غزة – قُدس الإخبارية: كشفت الانتخابات الداخلية التي تجريها حركة فتح، في قطاع غزة، هذه الأيام لاختيار أعضاء قيادات الأقاليم، عن عمق الصراع والخلافات بين الرئيس محمود عباس، القائد العام لحركة فتح، والقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان.
وبدأت حركة فتح في قطاع غزة، في انتخاب قيادات محلية، قبل انعقاد المؤتمر العام السابع المقرر في تشرين ثاني المقبل. وبداية الأسبوع الماضي أصيب أربعة شبان جراء اشتباك وقع بالأيدي بين مؤيدين لأبومازن، وآخرين مناصرين لدحلان، خلال انعقاد انتخابات مؤتمر "إقليم" مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
واستدعى التوتر بين أنصار الجانبين تدخل عناصر من شرطة غزة التي تديرها حركة حماس لفض الاشتباكات، الذي تكرر في إحدى جامعات القطاع مرة أخرى.
وأسفرت الانتخابات عن فوز 15 عضوا يشكلون قيادة إقليم مدينة خان يونس، يصفهم يحيى رباح القيادي في حركة فتح، بـ"تيار الشرعية"، قائلا، إنه رغم كل محاولات التخريب والإساءة، من قبل دحلان، نجحت حركة فتح في إجراء الانتخابات وبشكل ديمقراطي.
ويضيف رباح وفقا لتقرير أعدته وكالة الأناضول التركية، أن دحلان الذي لم يعد عضوا في حركة فتح، وأصبح خارج قرارات الحركة، يريد أن يفرض كلمته من خلال التشويش، ونشر الفوضى في مؤتمرات الأقاليم، "لكن نحن ماضون، في انتخابات الحركة الداخلية والتنظيمية، ودعم الشرعية الفتحاوية الممثلة بالرئيس محمود عباس.
وعقدت حركة فتح مؤتمرها السادس في آب/ 2008، في مدينة بيت لحم، وقررت خلاله أن تجعل من مؤتمر الحركة، مؤتمرا دوريا يعقد كل 6 سنوات، بعد أن كان يعقد بشكل "غير دوري"، وبحسب الظروف السياسية والتنظيمية القائمة على الأرض.
وعليه فقد كان من المفترض أن يعقد المؤتمر السابع في آب/ 2014، لكن الظروف على الساحة السياسية الفلسطينية، والعدوان على قطاع غزة أجلت انعقاده، بحسب بيان سابق لحركة فتح.
ووضعت اللجنة التحضيرية الكثير من الضوابط لعملية المشاركة في المؤتمر السابع، حيث تشير معلومات من داخل حركة فتح إلى أن اللجنة اتفقت مبدئيا على أن لا يزيد عدد المشاركين في المؤتمر على الـ 1000 شخص يمثلون أُطر الحركة في الداخل والخارج.
ويؤكد القيادي رباح أن حركته ماضية في ترتيب البيت الفتحاوي، وعدم السماح لأي أصوات أو جهات بتخريب ما وصفه بـ"العرس الديمقراطي الداخلي"، مضيفا، أن "السبت الماضي فاز في الانتخابات من يمثل الشرعية الفتحاوية، ولم يفلح أنصار التشويش والفوضى في النيل من الحركة".
ومن المقرر وفق رباح أن تستأنف حركة فتح عملية انتخاب قادة أقاليم غزة، خلال الأسابيع المقبلة، استعدادا لمؤتمر الحركة العام.
ويعتبر أعضاء قيادات الأقاليم بحسب لوائح حركة فتح الداخلية، أعضاء في المؤتمر العام لحركة فتح الذي سينتخب أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة.
ويدور تنافس قوي وحاد في المؤتمرات الإقليمية في قطاع غزة، بين أنصار الرئيس عباس الذين يطلقون على أنفسهم "تيار الشرعية"، وأنصار دحلان، ويُطلق عليهم "تيار التوجّه".
وتنقل الأناضول عن قيادي فتحاوي مقرب من دحلان لم تذكر اسمه، أن الرئيس عباس لا يتمتع بشرعية داخل الحركة في قطاع غزة، وأنه هدد العشرات بقطع رواتبهم إذا أعلنوا ولاءهم لدحلان، مضيفا، أن هذه الخطوة اتخذت سابقا بحق عشرات الموظفين العسكريين، لاتهامهم بالعمل لصالح دحلان، ما سبب خوفا لدى الكثيرين من هذه الخطوات، وفق قوله.
وبحسب القيادي، فإن الرئيس عباس يسعى لمنع فوز قيادات مقربة من دحلان في الانتخابات الداخلية وبالتالي وصولهم إلى قيادة الأقاليم، وتمثيلها في المؤتمر العام للحركة.
ويقول الكاتب هاني حبيب، إن الخلافات بين الرجلين ستستمر، لكونها تمثل ما وصفه بصراع "جيليْن" و"تياريْن"، مضيفا، "نتحدث عن جيل يمثله الرئيس عباس القائد العام لحركة فتح (80 عاما)، والثاني يقوده القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان (53 عاما)، ولكن من الواضح أن الرئيس عباس لن يسمح بتقوية تيار دحلان داخل حركة فتح، وهو يريد من المؤتمر السابع انتخاب قادة للحركة تمثل تياره وسياساته".
وفي الوقت الراهن، قد تشهد الساحة الداخلية في حركة فتح الكثير من التجاذبات السياسية والميدانية، بحسب حبيب الذي استدرك بالقول: "الرئيس عباس يعمل على إقصاء تيار دحلان بشكل كامل، من خلال جملة من القرارات السياسية والمالية تتيح له السيطرة المُطلّقة على حركة فتح".
ويريد دحلان أن يقوي نفوذه الداخلي، وبقوة، أمام الرئيس عباس، وأن يتحداه بما يتمتع به من نفوذ، كما يرى مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة.
ويضيف أبو سعدة، أنّ الخلافات بين الرجلين، ستزداد في الأيام المقبلة، خاصة مع ما تشهده الساحة الداخلية لحركة فتح من حراك لعقد مؤتمرها العام، مبينا، أن هناك تباينات كبيرة داخل حركة فتح، كما أنه لا يمكن إنكار تنامي نفوذ دحلان في قطاع غزة، ومن الواضح أن هذا التيار يحاول تقوية حضوره وهو ما لا يرغب فيه الرئيس عباس، وسيعمل على محاربته.
لكن أبو سعدة يستبعد أن ينجح الرئيس عباس في إقصاء تيار دحلان، مبينا، أن الأخير يستقوي بنفوذ عربي ودولي، إلى جانب ما يحشده من تأييد داخل الحركة.
ويسود خلاف حاد بين زعيم حركة فتح محمود عباس، ومحمد دحلان، الذي فُصل من حركة فتح في حزيران/ 2011، بعد تشكيل لجنة داخلية من قيادة الحركة، وجهت له العديد من التهم بينها قضايا فساد مالي، لكنه مازال يتمتع بنفوذ داخل الحركة لا يعرف مداه أو حجمه.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت عبد الستار قاسم، أن الخلاف بين الرجلين سيصل إلى ما وصفه بمرحلة "كسر العظم"، فالرئيس عباس يناور مؤخرا سياسيا ويسعى إلى خلق قيادة لا تخالفه في الرأي واتخاذ القرار، ومقابل ذلك يأتي "رد دحلان" الميداني المتمثل بإظهار مؤيديه خاصة في قطاع غزة.
وخلال شهر تموز الماضي، أعفى الرئيس عباس أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه من منصبه، وعين مكانه صائب عريقات، الذي شغل منصب كبير المفاوضين مع إسرائيل خلال العقدين الماضيين.
وأصدر دحلان إثر ذلك بيانا اتهم فيه أبو مازن بتنفيذ "انقلاب فعلي" للتخلص من قيود المؤسسات الوطنية والقضاء على ما تبقى من ضوابط العمل الفلسطيني، مضيفا، أن هذه "محاولة مكشوفة لتدمير أي إطار قيادي قادر على محاسبته وردعه"، وفق تعبيره.
ويقيم دحلان في الإمارات، ويقول مقربون منه إنه يتمتع بدعم مصر ودول الخليج، وكان لافتا تقديمه مؤخرا لمبالغ مالية كبيرة لمساعدة سكان قطاع غزة، خاصة ضحايا العدوان الإسرائيلي الأخير، فيما تترأس زوجته جليلة إحدى الجمعيات التي تعمل على تقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين، وتطلق مشاريع إغاثية لسكان قطاع غزة المحاصر.