ترجمات عبرية-خاص قدس الإخبارية: يحاول الاحتلال الإسرائيلي ترهيب الفلسطينيين لضبط أحداث الانتفاضة الجارية بأساليب مختلفة، تعتبر وحدة "المستعربين" في جيش الاحتلال إحداها، بصرف النظر عن إنسانية وقانونية الجُرم المرتكب بإعدام فلسطيني واعتقال آخر داخل مستشفى الأهلي بمدينة الخليل المحتلة، ثم يدعم كل ذلك تصفيق الإعلام الإسرائيلي الذي صوّر الأمر على أنه إنجازا إسرائيليا، مشيدا بأسلوب عملية الاقتحام التنكري، ليطلق عليه البعض عملية "بيبي بوم"، أي الطفل المتفجر.
وجاءت تسمية العملية من الأسلوب الذي استخدمه "المستعربون"، حيث دخلوا إلى المستشفى بعد تنكرهم على هيئة امرأة حامل في حالة ولادة سريعة، في حين كان الجميع يرتدي اللباس المدني، وما أن دخلوا مبنى المشفى حتى أشهروا أسلحتهم. من جهة أخرى ادعت أجهزة الاحتلال أن الهدف من العملية كان اعتقال منفذ عملية طعن قرب مستوطنة "غوش عتصيون" وهو عزام شلالدة، ثم زعمت اشتباك ابن عمه عبد الله شلالدة مع قوة "المستعربين" لتعدمه على الفور.
ويشار إلى أن "المستعربين" هم نخبة من جنود الاحتلال المدربين على نمط حياة الفلسطينيين، يتقنون العربية، ويتنكرون بين الفلسطينين، لتنفيذ عمليات اعتقال، وإعدامات، وتجسس وغيرها، ويعتقد جيش الاحتلال أن استخدام "المستعربين" في الانتفاضة الحالية يثير الخوف والريبة بين الفلسطينين، ويساعد على تفريق تجمعات واعتقال من أسماهم بـ"مثيري الشغب".
تغطية الإعلام الإسرائيلي
حاول الإعلام الإسرائيلي بأغلب أطيافه وانتماءاته تصوير عملية "المستعربين" في المستشفى الأهلي بأنها عمل متقن ومبهر، متباهيا بالعملية على مواقع التواصل الاجتماعية الإسرائيلية، بنشر الفيديو التوثيقي الذي سجلته كاميرات المراقبة الفلسطينية داخل المشفى، دون التفات الإعلام الإسرائيلي أنه قد يكون وقع بين فخ غياب المصدر الإسرائيلي واضطراره نشر الفيديو عن مصدر فلسطيني الأمر الذي قد يقيم الحجة عليه قانونيا ودوليا.
وجاءت أغلب عناوين المواد الصحفية الإسرائيلية على مواقع التواصل الإجتماعي على النحو الآتي، "كيف استطاعت قوة إسرائيلية خاصة دخول مستشفى في الخليل"، "سيده حامل، وسلاح مخفي"، "شاهدوا هكذا استطاع مقاتلو وحدة المستعربين اعتقال مخرب فلسطيني من مستشفى في الخليل"، " بالتنكر واللحية الطويلة نفذ الجيش عملية بيبي بوم منتصف الليلة في الخليل، شاهد الفيديو موثق خطوة خطوة "، "توثيق دراماتيكي".
ونورد هنا أيضا بعض الاقتباسات من مواقع الصحف والتلفزيونات الإسرائيلية، "امراة حامل وسلاح مخفي على كرسي متحرك، التوثيق الكامل لعملية المستعربين"، "فيلم الأكشن والاثارة"، "كما في الأفلام: المستعربون في العملية"، "عملية جريئة من قبل الشاباك ووحدة المستعربين".
وأجرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" مقابلة مع المستوطن الذي ادعى بأن عزام شلالدة طعنه بالقرب من "غوش عتصيون" يسرائيل بن أهرون وهو في أحد المستشفيات الإسرائيلية قال فيها، " هذا الأمر هو من اختصاص الشاباك وليس من شأني التدخل فيه، لم أتفاجئ من عملية الاعتقال وشاهدت الفيديو وكنت أعلم أنها مسألة وقت لاعقاله لا أكثر، فلا داعي لقتله الآن، سيعترف للشاباك بمعلومات عن آخرين"، مضيفا أنه يشد على أيدي الشاباك والجيش في محاربة من أسماهم بـ"المخربين"، "كل ما أطلبه الآن العودة إلى طبيعتي ، وسوف أطارد التأمين الاجتماعي لتعويضي عن كل ذلك".
ويظهر أن الإعلام الإسرائيلي سلط الضوء على الطريقة التي تعامل بها المستعربون في التنكر على هيئة مرأة حامل، وهوّل ذلك من خلال نشر الفيديو بصيغته الكاملة، إضافة إلى صور توضيحية تم التقاطها من نفس الفيديو في كل مادة صحفية.
حماقة إسرائيلية
تفاوتت التعليقات على موقع الفيسبوك حول فيديو العملية الذي انتشر بشكل واسع، فاعتبر البعض أنه من الغباء والحماقة الإسرائيلية نشر مثل هذا الفيديو التوثيقي الذي يدين الاحتلال قانونيا وعالميا، ويظهر بشاعة تعامله مع الفلسطينيين أمام العالم، ولكن الغالبية كانت مهللة ومباركة للعملية، بأوصاف كثيرة تضمنت السباب على العرب والفلسطينين.
لكن "حاغي متار" نشرة مقالة عن حول القضية على موقع "محادثة جديدة " العبري، اعتبر فيها أنه لا يمكن الحديث عن مهنية وحيادية الإعلام الإسرائيلي، فغالبية وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تذكر ما هو الجانب القانوني لتنفيذ عملية داخل مؤسسة طبية ومستشفى يعالج الحالات الإنسانية، كما انتقد اللهجة التي يتحدث بها الإعلام الإسرائيلي ولغة الاحتفال باعتقال شخص مصاب.
وكشف أن الإعلام الإسرائيلي لم يجري لو مقابلة واحدة مع جمعية حقوق إنسان، أو حقوقيون للحديث عن العملية وإنسانيتها، سوى المرور العابر لصحيفة "هأرتس" عن الأمر، وتم تغييب هذه الزواية إعلاميا، مشيرا إلى أن منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الحقوقية، حذرت سلطات الاحتلال من مثل هذه العمليات، وقالت "العملية انتهاك لمواثيق وقوانين حماية المستشفيات والمرافق الطبية، كما أنها تهدد المرضى والطاقم الطبي"، كما طالبت المنظمة الاحتلال بوضع حد لهذه الممارسات غير المقبولة.
وأشارت المنظمة أن هذه ليست المرة الأولى التي تقتحم فيها قوات الاحتلال مستشفيات فلسطينية، ففي الانتفاضة الجارية تم اقتحام مستشفى رفيديا في نابلس، كما اقتحم الاحلال مستشفى المقاصد في القدس، ودقق في سجلات المرضى بطلب من الشاباك الإسرائيلي.
وأضاف "متار" من جهة أخرى، أنه "لا يحق لـ"إسرائيل" أن تعترض في المستقبل على تنكر فلسطينيين بزي صحافي، أو في سيارة اسعاف، أو التخفي في مقر للأمم المتحدة لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، "لانه في وقتها يجب العودة لمشاهدة فيديو عملية اقتحام مستشفى الأهلي في الخليل"، مؤكدأ أنه من مصلحة الطرفين أن يكون هناك أماكن يمنع استخدامها في الحرب.