شبكة قدس الإخبارية

عام على العدوان الثالث ضد غزة.. بعض ماسجلته الذاكرة

هيئة التحرير

غزة – قُدس الإخبارية: يصادف اليوم الثلاثاء (7/تموز) الذكرى الأولى لاندلاع العدوان الإسرائيلي الثالث على قطاع غزة، والذي استمر لـ 51 يومًا ليكون العدوان الأطول زمنيًا، وأول عدوان يعلنه جيش الاحتلال كحرب مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، مبررًا ذلك بالخسائر الجسيمة التي وقعت خلاله.

وقرر الاحتلال توجيه ضربة إلى قطاع غزة بزعم الرد على اختطاف ثلاثة مستوطنين في الضفة، تم الإعلان لاحقًا عن العثور عليهم مقتولين، وقد تزامن ذلك مع اختطاف مستوطنين للفتى محمد أبوخضير من شعفاط وإحراقه حيًا، ما تسبب بوقوع سلسلة من عمليات الطعن والدهس ومواجهات يومية عنيفة في القدس وضواحيها وكذلك بالضفة.

وتشير الإحصاءات الرسمية الفلسطينية إلى ارتقاء (2137) شهيداً وإصابة (11100) آخرين بجراح وإعاقات جزئية أو كاملة، فيما اعترف جيش الاحتلال بمصرع (67) جنديًا وإصابة العشرات بجروح وإعاقات، وقد كانت آخر الأرقام التي اعترف بها الاحتلال هي وجود 322 إعاقة دائمة بين جنوده المشاركين في العدوان.

مجازر

بدأت الحرب بمجزرة مروعة على شاطئ غزة، حيث استهدفت طائرات الاحتلال أربعة أطفال من عائلة بكر كانوا يلعبون كرة القدم على شاطئ المينا في غزة،  ليرتقي الأطفال الأربعة وهم، عاهد وزكريا ومحمد وإسماعيل شهداء على الفور، تحت أنظار الصحافة الأجنبية التي صورت الجريمة.

وخلال شهر حزيران الماضي، أغلق الاحتلال ملف هذه الجريمة دون إدانة أي من جنوده، وزعم بأنه لم يستطع الحصول على الإفادات الكاملة بسبب رفض فلسطينيين من القطاع الإدلاء بشهاداتهم له.

وتوالت بعد ذلك المجازر فلم يقل عدد ضحايا أغلب الغارات عن 8 أو 10 شهداء، فيما أفنت بعض المجازر عائلات كاملة مثل عائلة البطش التي فقدت 18 شهيدًا وعائلة أبو جامع التي فقدت 26 شهيدًا وعائلات أخرى.

كما أدت مجازر أخرى لتدمير مناطق كاملة واستشهاد أعداد كبيرة خلال ساعات قليلة، مثل مجزرة الشجاعية التي أودت بحياة 72 فلسطينيًا كان 80% منهم من النساء والأطفال، وقد تم ارتكابها فجر 20/تموز، ومجزرة رفح التي أودت بحياة 100 شهيد بينهم ثلاثة مسعفين.

ولم يسلم الصحفيون من اعتداءات الاحتلال المباشرة، حيث استشهد خلال العدوان سبعة صحفيين وأصيب 13 آخرين، كما قصف الاحتلال سيارة صحافة واستهدف 14 مقرًا إعلاميًا.

أسرى الاحتلال

المجازر المتعددة وأنواع السلاح الخطير والمدمر الذي استخدمه الاحتلال خلال العدوان، والذي قال جهات دولية مختصة إنه يعادل القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما في اليابان، هذه جميعًا تشير إلى ضراوة المعارك التي دارت بين المقاومة وجيش الاحتلال، والخسائر الفادحة التي تكبدها الاحتلال خلال فترة العدوان البري تحديدًا.

وتتمثل أبرز الضربات التي تلقاها الاحتلال في أسر المقاومة للجندي شاؤول أورون والتلميح لاحقًا إلى أنه مازال على قيد الحياة، رغم إصرار الاحتلال على الحديث عنه كقتيل لا كمفقود، وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على الجندي الآخر هدار غولدن الذي أعلن الاحتلال فقدانه ولم تكشف المقاومة مصيره.

كما تواصل المقاومة منذ العدوان التلميح إلى وجود عدد آخر من الأسرى، من خلال الكشف عن ما وصفته بـ "الصندوق الأسود" ونشر منشورات ولافتات تلمح إلى وجود عدد من الأسرى، بالإضافة لجثث جنود قتلوا وتم احتجازهم لدى المقاومة، وهو ما اعترف الاحتلال به صراحة.

لكن المقاومة تصر في الوقت ذاته على عدم تقديم أي معلومة مجانية للاحتلال، وتأجيل الحديث عن أي أرقام للأسرى الموجودين لديها ومصير كل منهم، إلى حين يدفع الاحتلال ثمن ذلك، فيما يواصل الاحتلال استنفار كافة وسائله الاستخبارية محاولاً الوصول إلى معلومات حول مواقع إخفاء جنوده لعدم دفع أي ثمن للمقاومة.

عمليات نوعية

خلال عام مضى، تناولت وسائل إعلام الاحتلال العديد من شهادات ضباط وجنود شاركوا في الحرب ونجوا من الموت المحقق فيها، وقد اعترف هؤلاء بأنهم واجهوا مقاومة شرسة وسقطوا في كمائن متنوعة.

لواء "غولاني" الذي يعتبر أحد ألوية النخبة في جيش الاحتلال، سقط فريسة لكمين نوعي نفذته المقاومة في بداية العدوان البري، انتهى بمصرع 13 جنديًا من اللواء، وإصابة آخرين كان بينهم قائد اللواء غسان عليان.

وتعتبر عملية "زيكيم" التي نفذتها المقاومة واحدة من أكثر العمليات تعقيدًا وبسالة خلال العدوان، حيث نجح أربعة مقاتلين من الكوماندوز في التسلل إلى القاعدة عبر البحر، وخاضوا اشتباكًا استمر لعدة ساعات، انتهى بالإعلان عن استشهادهم جميعًا، لكن ضابطًا لدى الاحتلال اعترف مؤخرًا بأن أحد المهاجمين أصيب ولم يستشهد، دون أن يكشف عن مصيره.

وبالإضافة للأسلوب النوعي في هذه العملية والخسائر التي تكبدها الاحتلال ومنها تفجير دبابة، فإن هذه العملية وضعت الناطق بلسان جيش الاحتلال أفخاي أدرعي في موقف محرج، بعدما نشر فيديوهات تشير إلى استشهاد المقاومين فور وصولهم البر، قبل أن يتم اكتشاف زيف هذه الفيديوهات ويتبع ذلك تسريب فيديوهات تؤكد اقتحامهم القاعدة وتكبيدهم الاحتلال خسائر كبيرة، ما شكل فضيحة حقيقية لأدرعي وأكاذيبه.

كما أظهرت عملية "ناحال عوز" جانبًا آخر من بسالة المقاومة، حيث نجح مقاتلون في اقتحام القاعدة وقتل الجنود الذين اختبأ بعضهم ولم يحاولوا إطلاق النار على المهاجمين حتى لا يتم اكتشاف أماكن اختبائهم، وقد صورت المقاومة هذا الهجوم وبثته ليشكل فضيحة أخرى لجيش الاحتلال.

ومما تجدر الإشارة إليه في المعارك البرية خلال العدوان، التنسيق العالي الذي تم الكشف عنه بين أذرع المقاومة، ومن ذلك نجاح عناصر من سرايا القدس في تخليص عناصر من كتائب القسام من كمين نصبه جيش الاحتلال لهم، بالإضافة لعمليات إطلاق صواريخ بشكل مشترك.

وبالإضافة للهجمات التي نفذها عناصر المقاومة على ألوية وقواعد لجيش الاحتلال، فإن المقاومة قطعت شوطًا جديدًا في قصف المدن الفلسطينية المحتلة عام 1948، حيث وصل القصف في هذا العدوان إلى حيفا والقدس وتسبب بتعطيل الحركة في مطار "بن غوريون" في اللد، بالإضافة لتحويل "تل أبيب" إلى "مدينة أشباح" كما وصفها إعلام الاحتلال.

يذكر أن المعارك انتهت بعد تهدئة مقترحة من الجانب المصري، على أن يتبعها حوارات لتثبيت التهدئة مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة وبناء ميناء ومطار وفقًا لما طلبت المقاومة، إلا أن هذه الحوارات توقفت منذ بدايتها بعد أن تذرعت مصر بسوء الأوضاع الأمنية لديها.