رام الله – قُدس الإخبارية: أثبتت الانتفاضة الفلسطينية القائمة رغم بساطة أدواتها، أنها قادرة على خلق أجواء من الارتباك لدى دولة الاحتلال على المستويين الأمني والإعلامي، حيث ركز الإعلام الإسرائيلي على عدة قضايا ما زالت تثير قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، لها علاقة بطبيعة وجغرافية الانتفاضة من جهة، وأساليبها ووسائلها ووقودها من جهة أخرى، إضافة إلى عدم القدرة على قمعها.
وأشار "الشاباك" الإسرائيلي في تقرير للقناة الإسرائيلية العاشرة، إلى أن الشهر الماضي شكّل أسوأ مدة زمنية على مدار تسع سنوات من الانتفاضة، من حيث العمليات في مناطق القدس والضفة والمحتلة، وأظهرت بيانات "الشاباك" وقوع 602 عملية خلال شهر أكتوبر الماضي، قتل خلالها 11 إسرائيليا.
اجراءات أمنية فاشلة
وصف موقع "واللا" العبري عمليتي "غوش عتصيون" و"تل أبيب" أمس الخميس بأنهما تشكّلان واقعا أمنيا معقّدا "للشاباك" الإسرائيلي، فرغم كل الاجراءات الأمنية التي يتخذها جيش الاحتلال وبعض التنسيقات مع السلطة الفلسطينية، إلا أنه ما زال عاجزا عن وقف العمليات والتصعيد، "فكلما جاءت فترة هدوء لا تستمر لأكثر من يومين حتى تبدأ العمليات من جديد، الواضح أنه لا يمكن القضاء على الانتفاضةبسهولة وسرعة"، كما يقول الموقع.
وكشف الموقع أن ما يعقّد أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية، هو فردية العمليات وعفويتها، حيث أنه لا يمكن التنبؤ أو الوصول إلى معلومات مسبقة عن نوايا المقاومين الفلسطينيين لتنفيذ عمليات، لكن آلية التعامل التي تحاول أجهزة الاحتلال اتباعها، هي محاربة "العدو المجهول" والبقاء على أهبة الاستعداد لكل الاحتمالات.
من جهة أخرى، وبعد العمليات التي نُفذت في الداخل المحتل، والتخوفات من تطورها واستمرارها، أشارت القناة العاشرة إلى أنه كان لزاما على وزارةالنقل والمواصلات فرض اجراءات جديدة لتأمين وسائل النقل العام، وقررت أن توزع 300 شرطي في مدينة القدس وحدها، وهي القضية التي أثارها الإعلام الإسرائيلي وسعى لسنها كقانون تقره الحكومة الاسرائيلية، إلا أن مدن الاحتلال الأخرى ما زالت سلطات الاحتلال غير قادرة على تأمين خطوط مواصلاتها.
وصرح مصدر أمني إسرائيلي لصحيفة "إسرائيل اليوم"، أن ما تقوب به أجهزة الاحتلال من قمع للانتفاضة هو الأسلوب الصحيح، "يجب ايصال رسالة تهديد للفلسطينيين كي تردعهم عن تنفيذ العمليات والتحريض".
بعبع الخليل
في ذات السياق، عنون موقع "واللا" العبري مقالا له، بـ"المخربون يخرجون من الخليل رغم عدم وجود أي مطلوب أمني فيها". وبلغة الاستغراب يقول الموقع إنه رغم الهدوء الذي ساد في الخليل لأيام في مجال عمليات الطعن تحديدا، إلا أن عمليات اطلاق النار أشعلت المنطقة من جديد، بل وأظهرت أنها أكثر ايلاما وفتكا بالإسرائيليين.
ووصف المختص في الشؤون الأمنية ألون بن دافيد في حديث للقناة العاشرة الخليل بأنها "طنجرة ضغط"، بينما تساءلت زميلته في ذات البرنامج خلال مقدمتها لعرض تقرير عن مدينة الخليل، عن كيفيّة تحول الخليل إلى ما اسمته "معقل للإرهاب" الفلسطيني.
وركّز تقرير "القناة العاشرة" عن الخليل على أن المدينة تشكل برميل بارود متفجر، مشيرا إلى انتقال موجة العمليات من القدس إلى الخليل التي أصبحت تسمى "مقر الارهاب" إسرائيليا، وأنه لا يكاد يمر يوم دون حدوث عملية أو محاولة طعن في الخليل أوالمناطق المحيطة بها.
وتحدّث مواطنون من الخليل قابلهم بن دافيد في المدينة، عن أن المنطقة ذاهبة باتجاه الهاوية، بينما تقول احدى المستوطِنات، "هناك خوف شديد مقارنة مع الانتفاضات السابقة، ولا نعلم ما هو مصدره"، إلا أن تقرير القناة العاشرة حاول تسطيح أحداث الانتفاضة في الخليل وتحجيم أسبابها في الوضع الاقتصادي السيء لسكان البلدة القديمة وحالة الاحباط السائدة.
طعن أم عسكرة؟
وتتعدد التساؤلات والسيناريوهات بالنسبة للمؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، حول تقديرات الانتفاضة القائمة إن كانت ستتحول من السلاح الأبيض إلى إطلاق النار، في ظل عمليات إطلاق النار الأخيرة في الخليل، وأصبح "الشاباك" يدّعي بأن دولة الاحتلال تستعد لتطور ظاهرةالطعن لظاهرة إطلاق نار.
من جهة أخرى يَظهر موقف "الشاباك" الإسرائيلي المرتبك في الإعلام، من توقعاته التي نشرت منذ بداية الأحداث، والتي أشارت إلى أن الانتفاضة القائمة ليست إلا موجة أحداث عابرة، لا أفق لتطورها لانتفاضة مسلحة، مشددا على ضرورة اخمادها قبل أن تطول وتتحول إلى انتفاضة مسلحة.
المواقع الاجتماعية
واعتبر محلل القناة العاشرة ألون بن دافيد، أن مواقع التواصل الاجتماعي تشكل أحد أسباب العمليات والتصعيد، وأطلق عليها مسمى "التحريض الالكتروني" الذي يشكل وقود الانتفاضة الحالية، وأكثر ما تخشاه "إسرائيل" اليوم هو أنها قد تكون عاجزة عن السيطرة عليها.
وبثت القناة تقريرا مطولا حاولت أن ترصد فيه ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية، معتبرة أنها تنشر الكراهية للإسرائيليين وتدعوا لقتلهم.
وحاول التقرير إثبات أن هناك علاقة قوية بين ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعية الفلسطينية، والعمليات التي تحصل على أرض الواقع من طعن وغيره. فقال كوبي ميكال الباحث في مركز الأمن القومي الإسرائيلي أن السكّين أصبح رمزا للنصر، ورفع المعنويات لدى الفلسطينين.
وتقارن القناة العاشرة بين أساليب التعبير في الانتفاضات الثلاثة، فتقول، "في الانتفاضتين السابقتين كانت تستخدم الكتابة على الجدارن كنوع من التحريض، ولكن اليوم تحول هذا التحريض لجدران الفيسبوك، وبأساليب أكثر تأثيرا وحداثة، كالصورة والفيديو إضافة إلى الكلمة".
إلا أن التقرير حاول ربط الصورة الرمزية التي أصبحت تشكلها السكّين لدى الفلسطينيين مع صورتها بالنسبة لداعش، من خلال مقارنتهابعدة فيديوهات بثتها الأخيرة على الشبكات الاجتماعية، في محاولة لتشويه صورة العمليات الفلسطينية والانتفاضة القائمة.