شبكة قدس الإخبارية

رسائل الرعب في "إسرائيل".. الاثار الجانبية للانتفاضة!

عمر أبو عرقوب

رام الله – خاص قُدس الإخبارية: تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي من أهم جبهات الحرب الإعلامية في دولة الاحتلال، حيث تحاول أجهزة الاستخبارات مراقبتها، لإبقاء المجتمع الإسرائيلي خاضعا لما يُسمح بنشره في وسائل الإعلام التقليدية،  وتفادي حرب الشائعات والذعر النفسي، التي خلقها تطبيق الواتس آب  على سبيل المثال لا الحصر، بعد انتشار صور الشهداء الفلسطينيين ولحظات اعدامهم، وتلقي رسائل نصية بالعبرية، تفيد بالتهديد والترهيب، خلال أحداث الانتفاضة القائمة.

ارباك وعجز عن المواجهة

وأثبتت استطلاعات الرأي الإسرائيلية أن 70% من الإسرائيليين يتعرضون لمعلومات غير خاضعة للرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين أشار 35% من الإسرائيليين معاناتهم من مشاكل نفسية بسبب ذلك، 19% منهم تعطل روتينهم اليومي بشكل كامل.

من جهة أخرى شاهد أغلب القاصرين الإسرائيليين صورا وفيديوهات لمقاومين فلسطينيين أثناء عمليات اعدامهم، أو لمصابين وقتلى إسرائيليين، حيث تلقو ارسائل على هواتفهم المحمولة بذلك.

وفي ذات السياق، وصلت العديد من الرسائل النصية على تطبيق الواتس آب لإسرائيليين، تحذرهم من سلسلة عمليات ستقع في الداخل المحتل،على أنها تحذيرات صادرة عن الجبهة الداخلية، وتضمنت دعوة لنشر التحذير على أوسع نطاق.

وقالت قيادات استخباريةللقناة الإسرائيلية الثانية،"نواجه صعوبة كبيرة في التصدي للشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي، كونها مبنية على معلومات كاذبة"، مضيفة، أن هناك معلومات هائلة تنشر بلا مصدر، يقف خلفها من لهم أجندات ومصالح سياسية واجتماعية من الإسرائيليين وغيرهم، وهو ما أسمته بـ"الارهاب المهني"، في إشارة إلى أطراف من المعارضة الإسرائيلية وبعض الجهات الفلسطينية يقفون خلفها.

من جانبه قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أمان اللواء هرتسي هلوي، حسب صحيفة "هآرتس"، إن عمليات الطعن المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي مشكوك في قدرة محاربتها وخاصة الواتس آب،"لقد انتجت الخوف والقلق، ولو أنها كانت في عام 1948 لما كانت إسرائيل انتصرت في حرب استقلالها"، حسب تعبيره.

حرب نفسية

وأكد جلعاد هان الباحث في مخالفات وجرائم الحاسوب،أن بعض الرسائل احتوت مضامين تهديدية "سنستمر بايذائك" "سنصللك" وبعضها الآخر تضمن معلومات عن توقعات لعمليات في الداخل المحتل، صادرة عن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

وأضاف،"يمكن القول بأن هناك عناصر معادية تنشر هذه المعلومات،من أجل رزع الخوف والذعر لدى الإسرائيليين على خلفية الحرب النفسية، ربما كانوا فلسطينيين أو إسرائيليين، مع الإشارة إلى أن مصدر الرسائل في الغالب مجهول".

ويرى الطبيب النفسي الإسرائيلي يردين لوينسكي، بعد اطلاعه على مضمون وسائل التواصل الاجتاعية،أن المرسلين ينقلون معلومات تجانب الصواب،لكنها مبنية على أكاذيب، مشيرا إلى أن الهدف منها قديكون تحريض الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الداخل المحتل،أو بهدف تحريض الإسرائيليين لمعارضة الحكومة الإسرائيلية.

وأكد الطبيب لوينسكي،أن هذه المعلومات تثير الخوف لدى الإسرائيليين لأنها تأتي وكأنها على لسان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إلا أنه من السهل كشف كذبها، من خلال الانتباه للفروق اللغوية والهجائية، والصياغة غير الرسمية.

في حين أن الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام في "إسرائيل" ترى بوجوب ايجاد وسيلة للتعامل مع القضية، من خلال توعية الإسرائيليين بضرورة التأكد من المعلومات قبل نشرها،واعتماد الرواية الرسمية فقط،كما دعا مرشدون تربويون إسرائيليون إلى عدم السماح للأطفال والقاصرين باستخدام أجهزة الهاتف الذكي.

الباحثون عن الإثارة

وقال ضابط كبير في في مديرية أفراد جيش الاحتلال، إن مرسلوا المعلومات يحاولون كسب الإثارة ليس إلا،  "حتى بعض المعلومات تكون ساذجة"، مضيفا، أن  الغريب في الأمر انتشار صور الجنود الذين قتلوا عبر الواتس آب،قبل أن يكون لدى عائلاتهم علم بذلك.

 ويضيف، "في أحد المرات نشرت معلومات عن مقتل جندي، علما أن الجيش كان في طريقه للعائلة لإخبارها؟، ولم يتم نشر الخبر من قبلنا".

من جهة أخرى وصف الطبيب النفسي يردين لوينسكي ناقلي الرسائل بالمهرجين، "ناشروا هذه المعلومات يودون التعرف على ردة الفعل الإسرائيلية"،  وأضاف أن الذين يخافون من الرسائل يرسلونها لآخرين لتحذيرهم، وأن المسؤولية أصبحت تقع الآن على صاحب حساب الواتس آب نفسه.

ويوضح لوينسكي، أنه لا يمكن حصر هذه الظاهرة بفئة عمرية معينية، "الافتراض القائل بأن الكبار يعرفون كيفية التعامل مع هذه المعلومات غير صحيحة، فمعظم الناشرين هم من البالغين"، في حين أنه لا يمكن منع المراهقين من استخدام الواتس آب أو إغلاقه، وهذا ما سبب حالة الذعر الحالية.

صور الشهداء تخيفهم

تحدث الكاتب الإسرائيلي ومختص الإعلام السياسي أفيتار جات لصحيفة "معاريف" مبينا، أن نشر الصور المروعة التي تثبت قتل الإسرائيليين لفلسطينيين، تزيل صفة "الارهاب" عن الفلسطينيين والمقاومين، "الكارثة الأكبر أنها تثير الذعر في الداخل الإسرائيلي، ونشرها لا يمكن أن يمنع العمليات الفلسطينينية".

وأضاف،"لا تمر دقائق على وقوع العملية حتى نشاهد صور الدم والقتل في كل مكان على وسائل التواصل الاجتماعي والواتس آب دون أدنى حد من الرقابة، إنها بمثابة توزيع للرعب على الإسرائيليين".

وأشار جات إلى أنه لا داعي لوصف عمليات القتل، حيث أصبح بالإمكان مشاهدة الصور والفيديو على الهواتف بشكل مباشر، وقال "الآثار النفسية السيئة لذلك تشمل الكبار والصغار، هذا ليس هولييوود وإنما هذا الواقع".

وادعى جات أنه إذا كانت الحجة من وراء نشر الإسرائيليين لمثل هذه الصور إظهار الفلسطيني على أنه إرهابي ومخرب،فإن دراسات علم النفس في "الارهاب" تثبت العكس تماما، مضيفا، "نشر هذه الصور يدخل الإسرائليين في حالة خوف وذعر وقلق"، وأضاف "حسب سيكولوجية الإنسان العربي الصور ليست مصدر خوف وردع وإنما محفز لعميات أخرى".