شبكة قدس الإخبارية

تحقيق: تهويد سلوان.. خداع ترعاه حكومة الاحتلال

عمر أبو عرقوب

القدس المحتلة – قُدس الإخبارية - ترجمة خاصة: كشف تحقيق إسرائيلي عن رعاية حكومة الاحتلال والمؤسسات الرسمية الإسرائيلية لتهويد بلدة سلوان في القدس المحتلة، من خلال خداع العائلات الفلسطينية وشراء منازلها من غير ملاكها الأصليين، بعد اجهادها بالمستحقات المالية والضريبية والاجراءات القانونية، واغراء العائلات الفلسطينية بيع منازلها بملايين الشواقل لجمعية "عطيرت كوهانيم" الإستيطانية.

ويقارن التحقيق الذي أجرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، بين تعامل شرطة الاحتلال مع أعمال الاخلاء والهدم في حال كانت لصالح الفلسطينيين او المستوطنين، فيقول إنه بعد بناء كنيس يهودي على أراض فلسطينية خالصة بشكل غير قانوني على أراضي سلوان بالقدس، وفي مستوطنة "جفعات زئيف" تحديدا، تقدم قائد شرطة الاحتلال في القدس نيتساف مشيه ايدري الى محكمة الاحتلال العليا بدعوى أن الشرطة لا تستطيع هدم الكنيس والمساعدة في اخلائه، بسبب التوترات الأمنية المتزايدة في القدس، ولأن الشرطة ليس لديها الجاهزية والعدد الكافي من العناصر للقيام بمثل هذه الخطوة.

اخلاء عائلة أبو ناب

بعدها بيوم واحد، كان من المقرر هدم الكنيس، إلا أنه تم توفير مئات من عناصر شرطة الاحتلال للقيام بمهمة أخرى في البلدة، تمثلت في إغلاق مداخل بلدة سلوان، واحضار شاحنة نقل لاخلاء منزل عائلة أبو ناب، ليستوطن اليهود في المبنى مباشرة.

الاخلاء تم بعد ملحمة قانونية طويلة بين العائلة وشرطة الاحتلال، بينما اعتبرت جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية الأمر انجازا لها في قلب سلون، في الوقت الذي تعمل الجمعية فيه على بناء حي يهودي في قلب البلدة التي تسكنها بآلاف العائلات الفلسطينية.

وتسكن عائلة أبو ناب منزلها منذ 67 عام قبل طردهم منه بالقوة، ولم يسمح لها حتى أن تقوم بدفع المستحقات أو الاتفاق على تسديدها، وقال صبري أبو ناب، "التقيت بشخص من عطيرت كوهانيم، أبلغني أن الدين تراكم ووصل إلى مليون شيقل، وعرض عليّ تخفيض المبلغ ودفع مساعدة مالية لتغطية الاحتياجات، مقابل أن يتم اخلاء المنزل"، لكن هذا العرض قوبل بالرفض.

وحصل المستوطنون على مساعدة رجال شرطة الاحتلال في دخول منزل أبو ناب واخلائه، وبعد ساعات قليلة من اخراج العائلة من منزلها، رفع علم دولة الاحتلال من نافذة المنزل، وبعد سكن المستوطنين للمنزل الجديد، أصبح يعيش في قلب سلوان 25 عائلة يهودية، ويبلدةط بها عشرات العائلات الفلسطينية، وكل دخول وخروج لهم يتم بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال.

التفاف على الأملاك

تعتبر السيطرة على المنازل هي ذروة الجهود القانونية والاقتصادية لجمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية، والتي تتضمن رفع قضايا على العائلات الفلسطينية، واجبارهم على ترك منازلهم بالقوة، واجهادهم بالضغوطات المالية، بلدةث يتم كل ذلك بالتعاون المباشر مع سلطات الاحتلال في القدس وهو الأمر غير الطبيعي حسب وصف صبلدةفة "هآرتس"، ويعتبر الهدف الرئيسي ايجاد بناء استيطاني استراتيجي داخل بلدة سلون.

وتعتقد جمعية "عطيرت كوهانيم" بأن لديها تفويضا من الحاخامات اليهود في القدس لاخلاء قرابة 80 عائلة فلسطينية في قلب بلدة سلوان، كما أنها تعتبر نفسها "كريمة" مع العائلات الفلسطينية إذ تدفع لهم من باب المساعدة بعض  التكاليف لاخلاء منازلهم، كما تزعم.

ويدعي تحقيق "هآرتس" أن كل الفضل في ما تقوم به الجمعية الإستيطانية في بلدة سلوان، يعود لشخص معروف في البلدة رتب لشراء الكثير من المنازل بالعقود على اسمه، لكن لم تستطع الصحيفة الوصول إلى اسمه الحقيقي ورمزت له بالشخص "م" كما هو في العقود الرسمية والقضائية.

ويعرض التحقيق أن الشخص "م" نفسه متورط في بيع منازل في مدينة الخليل، حيث يتمتع بعلاقات واسعة مع شرطة الاحتلال ولديه ميزانية مفتوحة، وقد بدأ نشاطه في عام 2000، وقام بتجنيد شخص اسمه محمد مرقة من سكان سلوان، وقد اشترى محمد من عائلته للجمعية مساحة أرض أقيم عليها مبنى مكون من سبعة طوابق وأطلق على المبنى اسم "يهونتان بولارد" قريبة من منطقة بطن الهوى في البلدة.

من الناحية القانونية؛ فقد تم بناء المبنى دون وجه حق، وكان قد صدر بحقه قرار اخلاء لم ينفذ بسبب الضغط السياسي لرئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات. من جهة أخرى وصفت علاقة مرقة مع جمعية "عطيرت كوهانيم" بأنها خيانة، خاصة بعد أن ألقيت عائلته في الشارع وتم اخلاؤها من منزلها، رغم أن الجمعية تعرف مرقة جيدا وتعلم بالخدمات التي قدمها لها من جرائم تزوير، حتى أنهم لم يمنحوه ترخيصا للبناء، لكنهم أغروه بالرحلات لدول العالم والفنادق الفاخرة.

وأشار التحقيق إلى وجود الكثير من هذه الجرائم التي تنفذها "عطيريت كوهانيم"، تم شراء بعض المنازل المحيطة بالأحياء المذكورة وأطلق على بعضها "بيت العسل"، وأصبحت "عطيرت كوهانيم" صاحبة للأرض التي يعيش عليها مئات الفلسطينيين في سوان.

والآن تعمل الجمعية على تشديد الاجراءات القانونية من أجل استبدال السكان الفلسطينيين باليهود، علما أن الفلسطينيين قدموا العديد من الطعونات في أوامر الاخلاء، لكن سلطات الاحتلال لم تسمع لهم، وحازت جمعية "عطيرت كوهانيم" على أوامر الاخلاء مع فرض التزامات مادية ضخمة على كاهل الفلسطينيين، حتى أصبحوا غير قادرين على دفعها.

لم يتوقف الأمر على ذلك، فعملية السيطرة على منازل الفلسطينيين باستغلال أساليب قانونية كانت تسير ببطئ، ما جعل الجمعية تستعين بالشخص "م"، من أجل اقناع العائلات الفلسطينية أنه من الأفضل لهم اخلاء منازلهم، خوفا من الإجراءات القانونية والتكاليف المادية.

خداع العائلات

وقبل عدة أشهر استوطن اليهود في بيت آخر بعد تهديد الفلسطينيين القاطنين فيه، حيث تم التوقيع على اتفاق اخلاء مقابل 3.2 مليون شيقل مع طرف ثالث، ثم اقتحم المستوطنون المكان حاملين وثيقة بأنهم اشتروا المبنى ولديهم الحق القانوني لطرد سكانه حسب الاتفاق.

وبعدها وتمت السيطرة على بناية كبيرة تضم أكثر من 10 شقق سكنية، بعد أن تسلم أحد افراد العائلة مليوني شيقل مقابل الاخلاء بمساعدة الشخص "م" ودون علم أفراد العائلة الحقيقيين، وهو ما تعتبره الجمعية من أكبر انجازاتها.

وتجدر الاشارة هنا إلى أن هذا الشخص الذي وقع الاتفاق لم يكن مالك المبنى الحقيقي، ولا يستطيع أن يحول ملكيته لليهود، فجمعية "عطيرت كوهانيم" تحدثت بوضوح أن لديها خطط من أجل اخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من بلدة سلوان، وفي محيط المنطقة التي سيطر عليها المستوطنون.

وقبل عدة أيام من دخول المستوطنين للمبنى المذكور التقى الشخص "م" مع شخص آخر أطلق عليه لقب "س" في احدى مقاهي القدس، وهو قريب للعائلة المالكة الحقيقية المنزل، وتم الاتفاق على مساعدة الشخص "م" في امتلاك منازل في بلدة سلوان، وجاء في نص الاتفاق أن الشخص "م" لديه تعليمات وصلاحيات واسعة لدفع الأموال ومكافأة كل من "يساعده في رفع علم اسرائيل على منازل الفلسطينيين في البلدة"، ولم يكن يعلم الشخص "س" أن هناك كاميرا سرية تصور الاتفاق.

بعد أسبوع من امتلاك البيت ودخول المستوطنين إليه، دخلت سيارة إلى البلدة وألقت أقراص كمبيوتر يوجد بداخلها تسجيل للاتفاق الذي تم توقيعه لفضح الشخص "س"، الذي وقع على الاتفاق مع الشخص "م"، ويظهر الفيديو الذي نشر الشخص "س" وهو يوقع على الاتفاق ويكتب اسمه الكامل، بهدف تحريض الرأي العام في سلوان ضد عائلته، وإثارة المشاكل بين العائلات الفلسطينية في القدس.

وهرب الشخص الذي ظهر في الفيديو إلى منطقة أريحا، وهناك تعرض للضرب المبرح من قبل مجهولين، علما أنه أنكر أن تكون صورته الموجودة في الفيديو، لكن بعد أيام قليلة ظهر فيديو آخر لنفس الشخص يظهر تلقيه حزم من الدولارات.

وفي ذات البلدة تسكن عائلة ابو سنينة التي توقع عقد ايجار لمدة سنة، وترفض اخلاء المنزل، وفي احدى الليالي دخل المستوطنون إلى المنزل وقاموا بتخريبه وتكسير مقتنياته، وبعدها وصل إلى منزلهم الشخص "م" وعرض عليهم عقد ايجار لمدة ستة أشهر في أي منطقة أخرى بالقدس على نفقته الخاصة، إضافة إلى ما يحتاجون من المال، وعندما رفضت عائلة أبو سنينة العرض، بدأ بتذكيرهم أن المنزل ليس له وضع قانوني في "إسرائيل"، وبعدها حضرت الشرطة مع الشخص "م" وهددوا العائلة بإخلاء المنزل، وبوجود اجراءات قضائية في المحكمة.

رغم كل ذلك، عائلة أبو سنينة رفضت كافة العروضات وما زالت تسكن في منزلها حتى الآن، وأيضا عائلات الرجبي ودويك المجاورتين لمنزل عائلة أبو ناب ما زالوا يواجهون خطر الاخلاء، فمنزل الرجبي تم بيعه في العام 2004 من قبل محمد مرقة "لعطيرت كوهانيم"، وهناك قضية في المحكمة تنتظر اصدار قرار بالاخلاء، علما أن الرجبي عرض على الجمعية دفع مبلغ 350 ألف سيقل مقابل البقاء في المنزل.

ويقول محامي جمعية عطيرت "كونهانيم" إنه لا يمكن الافصاح عن المعلومات التي بحوزتهم حول المنازل في بلدة سلوان، ومن باعها أو ساعدهم في ذلك، وأنهم يملكون قرارا من محكمة الاحتلال العليا ومحكمة القدس بعدم الافصاح عن ذلك، بحجة أن مثل هذه المعلومات خطيرة جدا، وستؤدي إلى حوادث قتل إذا ما نشرت.