عيون تنتظر بلهفة وشوق، وقلب يعتصر بالأمل والألم معا، أسلاك شائكة وزجاج عازل يفصل بينهم، والزيارة نصف ساعة! كهذا هو لقاء الأسرى بأهاليهم، بعد معاناة ومذلة لنهار كامل، وقمع الاحتلال الوحشي.
يتحدث حسام الشلبي عن زيارته لأخيه الأسير نعمان الشلبي من مدينة جنين المحكوم ثلاثة مؤبدات و24عاماً معتقل منذ عام 1991 في سجن "هداريم" الاحتلالي، يقول: "أيام الزيارة تكون عناء نتعرض للتفتيش المذل عند الحواجز الإسرائيلية، التي تستمر لساعات حسب مزاج الجنود، ومن ثم يسمح لنا بالزيارة التي لا تتجاوز مدتها النصف ساعة، وعبر الزجاج أرى أخي نعمان، اسمع صوته من سماعة هاتف وهو مقابلي ولا استطيع أن أسلم عليه!".
ويكمل الشلبي: "أشارك دائما في أي اعتصام لأهالي لأسرى يجري في مدينة جنين، أملا بالإفراج عند أخي في أي صفقة تبادل، وهذا يمنحني الأمل لأني أشعر بالآخرين يشاطرون بعضهم الألم والأمل معا".
الأسير وجدي عزت العتامنه من غزة يقضي حكما بالسجن لمدة 16 عاما، أنهى منها ست أعوام وهو مريض بالسكري، ويقضي أيامه في سجن "ريمون الاحتلالي، رنا العتامنه زوجة الأسير تقول: "أول زيارة سمح لي أرى فيها زوجي كانت في شهر 7 عام 2012، بعد استكمال برنامج زيارات أهالي أسرى غزة إثر "إضراب الكرامة"، ومن ثم منعت من زيارته لرفض الاحتلال إعطائي تصريح زيارة"
تضيف العتامنه: "عند زيارتي له أخرج من البيت وقت صلاة الفجر أتوجه إلى حاجز "إيرز" وانتظر تجمع أهالي الأسرى المسموح لهم بزيارة أبنائهم، وبعد تجمعهم ننطلق بحافلة الصليب إلى داخل المعبر، يتم تفتيش كل الجميع لمدة ساعتين أو أكثر، ومن ثم يتم نقلنا إلى حافلة أخرى تنقلنا إلى السجن، أرى زوجي عبر زجاج ونتحدث عن طريق هاتف لمدة نصف ساعة ومن ثم نخرج إلى الحافلة لنعود إلى غزة".
وعن مشاركتها في اعتصامات أهالي الأسرى تكمل العتامه: "أشارك بالاعتصام والفعاليات التي تجري كل يوم اثنين أمام مكتب الصليب الأحمر وأرفع صور زوجي، هناك تشعر من خلال تكاتف الناس مع بعضهم بأن ثمة أمل بفرج قريب".
الأسير حاتم جيوسي من طولكرم محكوم ست مؤبدات و55 عاماً، أنهى عشر أعوام داخل سجون الاحتلال، ويعاني من قرحة بالمعدة ووجع في أسنانه، ومنع من زيارة أهله لمدة شهرين أثناء وضعه بالعزل الانفرادي في سجن "شطة"، يروي أخيه محمد الجيوسي معاناتهم عند زيارته لحاتم حيث يقضي ساعات على الحاجز ليخضع لتفتيش جنود جيش الاحتلال، والذي يصفه بالمذل والكفيل بإهانة إنسانية الفرد، يخرج من البيت من ساعات الصباح الأولى ليعود في منتصف الليل، يقضي الوقت في الطريق من طولكرم إلى سجن "شطة" ومدة الزيارة لا تتجاوز النصف ساعة التي لا تسمن ولا تغني من جوع".
حال والد الأسير مصطفى السخل من مدينة نابلس كباقي أهالي الأسرى، حكم ابنه مصطفى 11 عاماً قضى منها عشرة أعوام في سجون الاحتلال، درس خلالها بكالوريوس علم اجتماع وهو بداخل السجن. سعدي السخل يتحدث عن زيارته لابنه ويقول: "يتجمع أهالي الأسرى من الساعة 5 صباحا في حافلات الصليب الأحمر ونعود الساعة 9 مساءً، نصل إلى الزيارة منهكين وما يزيد الألم رؤيتي لولدي خلف الزجاج والشبك، فلا استطيع ضمه لحظة لصدري". ويضيف السخل أن جنود الاحتلال لا يكتفون بما يذوقه أهالي الأسرى على حواجزهم من أوقات طويلة يقضونها للوصول إلى السجون، بل يتعمد جنود الاحتلال إذلالهم إهانتهم وخاصة المرضى من أهالي الأسرى.
يروي والد الأسيرين علاء ويوسف السكافي من مدينة الخليل المعاناة التي يتعرض لها عند زيارته لأبنائه، حيث أن ابنه يوسف السكافي حكم 4 مؤبدات ويقبع بالعزل الانفرادي من 16/1/2013 ومنع من الزيارة في سجن "بئرالسبع"، وشقيقه علاء السكافي حكم 27 عاماً ومنع من الزيارة من 16/1/2013 في سجن "ايشل" الاحتلالي، يقول السكافي: "ثلاثة أشهر لم يسمح لي بزيارتهم، وعند السماح لنا بالزيارة نخرج من البيت الساعة الرابعة صباحاً نتوجه إلى حافلات الصليب الأحمر ومن ثم إلى الحاجز، ونبقى في التفتيش مدة ثلاثة ساعات أو أكثر".
ويكمل السكافي: "بعد الانتظار على الحاجز يسمح لنا بالمرور إلى السجن، يضعنا الجنود في غرفه تشبه "الزريبة" -مكان لتربية الحيوانات- وننتظر أن يُنادى علينا، نبقى في هذه الغرفة أربع أو خمس ساعات ونحن ننتظر بأسمائنا، ومن ثم يأخذونا إلى التفتيش نخلع الملابس والأحذية وهذا شيء مذل بشكل كبير، لندخل بعد ذلك لغرف الزيارة".