شبكة قدس الإخبارية

مخطط لتهجير بلدتها القديمة.. الخليل قصة الهوس الأمني لدى الاحتلال

عمر أبو عرقوب

الخليل – خاص قُدس الإخبارية: "عاصمة الإرهاب"، "بنية حماس التحتية"، "مصدر القلق الإسرائيلي"، "يوم دام في الخليل"، "الخليل تضغط وإسرائيل ترضخ"، "المدينة الأعنف"، وغيرها من العناوين والأوصاف أطلقها الإعلام الإسرائيلي على مدينة الخليل مؤخرا، بعد تصاعد وتيرة أحداث الانتفاضة في المدينة، ردا على الانتهاكات الإسرائيلية، وقد بدا واضحا أننا أمام خطة إسرائيلية طويلة الأمد تهدف لتهجير سكان بلدتها القديمة.

الهوس الأمني

وقال قائد شرطة الاحتلال في منطقة الخليل الأسبوع الماضي حسب صحيفة "يديعوت أحرنوت"، إنه لا يتوفر لديه ما يكفي من رجال الشرطة لحفظ الأمن، " نحن لا نعرف النوم، 12 عملية في منطقة الخليل في أسبوع واحد، و23 عملية دهس خلال ثلاثة أسابيع".

واتهمت "هآرتس" نشطاء حركة فتح بأنهم من بدأ المواجهات والتحريض في الخليل، ورصد تقرير الصحيفة الإسرائيلية ما أسماه "التحريض الفلسطيني" الذي تمثل وفق رايها بأن المتظاهرين كانوا يرددون "الموت لإسرائل"، بينما طالب متظاهرون آخرون القسام بالإنتقام.

ويدعي الاحتلال أن السبب في توتير الأجواء في الخليل هو البنية التحتية لحركة حماس، محاولا أن يحرض عليها بالقول إنهم "يحتفظون بالسلاح إلى يوم القيامة".

ونشر موقع "واللا" العبري تقريرا حذر فيه من أن ترفع بنية حماس التحتية في الخليل رأسها، لأن ذلك سيجبر جيش الاحتلال على خلع القفازات عن يديه للتعامل معها.

ووصفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الجمعة الماضية بأنه كان "يوما داميا أصيب فيه أربعة جنود"، فيما قال مسؤول عسكري كبير في الضفة،  "لا يمكن لنا التحكم بقلوب الفلسطينين، وليس سهلا احباط العمليات الشعبية"، بينما ذكرت"هآرتس" أن رجال الشاباك الإسرائيلي أصبحوا متشائمين من الوضع في الخليل وفي الضفة بشكل عام.

وانتقد الإعلام الإسرائيلي تسمية مدينة الخليل بعاصمة الغضب الفلسطيني، باعتباره تحريضا على تصاعد الأحداث التي وصفت بالأعنف والأشد إيلاما في الضفة، بينما وصف تقرير القناة العاشرة الخليل بأنها ليست متفائلة،"فالوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم، ولا وجود لشريك حقيقي للسلام مثل رابين حسب فلسطينيين من المدينة"، وفق مازعمت.

وقالت القناة العاشرة إن مدينة الخليل أصبحت معروفة بأنها"عاصمة الإرهاب" والتصعيد، وهذا يأتي كنتيجة لليأس والاحباط والبطالة حسب رئيس بلديتها، في حين أن معلق القناة تسفي يحزكالي شدد على أن "أطفال الخليل لا يستمعون إلى عائلاتهم وتوصيتات أولياء أمورهم ويتوجهون إلى المظاهرات، ويأتي كل ذلك في ظل صمت أبو مازن الذي  يعطي الضوء الأخضر لاستمرار التحريض"، كما زعمت.

واعتبرت "يديعوت" أن الفلسطينيين في الخليل انتصروا على "القيادة الإسرائيلية"، وأجبروها على إعادة جثامين الشهداء، وعنونت خبرها " في الخليل ضغطوا وفي إسرائيل رضخوا، يعالون: سنواصل تسليم الجثث".

وأضافت أن الناشطين ورجال العشائر قادوا مفاوضات ناجحة مع قادة الجيش لاستعادة جثث أبنائهم، بعد تجمع مئات الفلسطينين وعائلات الشهداء، وهو ما أجبر الاحتلال على تسليم جثث الشهداء، "لادراكهم أن الاحتفاظ بها يزيد من غضب سكان الخليل".

من جهة أخرى، هدد الاحتلال بأنه سيواصل ضرب المقاومين الفلسطينيين وما أسماهم "المحرضين" لحفظ "الأمن الإسرائيلي"، معتبرا أن إغلاق إذاعة الحرية في الخليل جاء تطبيقا لذلك، وخطوة ضرورية لضرب "التحريض" و"الإشاعات الكاذبة" حول إعدام فلسطينيين، واختطاف ناشطين، وتشجيع الفلسطينيين لتنفيذ عمليات طعن.

وفي ذات إطار الهوس الأمني الذي أصبحت تعاني منه أجهز الاحتلال العسكرية والأمنية في مدينة الخليل، فقد ادعى جيش الاحتلال وباهتمام إعلامي إسرائيلي قتل الحاجة الفلسطينية ثروت الشعراوي72 عاما الجمعة، ووصفها تارة بـ"المخربة التي حاولت تنفيذ هجوم إرهابي" من خلال تنفيذ عملية دهس بسيارتها، وحملها أسلحة بيضاء تارة أخرى، وهو ما نفته المصادر الفلسطينية التي تجاهلها الإعلام الإسرائيلي، قائلا ، إن"الإرهاب" الفلسطيني ليس مقتصرا على الشباب فقط.

وحسب "واللا" العبري، فرغم الاجراءات الإسرائيلية في المدينة إلا أنها ما تزال تشكل مصدر القلق الإسرائيلي، وأن هذه الاجراءات لن تستطيع منع سكان الخليل من تنفيذ عمليات، وكل ما يطلبه الجيش هو العودة إلى الوضع الطبيعي السابق، ولكن لتحقيق ذلك يجب على جيش الاحتلال خلع قفازاته وضرب الخليل بيد من حديد، مشيرا إلى أنه يفضل تحقيق ذلك بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.

تهجير سكان البلدة القديمة

وفي سياق متاصل، كشفت عميرة هاس في تقرير لها نشرته صحيفة "هآرتس" أن جيش الاحتلال يعمل على تهجير الفلسطينيين من البلدة القديمة في الخليل، وأن قرار منع الفلسطينيين من الدخول إليها بحجة موجة التصعيد الحالية، وتشديد الاجراءات الأمنية، وقتل أكثر من فلسطيني للاشتباه بهم في عمليات طعن، وتضييق الخناق الاقتصادي، واغلاق المحال التجارية، ما هو إلا غطاء لمخطط إسرائيلي خفي يهدف لافراغ البلدة القديمة من سكانها.

وكشفت أيضا عن أن الإدارة المدنية الإسرائيلية طلبت من السكان الفلسطيين تسجيل أسمائهم لاثبات أنهم مقيمين دائمين في البلدة القديمة مؤخرا، واليوم تم إغلاق التسجيل وانتهاء مدته، ليصبح من لم يسجل اسمه لدى الإدارة المدنية مقيما غير قانوني في البلدة القديمة، في تمهيد لاعلان البلدة منطقة عسكرية مغلقة بقرار وقعه الضابط روني روما.

وحسب التقرير،  فإنه لم يتوجه أعداد كبيرة لتسجيل أسمائهم بعد أن حاولت الإدارة المدنية إجبارهم على ذلك،  ويقول أحد الفلسطينيين للصحيفة، "الإدارة المدنية حضرت الى منزلي وسجلته، بعد أن حددت مقاييس الغرف والمنزل بطريقة مخيفة جدا".

وتضيف هاس، أنه تم إغلاق الأماكن التي تعتبر نقاط تماس مع الاحتلال،ليعتقد الفلسطينيون أنها اجراءات جاءت لتهدئة الأوضاع ومنع العمليات،لكن في حقيقة الأمر هي مقدمات لنوايا الجيش بتفريغ بلدة الخليل القديمة من سكانها، وجلب مجموعات جديدة من المستوطنين.

وتقول هاس، "لا يمكن تصور الوضع الحالي دون الالتفات إلى مخطط الجيش الخفي الهادف لافراغ البلدة القديمة".

من جهة أخرى قال موقع "واللا"، إنه بسبب الأحداث الجارية في الخليل لم يستطع سوى 4000 مستوطن الوصول إلى البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي، لإحياء "عيد سارة" اليهودي"، فرغم التشديدات العسكرية الاسرائيلية، إلا أن هناك قلقا إسرائيليا واضحا من الوضع الأمني في مدينة الخليل والبلدة القديمة.