شبكة قدس الإخبارية

مكاسب نتنياهو في واشنطن: الاستيطان و"الأمن" و"صفعة لأبومازن"

عمر أبو عرقوب

رام الله – خاص قُدس الإخبارية: على مدار الأيام الثلاثة الجارية؛ يعقد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو اجتماعات مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وعدد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية والجاليات اليهودية بالولايات المتحدة، يقدم فيها الرؤية الإسرائيلية لكل القضايا الحساسة والعالقة، في ظل الانتفاضة الفلسطينية القائمة.

ويصف الإعلام الإسرائيلي الزيارة بأنها صفعة قاضية للرئيس محمود عباس، باعتبارها تؤكد بقاء "إسرائيل" ابنة أمريكا المدللة في الاقليم، وتثبت حماية واشنطن لمصالحها المشتركة مع دولة الاحتلال، علما أن الزيارة شهدت اللقاء الأول بين نتنياهو وأوباما منذ الخلاف الحاد بينهما على خلفية الملف النووي الإيراني.

وارتفع منسوب الضحك والفكاهة لدى نتنياهو وأوباما خلال اجتماعاتهما، وهذا ما لم يحدث على مدار سبع سنوات اجتمع فيها الرجلان بصفتيهما الحاليتين، فالزيارة كما يقول الإعلام الإسرائيلي جاءت من أجل تطييب النفوس، وتجنب الأزمات، وتحقيق انتصارات سياسية معا.

وركزت النقاشات بين الطرفين على عدة قضايا أبرزها، حل الدولتين، والانتفاضة الفلسطينية القائمة وإمكانية اتخاذ نتنياهو خطوات أحادية الجانب، والدعم العسكري والأمني الأمريكي، والملف السوري والايراني، وقضية الجاسوس جوناثان بولارد، والتي جاءت في أغلبها حسب طلب نتيناهو، في حين ركز الإعلام الإسرائيلي على تصوير الحدث بأنه انجاز إسرائيليا.

قمع الانتفاضة

لم يتردد نتنياهو خلال اجتماعه مع أوباما في أن يطلب من الإدارة الأمريكية إدانة ما أسماه، "موجة العنف والإرهاب" في الضفة والقدس، وإعطائه الضوء الأخضر لقمعها والتعامل معها، وهو الأمر الذي تردد فيه أوباما، فيدعي إعلام الاحتلال بأن أوباما لا يريد لنتنياهو استخدام كامل قوته في الضفة، حتى لا تؤدي سياساته إلى مزيد من التصعيد.

وحاول نتنياهو التحريض على الفلسطينيين بالقول، إن هناك علاقة قوية بين الوطنية الفلسطينية والإسلام الراديكالي، وهو ما يتم تداوله على مواقع الشبكة العنكبوتية، لكنه سيحاول التفريق بين من أسماهم "المخربين" الفلسطينيين، والسكان الفلسطينيين، بالتشديدات الأمنية، والاعتقالات وغيرها، حتى لا يمتد التصعيد لكافة المناطق الفلسطينية ويشمل مشاركة شريحة أوسع.

بعد سلسلة اجتماعات بين الطرفين افتتح أوباما كلمته بالقول، "أمن إسرائيل أولوية قصوى"، ثم  أدان ما أسماه "الموجة الإرهابية" من الانتفاضة الفلسطينية القائمة، وأرسل رسالة تعزية لمن قُتل من الإسرائيليين، ورسالة تضامن مع من أصيب خلال الأحداث قائلا، "إن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها".

حل الدولتين

ويرى نتنياهو أن الرؤية الإسرائيلية لحل الدولتين مازالت قائمة ويحاول الترويج لذلك إعلاميا، لكنه يشترط مقدما "بأن يجد الشريك الحقيقي للسلام فلسطينيا"، وأن يعترف الفلسطينيون بيهودية دولة الاحتلال، وأن تكون دولتهم منزوعة السلاح، محاولا بذلك اظهار الفلسطينيين بأنهم العقبة في طريق السلام.

في حين ترى إدارة أوباما أن نتيناهو وعباس قادرون على اتخاذ قرارات مناسبة من أجل التوصل إلى حل الدولتين، أما أوباما شخصيا فإنه يتوقع بأن الظروف ليست ناضجة لقيام دولة فلسطينية، ولا يرى أفقا لحل الدولتين في فترة ولايته التي تبقى لها عام ونصف.

وأشارت الإدارة الأمريكية إلى أنها لا تعلم ما إذا كانت "إسرائيل" مستعدة لوقف البناء في المستوطنات، الأمر الذي قد يقوّض فرصة حل الدولتين، علما أن لجنة البناء في القدس أقرت بناء 900 وحدة إستيطانية في مستوطنة "جيلو" المقامة على أراضي القدس المحتلة، في اليوم التالي لاجتماع نتنياهو وأوباما.

كما جاء قرار بناء الوحدات الجديدة بالتزامن مع قول نتيناهو إنه قد يتم اتخاذ خطوات أحادية الجانب في قضية حل الدولتين في الضفة تحديدا، إذا ما استوفت الشروط الأمنية الإسرائيلية، وهو ما انتقده بشدة رئيس حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت، الذي يشغل أيضا منصب وزير المعا رف.

واعتبر الإعلام الإسرائيلي أن نتيناهو قد ربح في قضية الاستيطان، حيث أنه لم يواجه انتقادا حادا من الجانب الأمريكي، وطلب نتنياهو بشكل صريح بأن تغض الإدارة الأمريكية الطرف عن التمدد الإستيطاني، والوقوف إلى جانب "إسرائيل" أمام الضغط الأوروبي في هذا الأمر.

وقالت منظمة "عير عميم" الحقوقية الإسرائيلية، إنه في الوقت الذي يعلن فيه نتنياهو وأوباما عن أهمية حل الدولتين، يستمر الاحتلال بالمصادقة على بناء وحدات استيطانية واجراءات من جانب واحد.

المال والسلاح بحجة الأمن

حسب الاتفاقيات الإسرائيلية الأمريكية في مجال المساعدات الأمنية والعسكرية فإن "إسرائيل" تسلمت حتى الآن 50 مليار دولار من أمريكا في هذا المجال، خلال اتفاقات العقد الأخير التي ستنتهي في عام 2017، ولكن نتيناهو حمل في جعبته طلبا بزيادة المساعدات العسكرية والمالية بشكل واضح، بحجة حفظ الأمن الإسرائيلي والأمركي، وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة، خاصة بعد التغيرات الجارية في الشرق الأوسط، وبناء على ذلك سيتم تشكيل فريق يتوقع أن يزور دولة الاحتلال من أجل إقرار الزيادة.

وتحدث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن المساعدات المقدمة "لإسرائيل" هي نصف المقدمة لكوريا الجنوبية، ولكن بشكل عام يتم الحديث عن سرب من طائرات (F-15)، وطائرات الشبح، وطائرات التزود بالوقود، ومروحيات وذخائرة دقيقة التوجيه، وطائرات(V-22) ، وصواريخ للدفاعات الصاروخية الجوية وغيرها.

وفي ذات السياق تسعى"إسرائيل" لزيادة الدعم السنوي من ثلاثة مليارات دولار سنويا إلى خمسة مليارات وبعض ملايين الدولارات، والتي سيذهب جزء منها للقبة الحديدية.

وقال الإعلام الإسرائيلي، إن أوباما في الوقت الحالي يسعى إلى كسب ود "إسرائيل" حتى لا يوصف بأنه معاد للسامية، كما قال عنه ناطق باسم نتيناهو في تصريحات سابقة اعتذر عنها، في حين يرى نتنياهو بأن الاستثمار الأمريكي في الأمن الإسرائيلي هو من أنجع الاستثمارات المفيدة لأمريكا.

الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد

ركز نتيناهو خلال جدول أعماله أيضا على مناقشة قضية الجاسوس الأسرائيلي جوناثان بولارد، وهو أمريكي كان يعمل في جهاز الاستخبارات الأمريكية واتهم بالتجسس على أمريكا وتسريب معلومات لـ"إسرائيل"، وحكم بالسجن لـ(30 عاما) تنتهي بعد أسبوعين، ومنح الجنسية الإسرائيلية في عام 2008.

وتلخص الطلب الإسرائيلي في السماح له بالسفر والاستقرار في "إسرائيل"، وهو الأمر المخالف لحكمه القاضي بمكوثة 5 سنوات في أمريكا بعد الافراج عنه، لا يسمح له بالسفر خلالها.

ويرى الإعلام الإسرائيلي أن أوباما لا يريد أن يقدم هدية لـ"إسرائيل" دون مقابل في هذا الجانب تحديدا، وبناء على ذلك كان من الواضح أن أوباما لن يتدخل في قضية بولارد حتى الآن، في حين رفض نتنياهو الرد على أسئلة الصحافيين حول هذه القضية.

الملف الإيراني والسوري

وأوضح نتنياهو مجددا رؤيته للملفين الإيراني والسوري، بأن "إسرائيل" تعارض الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني بحجة أنه يحافظ على البنية التحتية النووية الإيرانية، وأن "إسرائيل" ترغب في وضع حد للتدخل الإيراني في سوريا، وأن يكون لديها الضوء الأخضر لقصف قافلات السلاح الخاصة بحزب الله في لبنان وسوريا.

كما طالب نتنياهو بأن يتم إعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، الأمر الذي يعتبر ردا على التدخلات الإيرانية، ويمكن "إسرائيل" من تنفيذ هجماتها في المنطقة بأريحية، لكن لم ينشر الإعلام الإسرائيلي الموقف الأمريكي من هذه الطلبات.