شبكة قدس الإخبارية

معركة "السوشال ميديا" وفشل الاحتلال

عمر زين الدين

"معركتنا الأساسية يجب أن تتركز ضد مواقع التواصل الإجتماعي التحريضية والإعلام الفلسطيني"، هكذا تحدث رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال مؤتمره الصحفي مساء الخميس، في ظل هبة جماهيرية متصاعدة في الأراضي المحتلة.

معركته ليست على الأرض، فلربما يعتقد أنه ممسك بأدوات السيطرة على الأرض وتطويق الأحداث التي قد تطول قليلاً وفق مضمون خطابه، بل ساحة معركته هي هذا الفضاء الالكتروني الذي أضحى امتداداً للمواجهات على الأرض.

قد تكون نقطة تحسب لصالح النشطاء الفلسطينيين حين يتحدث نتنياهو عنهم بهذه اللهجة الحادة، إذ كان كان يكفي نتنياهو أن يوجه ماكينته الإعلامية لتجابه ما يصفه "تحريضاً" يُبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ولكن يبدو أن المنظومة الإعلامية الإسرائيلية الموجهة للجمهور الفلسطيني لم تستطع أن تخترق حجم الضخ المتدفق من مئات الصفحات الإخبارية والتفاعلية وعشرات آلاف الحسابات عبر شتى مواقع التواصل الاجتماعي، لتظهر بائسةً رتيبة دون صدىً بين الجمهور.

فحتى الصفحات الإخبارية الإسرائيلية الموجهة للجمهور الفلسطيني مثل "المصدر" و"إسرائيل بالعربية" بدت أقل من أن تواجه الهبة الجماهيرية التي تشكل مواقع التواصل الاجتماعي جزءاً مهماً من صناعتها.

موقع "المصدر" الإسرائيلي صاحب مذهب الإثارة في تناول الأحداث، بدا مختلفاً في تناوله الإعلامي هذه المرة فعنون: "السياسيون في إسرائيل وفلسطين يتحدثون عن هدوء أمني قريب"، وإن كان من تخوفٍ من تصاعد المواجهات في الأراضي المحتلة، فالخلاص في حل رئيس بلدية "تل أبيب"، الذي تناول "الحمص" بأحد مطاعم مدينة يافا العربية في يوم رفعت فيه الأعلام الفلسطينية في شوارع المدينة.

حتى الناطقون باسم دولة الاحتلال باللغة العربية كأفيخاي أدرعي وأوفير جندلمان ظهرت رسائلهم الإعلامية التي يبثونها عبر حساباتهم على فيسبوك وتويتر، باهتة دون أن تلقى تفاعلا من قبل جمهور مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطيني.

وكعادته أفيخاي أدرعي حاول لفت الأنظار بروايته الممزوجة بالدراما، فنشر صوراً له وهو يطبّب مواطناً فلسطينياً ادعى إصابته بالحجارة خلال مواجهاتٍ شرقي مدينة نابلس، وأيضاً كالعادة لم يلقَ في التعليقات سوى شتائم من العيار الثقيل.

وبينما لم تفلح المسحة الإنسانية في التأثير في جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، أخذ يتغنى حيناً بـ(غزوة المستعربين) واختطافهم ثلاثة من الشبان خلال المواجهات قرب مستوطنة "بيت إيل"، وحيناً آخر تحول لسيبويه يبتدع معجماً يفسر فيه معنى البطولة.

هذا الفشل في المنظومة الإعلامية الإسرائيلية الموجه للفلسطينيين، قابلته انتفاضة الكترونية فلسطينية، فمنذ تصاعد الأحداث في الأراضي المحتلة أصبحت هبة الجماهير هي الموضوع الرئيس لكافة الصفحات والحسابات الفلسطينية.

لا يمكن إغفال الطابع التحريضي فيما يبثه النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فعبرها برز التحريض على المواجهات، وتحديد نقاط التماس مع الاحتلال ودعوات التظاهر، لتبدو وكأن هناك منظومة إدارة للمواجهات فرضها الواقع من خلال هذه المواقع.

وإلى جانب النصوص والكتابات التي تحرض عن المواجهة وكيفية تمييز المستعربين، وشرح آليات حمل السكين والطعن ومكونات المولوتوف –الزجاجات الحارقة- وغير ذلك، برزت الكوميكسات الساخرة من الاحتلال والمحرضة على المقاومة.

الأمر تعدى ذلك ليخترق النشطاء الفلسطينيون برسائل إعلامية تحريضية الجمهور الإسرائيلي حيث أنتجت مقاطع تمثيلية لعمليات الطعن ورسائل أخرى للتفجير بالحزام الناسف لاقت رواجاً في الجمهور الإسرائيلي لم تستطع إغفاله وسائل الإعلام الإسرائيلية لتتناوله في تقاريرها المكتوبة والمرئية.

ورغم أن الرقابة الإسرائيلية –على سبيل المثال- فرضت على وسائل إعلامها حذف كليب غنائي حمل رسائل باللغة العبرية للجمهور الإسرائيلي، إلا أنه تم تجاوز نظام الرقابة في ظل مواقع التواصل الاجتماعي، ونمو جمهور إسرائيلي يتابع الأخبار وينقلها من وسائل الإعلام الفلسطينية.

النقطة المهمة في هذا السياق أن المنصة التي تتم على ساحتها هذه المعركة الإعلامية –موقع فيسبوك- تقف في صف الاحتلال، إذ إن الموقع حذف المئات من الرسائل التحريضية لصالح المقاومة كما حذف عدداً من الحسابات الشخصية والصفحات العامة.

وبالعودة لنتنياهو، فإن حديثه عن مواقع التواصل الاجتماعي جاء عقب إقرار الاحتلال إجراءاتٍ وقوانين عديدة كان آخرها إنشاء وحدة لمراقبة الحسابات الشخصية على فيسبوك، وفي السياق يعلق ناشطٌ فلسطيني: ماذا يمكن لنتياهو أن يفعل أكثر مما فعل؟!