شبكة قدس الإخبارية

أحمد مناصرة.. قصص وراء أبواب موصدة..

رنا شحاتيت

كثيرا ما سمعنا عن غرف التحقيق في مراكز مخابرات الاحتلال، لكننا لم نحمل تصورا خاصا لما تحمله هذه الغرفة من بشاعة صور ترتطم في الذاكرة، جدران كقطع عذاب خنقت أنفاس الكثيرين.

في الثاني عشر من تشرين الأول الماضي، مشهد وحشي لمقطع فديو يظهر فيه الطفل المقدسي أحمد مناصرة 13عام ممدودا على الأرض ودماؤه تسيل من جسده وسط شتائم بألفاظ نابية.

عاد المشهد من جديد بلون أخر يصور تنكيلا جديدا، هذه المرة من غرف التحقيق ليواجه رحلة ترهيب وشتم من محققين من المؤسسة الرسمية في دولة الاحتلال.

ما شوهد في الفيديو المسرب لمناصرة هو جزء بسيط لا يتعدى ثلاثة دقائق ربما لم يمكن أحمد من النوم لساعات طويلة، يُظهر غطرسة المحققين واستمتاعهم بتعذيبه وتعاليهم على جميع القوانين الإنسانية التي تُحرم تعذيب الأطفال والتحقيق معهم دون وجود الأهل، أو إجبار الطفل على الإدلاء باعترافات لم يقترفها.

المادة 31 من اتفاقية جنيف تشير بكل وضوح على أنه "تحظر ممارسة أي إكراه بدني أو معنوي إزاء الأشخاص المحميين، خصوصا بهدف الحصول على معلومات منهم أو من غيرهم".

الفيديو المسرب الذي ظهر فيه مناصرة داخل غرفة التحقيق هو الثالث من نوعه، فالأول كان للأسير اللبناني الشيخ "مصطفى  الديراني"، والثاني للأسيرة المحررة "أمنة منى".

كثيرا ما تم الحديث عن مصدر التسريب، لكن الاحتمال الوحيد أن يكون جهاز "الشاباك" المسؤول عن تسريبه وبقرار منه، لأن لجهاز المخابرات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن هذا المكان، وقد يكون الاحتلال تعمد تسريبه بهدف ترهيب الفلسطينين لردعهم بما ينتظرهم داخل السجون، أو رسالة للمجتمع الإسرائيلي أن جهاز أمن الدولة يحقق إنجازات ويستعمل كل أساليب الضغط على الفلسطينين.

احتلال يضع كل ما لديه من فساد بكل أشكاله وألوانه، على كل التفاصيل، فمعاناة إنسان واحد تؤذي الجميع.

"مناصرة" مما يخاف هذا الطفل الذي امتد عمره إلى الغد أكثر مما أنبت فيه الأمس، أخذ يتخنق بعباراته "مش متذكر شو ذنبي أنا، انجنيت أنا مش متذكر"، ملامح الطفولة لا زالت تنطق بها جوارحه عندما اتهموه محققو العذاب "انت ساعدت العدو في وقت الحرب" لِتُجيب طفولة أحمد "أنو حرب شو دخلني في الحرب" وبعد مجادلات مابين طفل لم يكمل 14 ربيعاً وضباط ارتووا من دماء وأنفاس وذكريات الكثير من الفلسطينين يُفسرون له" يعني أنت سويت إشي ضدد إسرائيل".

وسط ساعات تجر ذيولها ببطء أمام غطرسة محققين يدعون انتسابهم إلى صنف البشر ظلماً وزوراً، فما من الظلام من قوة تستطيع أن تهزم نور القلب.

اختصر مناصرة كلماته وهو يمسك رأسه بيده ودموعه لم تتوقف أنه لا يتذكر ما يدعون، ولا يعلم أين هو ولا يعلم ما يدور "كل ما تدعونه صحيح لكني لا أتذكر شيئاً مما تدعون أكتب ما تريد لكني بحاجة للطبيب".