري وإنما من خلال الضغط على الحكومة للخضوع لشروط المقاومة.
- رسالة لأهل غزة أن المقاومة لن تخذلهم وأن بيدها الكثير من القوة ما يجبر فيها الإحتلال لرفع الحصار عن غزة.
- رسالة لمواساة الآلآف الأسرى المغيبين خلف القضبان، وتأكيدا لهؤلاء الأسرى على أن الحرية قادمة لا محالة مهما تأخر الموعد، والدليل شاليط الذي كان يشوي على البحر ولم يستطع أحد الوصول له.
- رسالة لأجهزة أمن الإحتلال بأنه وبالرغم من نشره للمناضيد وطائرات الاستطلاع ومسح قطاع غزة بالطائرات وتجنيد العملاء، إلا أن ذلك لن يمس بصلابة الجبهة الداخلية، كما أن عمل المقاومة يسير بسرية كاملة لا يمكن اختراقها.
- كتيبة الظل التي أظهرت أنها خليه تعمل بأريحية ليست مرتبكة، وأنهم يعيشون مع الناس، وأن العملية لم تكن بالصدفة وإنما مخطط لها ومدروسة، وكانت المقاومة تدرك أن المسألة ستستمر لسنوات، واللعب على وتيرة الأعصاب طول احتجاز شاليط، وأنها قادرة على توتير الطرف الأخر وضبط أعصابها .
- توضيح مدى سرية الخلية، وقوة المقاومة وضبط أعصابه والتحكم في نفسه، وأن أفراد الخلية هم متعددي المهام حيث استشهد أحدهم على الحدود في عمليات مع الاحتلال .
- رسالة تُظهر صورة المقاومة التي كانت توصف بالإرهابية وأنها تملك سجون، فهي توفر حياة إنسانية كريمة وتتعامل بما يتناسب والشرعية الإسلامية مع أسرى العدة، فمن يملك الحق لا يهمه كيف يتصرف وإنما يهمه التعامل بأخلاقه، فقد ظهر على شاليط الأمان وأنه لم يتعرض لتحقيق قاسٍ واستسلامه للخاطفين واستجابته للهدف من أسره بأنه ليس إلحاق الضرر به وإنما الضغط على حكومته للرضوخ للمقاومة.
هذا الجندي الذي كان يقصف بـ دبابته أحياء غزة هو نفسه من ظهر مع ثلة من شبان المقاومة يأكل ويضحك ويشوي الدجاج على شاطيء بحر غزة، أين كانت أجهزة الاستخبارات حينها وهو على مرأى من العام .
هنا يجب أن يبرز أصحاب السلك الدبلوماسي ونشطاء الأسرى في الضغط على الاحتلال في كافة المحافل الدولية، هنا يجب أن تنشط العقول السياسية .