شبكة قدس الإخبارية

"مأمن الله" وعظام شخصيات تاريخية دُنست لأجل التهويد

هيئة التحرير

القدس المحتلة – ترجمة قُدس الإخبارية: تواصل سلطات الاحتلال إقامة مشاريع ضخمة تشمل إسكانات ومتاجر وفنادق على أنقاض مقبرة "مأمن الله" التاريخية في القدس المحتلة، التي تعتبر واحدة من أكبر وأهم المقابر الإسلامية في الشرق الأوسط، حيث تضم قبورًا لصحابة وتابعين ومقاتلين في جيش صلاح الدين الأيوبي.

واستولى الاحتلال على المقبرة عند احتلاله لمدينة القدس عام 1948، وقبل سبع سنوات أثار الاحتلال جدلاً كبيرًا عندما وافق على إقامة "متحف التسامح" على قسم من المقبرة، وفقًا لتقرير نشره موقع "ميدل ايست آي" البريطاني، اليوم الأربعاء.

وينقل الموقع عن المتحدث باسم الحركة الإسلامية في الشمال زكي غبارية، أن المشروع الجديد يمثل امتدادًا لمتحف "التسامح" وسيؤدي لمزيد من تدنيس الموقع، مضيفًا، أن المشروع يأتي في سياق مواصلة الجهود للسيطرة على المقدسات الإسلامية في القدس، ومنوهًا، إلى أن المقبرة تهم العالم الإسلامي كاملاً وليس الفلسطينيين فحسب.

خطة المشروع الجديد تأتي في وقت أعلنت فيه الجامعة العربية عن عقد اجتماع طارئ الأسبوع المقبل، لمناقشة ما وصفه مسؤولون فلسطينيون بـ "تطورات خطيرة" في المسجد الأقصى، حيث أصيب 19 فلسطينيًا في المسجد بعد اقتحامه من قبل شرطة الاحتلال ووزير إسرائيلي (أوري أرئيل وزير الزراعة) لتأمين اقتحام مستوطنين.

ويشير الموقع إلى إن خطة البناء الجديدة على المقبرة التي صادقت عليها لجنة التخطيط المحلية في القدس هذا الشهر، تنص على بناء نحو 200 منزل بالإضافة لـ 480 غرفة فندقية ومحلات تجارية ومواقف سيارات.

عالم الآثار الإسرائيلي جدعون سليماني، قال إنه كان قد عمل في متحف التسامح لكنه منذ ذلك الحين أصبح من منتقدي نشاطات الاحتلال في المنطقة، مضيفًا، أن سياسة الاحتلال تهدف لتفكيك ما تبقى من التراث الإسلامي في القدس قطعة قطعة، لجعل المنطقة يهودية.

أما الباحث في معهد "فان لير" في القدس مئير مرغليت، فقد أكد أن أعمال التشييد ستبدأ على الأغلب العام المقبل، مشيرًا إلى أن المشروع أصلاً كان بناء قاعة محكمة، لكن رئيسة المحكمة العليا أبطلته بعد تعرضها خلف الكواليس لضغط كبير من جهات أوروبية رفضت البناء على مثل هذا الموقع الحساس.

وأضاف، أن المشروع الأصلي تحول إلى مشروع تجاري في نفس المكان، حيث سيكون من الصعب جدًا الضغط على المشاركين فيه للانسحاب منه.

ويوضح "ميدل ايست آي"، أن ما يسمى بـ "سلطة الآثار" أجرت قبل خمس سنوات أعمال تنقيب في فناء مدرسة في المنطقة، وذلك عند اقتراح مشروع المحكمة آنذاك، وقد كان هدف أعمال التنقيب هذه تحديد ما إذا كانت هناك قبور، لكن خمسًا من الحفريات الست التي أجريت أكدت وجود قبور وعظام، وقد حاولت البلدية إخفاء النتائج حينها.

أما ما يسمى بـ "متحف التسامح"، فقد وافقت المحكمة العليا على بنائه بعد أن أكد مسؤولون وجود عشرات المقابر فقط في الموقع كاملاً، لكن تحقيقًا أجرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كشف عن نبش 1500 قبر، والوصول إلى جماجم وعظام ونقلها في صناديق.

من جانبه، قال أستاذ الآثار في جامعة "تل أبيب" رافي غرينبرغ، أن الحفريات الجديدة التي كانت ستجري في موقع المدرسة، كانت ستؤدي لتدمير مئات القبور بطريقة مماثلة، مضيفًا، "المشكلة هنا هي أن لا أحد في المستوى الرسمي يظهر قلقًا بشأن حقوق الموتى وكرامتهم".

وأشار غرينبيرغ إلى تجاهل بلدية الاحتلال لاعتراضات المسلمين في القدس على هذه الأعمال، متسائلاً، "هل يمكننا أن نتصور حفر مقبرة يهودية في أوروبا دون أن يكون هناك أولاً مناقشة جادة جدًا مع الجالية اليهودية المحلية؟".

وتزعم بلدية الاحتلال في القدس، أنه في حال استمرار المشروع، فإن المقاول الذي سيحصل على حق الإنشاء في الموقع سيكون ملزمًا بأخذ أي حساسيات في الاعتبار، وفق زعمها.

خلال الشهر الجاري؛ كشف تقرير نشرته الأكاديمية الوطنية الإسرائيلية للعلوم، وأعده واحد من علماء الآثار في "إسرائيل"، عن صنع مسؤولين إسرائيليين ادعاءات كاذبة حول المواقع الأثرية خاصة في القدس، ويؤكد، أن علماء آثار إسرائيليين تآمروا لدفع أجندات سياسية وعملوا بالتعاون مع منظمات استيطانية.

ويكشف التقرير، عن معايير مزدوجة بخصوص الآثار في "إسرائيل"، فعندما يُتوقع أن تهدد الحفريات كشف بقايا يهودية تفرض عليها قيود شديدة، فيما يقول زكي اغبارية، إن الحركة الإسلامية وغيرها كانت تأمل في إقناع المحكمة العليا بمنع بناء متحف التسامح عام 2008، لكن بعد فشلها فإن الأمل الوحيد في الضغط الدولي للتأثير على "إسرائيل".

ويقول الموقع البريطاني، إن جهود وقف أعمال التهويد في مقبرة "مأمن الله" تراجعت إلى حد كبير، حيث اتخذت سلطات الاحتلال إجراءات صارمة على النشاط السياسي للفلسطينيين داخل القدس منذ عام 2000، فطردت قادة حماس من المدينة ومنعت أي أنشطة مرتبطة بالسلطة الفلسطينية.

ويقر النائب السابق لرئيس بلدية الاحتلال في القدس ميرون بنفستي، بأن العديد من المواقع الإسلامية في القدس تحولت على مر السنين إلى مقالب للقمامة ومواقف للسيارات وطرق ومواقع للبناء.

من جانبه، قال رامي نصرالله رئيس مركز التعاون (منظمة فلسطينية في القدس)، إن السياسة الإسرائيلية تجاه القدس منذ 48 عامًا وحتى الآن، وضعت لمحو الهوية الفلسطينية في القدس واستبدالها بهوية يهودية، مبينًا، أن التحدي يتمثل في كيفية وقف هذه السياسة التي فرضتها الدولة وأقرتها المحاكم.