رام الله – خاص قُدس الإخبارية: تستخدم دولة الاحتلال فزّاعة "التحريض" الفلسطيني، وخاصة الإعلامي منه كمبرر لجرائم جيشها خلال الانتفاضة القائمة، وهو ما يلاحظه المراقبون من خلال تصريحات القادة الإسرائيليين وحجم التحريض الإسرائيلي على كل ما هو فلسطيني ووطني، بينما يرى آخرون بأن ذلك يعتبر دليلا على خسارةالاحتلال للحرب الإعلامية مع الفلسطينيين خلال الانتفاضة الحالية.
اختلق الاحتلال مصطلح "التحريض" الفلسطيني وأدرجه كسبب لاستمرار أحداث الانتفاضة، ليصبح فزّاعة يمكن ملاحظتها في الخطاب الإعلامي الإسرائيلي بشكله العام تجاه الفلسطينيين، من خلال اعداد مواد صحفية مطولة تتهم الفلسطينيين بالتحريض، لترسيخ فكرة الفلسطيني المعتدي والمحرضص لدى الجمهور الإسرائيلي والتي انعكست على المجتمع الفلسطينيي في الداخل المحتل.
واستغل جيش الاحتلال التحريض كمسوغ قانوني ومبرر لانتهاك الحقوق الفلسطينية، شمل بعضها اغلاق ثلاثة إذاعات فلسطينية، ومصادرةأجهزتها التقنية، وتحذير إذاعات أخرى لوقف بث الأغاني الوطنية وإلا فإنها ستواجه نفس المصير،إضافة إلى مراقبة المواقع الاجتماعية والحسابات الشخصية، وتنفيذ الاعتقالات والاقتحامات والاغلاقات في القدس والضفة، دون ذكر للتحريض الإسرائيلي على الفلسطينيين الذي يسوقه الإعلام الإسرائيلي على مدى السنوات الماضية.
التحريض الإسرائيلي
أكثر التصريحات تكرارا على لسان رئيس الوزارء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو،هو أن سبب الأحداث الجارية وعمليات جيش الاحتلال، التحريض الفلسطيني الذي يقوده محمود عباس والأحزاب والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية، وفي آخر تصريح له قال"التحريض على العنف والأكاذيب يغذيان الإرهاب،إذا التزم عباس بالسلام فعليه أن يكف عن التحريض".
من جهته قال رئيس دولة الاحتلال رؤفين رفلين إنه على الفلسطينيين وقف ممارسة التحريض ونشر الأكاذيب، وأن استعمال صور القاسية كالتي ينشرها تنظيم "داعش" ليس هو الطريق الصحيح. في حين أنه قد اصطلح على نشر هذا الادعاء كافة الأطراف السياسية والإعلامية الإسرائيلية.
وحاول الكاتب الإسرائيلي رؤوفن باركو استغلال هذه الفزّاعة، وكتب مقالا في صحيفة "إسرائيل اليوم" قال فيه،"هناك ظاهرة جديدة لدى الشباب الفلسطيني تأتي بفعل تحريض جماعة الاخوان المسلمين وفتاوى الشيخ يوسف القرضاوي في قطر"، علما أنه وصف الفلسطينيين في ذات المقال بالإرهابيين وأحداث الانتفاضة بـ"إرهاب القاصرين"، وهو ما يصنف في سياق التحريض الاسرائيلي على الفلسطينيين.
مهاجمة المواقع الاجتماعية
من جهتها أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها ستتعامل بشدة مع مواقع التواصل الاجتماعية الفلسطينية، بحجة التحريض، وتشجيع الفلسطينيين على تنفيذ عمليات، وبدأت عدة اجراءات عمليةفي ذات السياق، كشفتها الوزارة للإعلام الإسرائيلي خلال الحديث عن المهام الموكلة لوحدة 8200 المختصة بمراقبة ومتابعة وسائل الاعلام الإلكترونية وشؤون التقانة.
وعملت وزارة خارجية الاحتلال على تعزيز الكادر البشري في الوحدة،والتي ستكون مهمتها مراقبة كل ما ينشر على ومواقع التواصل الاجتماعية باللغة العربية، وتتبع كلمات مثل "سكين" "يهودي" ، والفيديوهات الفلسطينية التي تتضمن لقطات ومواد قد تحيي الروح الوطنية لدى الفلسطينيين، واشترطت وزارة الخارجية أن يكون أفراد الوحدة من خريجي وحدة الاستخبارات في جيش الاحتلال.
ويضاف لهذه الوحدة مهمة نشر مواد إعلامية إسرائيلية ترويجية من انتاج وزارة الخارجية على وسائل الاعلام المختلفة، بهدف التحريض على الفلسطينين والحد من انتشار الرواية الفلسطينية، وهو ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى محاصرة الحقائق والدلائل التي ينشرها الإعلام الفلسطيني حول جرائم الاحتلال.
من جهة أخرى كانت نائب وزير الخارجية الإسرائيلي تسفي حوتوبلي التقت في الولايات المتحدة مع مدراء تنفيذيين في شركتي غوغل ويوتيوب وغيرهما،من أجل زيادة التعاون مع "إسرائيل" والتصدي للرواية الفلسطينية، زاعمة أن التصعيد الجاري هو نتاج الدعاية الفلسطينية. وحسب موقع "اللا" العبري فقد تم الاتفاق على بناء آلية عمل مشتركة بين الطرفين.
الاحتلال يخسر إعلاميا
وعقب الباحث في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد بأنه أصبح لدى الإسرائيليين قناعة بأنهم خسروا الحرب الإعلامية في الانتفاضة القائمة، وهذا ما دفعهم للتحريض على الفلسطينيين إعلاميا واستغلال فزّاعة التحريض، واستنفار إمكاناتهم، وإرسال بعثات للغرب من أجل توضيح الصورة.
ويعرّف أبو عواد التحريض الفلسطيني الذي يتغنى به نتنياهو ويعتبره كذبا فلسطينيا صريحا، بأنه ما اعتادت وسائل الإعلام الفلسطينية على بثه من أخبار وصور ووجهات نظر فلسطينية التي تنقل الحقائق وتطورات الأحداث، والتصريحات الفلسطينيية الكاشفة عننية نتنياهو تغير الوضع القائم في الأقصى.
ويضيف في حديث لـ قُدس الإخبارية، أن قضية التحريض تأتي في سياق الحرب الإعلامية، "علما أن جيش الاحتلال ليس بحاجة إلى تبرير لقتل الفلسطينيين، ولكن استمرار اتهام الفلسطينيين بالتحريض يهيء الأجواء للجيش من ناحية حدة الانتقادات الداخلية والخارجية".
ويشير الباحث أبو عواد إلى أن الإعلام الإسرائيلي يعاني من الرقابة العسكرية، فهو يعكس ما تراه الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، "التي بطبيعة الحال تتعمد دس الرواية الأمنية الإسرائيلية بالتحريض على الفلسطينيين،واستضافة الشخصيات الأكثر تطرفا، والتطرق إلى كل حدث أمني على أنه عمل إرهابي".
وأكد أبو عواد أن التحريض الحقيقي هو ما تقوم به وسائل الإعلام الإسرائيلية من استخدام مصطلحات كمخرب وارهابي،والدعوة لاستخدامأسلوب القتل لكل مشتبه به، و تشجيعها الإسرائيليين على حمل السلاح، وضرورة سن قوانين تحرم فلسطينيي الداخل من الإمتيازات ما قد يؤدي منسوب العنصرية ضدهم.